سريلانكا تجذب رياح اليسار.. «فوز رئاسي» وسط عاصفة يمينية
في عالم، تدفعه رياح قوية نحو اليمين؛ وفي حالات متكررة نحو أقصى اليمين، يحقق اليسار بعض القفزات المنفردة في بلدان معينة.
وفي أحدث هذه القفزات، أعلنت السلطات في سريلانكا، فوز زعيم الائتلاف اليساري أنورا كومارا ديساناياكا، الأحد، في الانتخابات الرئاسية بعد عامين من أزمة مالية غير مسبوقة عصفت بالبلاد.
وبعد انتهاء فرز الأصوات، حصد المرشح الماركسي ديساناياكا 42,3% من الأصوات، حسبما أعلنت اللجنة الانتخابية على موقعها الإلكتروني.
وحل زعيم المعارضة ساجيث بريماداسا في المركز الثاني بحصوله على 32,76 بالمئة من الأصوات، فيما حل الرئيس المنتهية ولايته رانيل ويكريميسينغه (75 عاما) في المركز الثالث بحصوله على 17,27 بالمئة.
وكتب ديساناياكا على منصة "إكس" بعد إعلان فوزه "هذا النصر هو نصرنا جميعا (...) معا نحن مستعدون لإعادة كتابة تاريخ سريلانكا".
ومن المقرر تنصيب الرئيس الجديد رسميا صباح اليوم الإثنين، بحسب اللجنة الانتخابية.
"وعود"
وأقر الرئيس المنتهية ولايته مساء الأحد بهزيمته، وقال في تصريح "بكثير من المحبة والاحترام لهذه الأمة التي أقدرها، أضع مستقبلي بين يدي الرئيس الجديد".
وقبل إعلان فوزه، أعلن ديساناياكا الأحد أنه لن "يمزق" خطة الإنقاذ الموقعة مع صندوق النقد الدولي في العام 2023 بعد مفاوضات طويلة والبالغة قيمتها 2,9 مليار دولار.
فيما قال بيمال راتناياكي عضو المكتب السياسي في حزب "جبهة تحرير الشعب" اليساري لوكالة "فرانس برس": "لن نلغي خطة صندوق النقد الدولي (...) رغبتنا هي التعاون مع صندوق النقد الدولي وإدخال تعديلات معينة".
وخلال حملته، دان ديساناياكا الزعماء "الفاسدين" المسؤولين في نظره، عن الفوضى التي حدثت عام 2022، ووعد بتخفيض الضرائب والرسوم على المنتجات الغذائية والأدوية لتأثيرها على السكان.
وفي نيودلهي، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، مساء الأحد، عبر منصة "إكس"، إنه يأمل في التعاون "بشكل وثيق" مع الرئيس الجديد للدولة الجارة.
"بذلت ما في وسعي"
في العام 2022، شهدت سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، أدت إلى احتجاجات في الشوارع إلى الإطاحة بالرئيس آنذاك غوتابايا راجاباكسا الذي حاصر متظاهرون غاضبون قصره واقتحموه شاكين من التضخم ونقص الإمدادات. وفي النهاية، اضطر الرئيس السابق إلى الفرار من البلاد.
وخلفه ويكريميسينغه الذي قاد سياسة تقشف قاسية وزاد الضرائب وخفض بشكل جذري الإنفاق العام.
وتمكّن الرئيس المنتهية ولايته خلال العامين اللذين أمضاهما في منصبه من إعادة الهدوء إلى الشارع.
لكن خطة الإنقاذ تركت ملايين السريلانكيين يكافحون من أجل العيش. وأكد البنك الدولي أن بداية التعافي في سريلانكا أدت إلى زيادة نسبة الفقر، الذي بات يطاول حاليا أكثر من ربع السكان البالغ عددهم 22 مليون نسمة.
وقال الرئيس المنتهية ولايته مساء الأحد، إن "التاريخ سيحكم على جهودي ويمكنني القول بثقة إنني بذلت ما في وسعي لإعادة الاستقرار إلى البلاد".
وشهدت الانتخابات نسبة مشاركة مرتفعة بلغت حوالى 76 بالمئة بحسب لجنة الانتخابات.
وعبّر العديد من الناخبين في العاصمة كولومبو وضواحيها السبت، عن استيائهم وتعبهم من القيود المستمرة منذ عامين.
قفزات يسارية
ويعد فوز اليسار في الانتخابات في سريلانكا، حلقة جديدة في قفزات تسارية وسط رياح يمينية قوية؛ قادت أحزاب اليمين وأقصى اليمين إلى تحقيق انتصارات انتخابية قوية، خاصة في هولندا وألمانيا، وانتخابات البرلمان الأوروبي بدول عدة.
ومن بين القفزات اليسارية، تحقيق تحالف الجبهة الوطنية اليساري في فرنسا، فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية في يوليو/تموز الماضي، بعد أن قلب تقدم أقصى اليمين في الجولة الأولى وحرم الأخير من لحظة استثنائية.
كما حقق حزب العمال فوزا كاسحا في بريطانيا في يوليو/تموز الماضي، ليحكم البلاد منفردا في الولاية التشريعية الحالية.