إليك الحقيقة.. الخبر اليقين عن "الكائنات الفضائية" تحمله المناطيد
منذ أيام والتكهنات لا تهدأ، والتساؤلات في سوق الحيرة ترتفع أسهمها ارتفاع المناطيد الهوائية حول وجود "كائنات فضائية"، وأجسام من خارج الكوكب.
لكن بعد ما هدأت الأصوات جاء الخبر اليقين؛ إذ لا وجود لكائنات فضائية تحوم في أجواء أمريكا الشمالية، وما أسقطته الطائرات العسكرية الأمريكية مؤخرا ليس إلا مناطيد هوائية مجهولة المصدر، وتتهم واشنطن بكين بإطلاقها لغرض التجسس، وفقا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وهو نفس التوجه الذي سارت عليه المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، التي أجابت عن الأسئلة والمخاوف بشأن هذا الأمر بالقول إنه "لا يوجد أي مؤشر على كائنات فضائية (أو) نشاط خارج كوكب الأرض".
ماذا في السماء؟
وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى الجسم الذي تم إسقاطه قبالة الساحل الشرقي في 4 فبراير/شباط على أنه بالون مراقبة، في حين الثلاثة الأخرى التي تم إيقافها في 10 و11 و12 فبراير/شباط، تمت الإشارة إليها بأنها أجسام مجهولة كانت تتحرك ببطء في السماء على نفس الارتفاع الذي تحلق فيه الطائرات تقريبا.
لكن لا يعني ذلك أن المسؤولين يرجحون أن تلك الأجسام غير قابلة للتفسير بطبيعتها أو حتى مرتبطة بـ"الظواهر الجوية المجهولة" التي لوحظت في السابق – والتي من غير المرجح أيضًا أن تكون من خارج كوكب الأرض.
واستخدم مسؤولان أمريكيان كبيران على الأقل كلمة "بالون" لوصف هؤلاء الدخلاء، غير أن الموقف الرسمي للبنتاغون هو الابتعاد عن ذلك التوصيف. ويعمل المسؤولون حاليا على استعادة أجزاء من الثلاثة أجسام للوقوف على الغرض منها.
وذكرت "سي إن إن" أن المجال الجوي الأمريكي ليس بغريب على الأجسام الضخمة بطيئة الحركة، لافتة إلى أن البالونات ذات الارتفاعات العالية استخدمت في مجموعة كبيرة من الأغراض المصرح بها في القطاعين العام والخاص، مثل مراقبة الطقس، والتقاط صور واضحة للكون، وإجراء تجارب علمية، واختبار تكنولوجيا رادار جديدة.
ويطلق خبراء الأرصاد الجوية المناطيد عالية الارتفاعات من الولايات المتحدة عشرات المرات في اليوم. وعلاوة على ذلك، تنشر مناطيد الطقس مرتين في اليوم، يوميا، في نفس الوقت بدءا من 9:00 بتوقيت محل الإطلاق.
ويمكن حتى للأشخاص العاديين، إطلاق البالونات عالية الارتفاعات الخاصة بهم للأغراض البحثية، أو التعليمية، أو حتى الترفيهية.
وفي السطور التالية، نلقي نظرة على عمل البالونات عالية الارتفاعات، والأغراض التي تستخدم بها:
أجسام مجهولة وبالون "ضال"
أثارت الأحداث التي وقعت الأسبوعين الماضيين حديثا واسعا عن حملة مشتبه فيها من جانب الصين لاستخدام المناطيد عالية الارتفاعات للاستطلاع.
ومن الممكن أن مسؤولين حكوميين في الصين جربوا استخدام المراكب الجوية، بدلا من الاعتماد على أقمار التجسس الصناعية الفضائية ((التي يوجد الكثير منها من الولايات المتحدة والصين ودول أخرى)؛ لأن المناطيد تحلق على ارتفاع أقرب للأرض، وتقدم صورا وبيانات بجودة أعلى، بحسب ما قاله جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي، خلال إحاطة بالبيت الأبيض قبل يومين.
وأضاف كيربي أن الحملة الصينية المزعومة ليست جديدة، ومن المحتمل أننا سمعنا المزيد من تلك الأجسام الآن فقط بسبب تحسن قدرة الجيش على رصدها وتتبعها.
وزعمت الصين أن منطاد التجسس المشتبه فيه كان بالون طقس انحرف عن مساره، وهي رواية يقول المسؤولون الأمريكيون إنها غير صحيحة. ولم تتبن أي دولة المسؤولية عن الأجسام الثلاثة الأخرى.
ماذا نعرف عن البالونات عالية الارتفاع؟
هناك عدة تكوينات وأنواع مختلفة للبالونات عالية الارتفاعات، لكن جميعها تعمل باستخدام نفس المبادئ. قبل الإطلاق، يملأ البالون جزئيا بالغاز، مثل الهيدروجين أو الهيليوم. وبعد إطلاقه، عندما يرتفع، يتمدد الغاز وينفخ البالون بالكامل.
وتكون الأداة العلمية – التي تسمى المسبار اللاسلكي – مرتبطة بمظلة بالون الطقس وتعود إلى الأرض بمجرد استكمال المهمة، وفقا للخبراء.
وتقول وكالة ناسا على موقعها الإلكتروني أيضًا أنها تستخدم طائرة مطاردة لتتبع البالونات أثناء هبوطها للتأكد من سقوطها بأماكن آمنة.
لم القلق؟
وفي الولايات المتحدة، عندما تستخدم البالونات في أغراض مصرح بها، توافق إدارة الطيران الفيدرالية على إطلاقها سلفا، فيما يمكن للوكالة بعد ذلك إصدار إشعار إلى المهمة الجوية "نوتام"، والتي تنبه الطيارين بأن المجال الجوي مقيد حول المنطقة التي سيرسل إليها البالون. وتحدث عملية مشابهة في كل مرة يتم فيها إطلاق الصواريخ إلى الفضاء.
وعادة ما تحلق مناطيد الطقس والأبحاث على ارتفاع أكثر من 100 ألف قدم (30.480 مترا)، أعلى من الارتفاع الذي تحلق فيه الطائرات التجارية.
وأحد الأسباب التي جعلت الأجسام التي تم إسقاطها نهاية الأسبوع مقلقة للغاية، أنها كانت تحلق على ارتفاع ما بين 20 ألف و40 ألف قدم، بحسب كيربي، وكان يمكن أن تشكل خطرا على الطائرات.
وتاريخيا، استخدم الباحثون البالونات لاستكشاف الغلاف الجوي العلوي للأغراض العلمية منذ أواخر القرن التاسع عشر، وسعت بعض الرحلات الأولى لدراسة موضوعات مثل أنماط الطقس والأشعة الكونية.
ومن ذلك، توسعت الأبحاث لتشمل "أخذ عينات من الهواء لرصد الانفجارات الذرية، ورحلات التصوير فوق التضاريس الأجنبية، والرصد الفلكي فوق اضطرابات طبقة التروبوسفير، وحتى الاختبار الديناميكي الجوي لحمولات السقوط الحر."
ولم تتوقف الأبحاث قط، حتى مع ظهور طرق جديدة لإجراء تجارب على الغلاف الجوي العلوي. ويرجع ذلك إلى أن البالونات تقدم مزايا فريدة؛ حيث لا تعيق البيئة المحيطة بها، وتتعامل بسلاسة مع الأدوات العلمية، ويمكنها التحليق في المكان لفترة طويلة، وتكلفتها أقل من الصواريخ.