أكاديمية "سوا" للمتاحف.. عين على الثقافة العربية والألمانية

أكاديمية علم المتاحف "سوا" تعد أول برنامج نظامي يهدف إلى بناء قدرات الطواقم العاملة في المتاحف في ألمانيا والعالم العربي على حد سواء.

قواسم مشتركة عديدة تكاد تجمع بين مدينتي الشارقة الإماراتية وبرلين الألمانية، فبجانب امتلاكهما إرثاً حضارياً وانسانياً كبيراً، فهما تعدان حاضنتين للكثير من المتاحف التي تعد قاسماً مشتركاً رئيسياً بينهما.

الزائر لمدينة برلين، لا بد له أن يمر على جزيرة المتاحف الواقعة في قلب العاصمة الألمانية، وتضم بين جنباتها 5 متاحف رئيسية تعد من أجمل متاحف العالم، تشكل جزءاً يسيراً مما تمتلكه المدينة التاريخية من متاحف متخصصة.

أيضاً لا يمكن لزائر إمارة الشارقة أن يغادرها دون المرور بمتاحفها المتعددة، وعلى رأسها متحف الحضارة الإسلامية الذي يضم بين جنباته مجموعة كبيرة من المقتنيات الأثرية التي تكشف عن مدى عمق الحضارة الإسلامية وحضورها في المشهد الإبداعي العالمي.

المسافة بين المدينتين لم تمنع الهيئات المسؤولة عن المتاحف من التعاون معاً في سبيل تطوير العمل المتحفي، وتأهيل العاملين فيها من خلال أكاديمية علم المتاحف "سوا"، والتي تعد أول برنامج نظامي يهدف إلى بناء قدرات الطواقم العاملة في المتاحف في ألمانيا والعالم العربي على حد سواء، وهي مخصصة لطلبة دراسات المتاحف والشباب المتخصصين في علم المتاحف من المنطقة العربية وألمانيا.

أكاديمية علم المتاحف "سوا" التي يشارك في رعايتها كل من هيئة الشارقة للمتاحف، وهيئة متاحف برلين الحكومية ومؤسسة التراث الثقافي البروسي، ومعهد جوته منطقة الخليج، إلى جانب جامعة العلوم التطبيقية في برلين، تسعى من خلال تنظيم الزيارات المتبادلة بين برلين والشارقة إلى تبادل الأفكار والدراسات الخاصة بالمتاحف؛ حيث يصب ذلك في إطار تشجيع التعلم مع ومن الآخر.

هذا إلى جانب قدرته على إتاحة الفرصة للتعرف على الثقافات الأخرى؛ حيث يشكل البرنامج نظرة خاصة على الثقافة العربية والألمانية، بهدف معرفة القواسم المشتركة فيما بينها، لا سيما فيما يتعلق بالمتاحف؛ حيث تمتلك متاحف برلين العديد من المقتنيات الأثرية التي تتصل بالحضارات الإنسانية التي مرت على المنطقة العربية، وعلى رأسها بوابة عشتار العراقية. 

إنشاء الأكاديمية جاء بهدف تأهيل الراغبين بالتعرف على المجالات التشغيلية الواسعة التي تغطيها المتاحف، وبلا شك أن طبيعة تصميم البرنامج، يكشف عن مدى قدرته على دعم استمرار التعليم المشترك في مجالات المتاحف المختلفة، علماً أن تقديم البرنامج يتم تحت إشراف فريق من الخبراء في الإمارات وألمانيا، مع مراعاة طبيعة اختلاف الممارسات في المتاحف المحلية الواقعة في الشارقة وبرلين؛ حيث يسهم ذلك في رفع المهارات المتعلقة بعلم المتاحف وإدارتها في جميع المجالات. 

تبادل الزيارات بين الشارقة وبرلين في هذا البرنامج بدأ العام الماضي، وساعد ذلك في التمهيد لفتح حوارات مختلفة بين الطواقم العاملة في متاحف الشارقة وبرلين، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على طبيعة العمل فيها.

وبحسب ما يشير إليه القائمون على الأكاديمية، فإن برنامج "سوا" سيبدأ تقديم دورة مكثفة تنطلق خلال الفترة من 15 حتى 25 سبتمبر/أيلول المقبل في الشارقة، على أن تليها دورة أخرى لمدة 10 أيام في برلين خلال الفترة من 8 حتى 16 يناير/كانون الثاني 2020، علماً أن الدورة الواحدة تضم 16 مشاركاً، نصفهم من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والنصف الثاني من ألمانيا. 

دورات البرنامج خلال انعقادها ستسلط الضوء على محاور كثيرة، لعل أهمها طبيعة استراتيجية الاشراف على المتاحف، وطرق الجمع والتوثيق سواء تلك المتعلقة بالماضي أو الحاضر، إلى جانب المقارنة مع المتاحف المحلية والعالمية، والاطلاع على التفاصيل الخاصة في كل واحدة منها، كما ستتناول المحاور عمليات التقييم الفردي والمشترك لمقتنيات المتاحف، وكيفية جذب الجمهور لزيارتها.