سريلانكا "جزيرة الدم".. خريطة تمزقها صراعات دينية وعرقية
استيقظت سريلانكا على 6 تفجيرات متزامنة، لحقها تفجيران آخران، في 4 كنائس و3 فنادق فاخرة تزامنا مع عيد القيامة، ما أسفر عن مقتل 180 شخصا
سنوات طويلة قطعتها سريلانكا، تلك الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، في محاولات لجمع خريطتها الممزقة بين جبهة نمور التاميل وحكومة البلاد من جهة، ومواجهات دامية بين البوذيين والمسلمين من ناحية أخرى.
واستيقظت الدولة الجنوب آسيوية على 6 تفجيرات متزامنة، لحقها تفجيران آخران، في 4 كنائس و3 فنادق فاخرة بالعاصمة كولومبو في عيد القيامة، الأحد، ما أسفر عن مقتل نحو 180 شخصا وإصابة أكثر من 400، في حدث لم تشهد البلاد مثيلا له منذ انتهاء الحرب الأهلية قبل 10 أعوام.
وفي عام 2009، أعلنت الحكومة السريلانكية، انتهاء الحرب الأهلية الانفصالية الطويلة، بقيادة ما عرف بجبهة تحرير نمور التاميل "إيلام"، بعد نجاح جيش البلاد في القضاء عليها وقتل قائدها في مايو/أيار 2009.
تعود جذور الحرب الأهلية السريلانكية، إلى عام 1983، حين دار نزاع مسلح إثر تمرد متقطع ضد الحكومة من قبل نمور التاميل، سعياً من المجموعة المسلحة إلى إنشاء دولة تاميلية مستقلة تسمى (إيلام تاميل) في شمال وشرق الجزيرة.
وبعد 26 عاما من المواجهات العسكرية، قدرت الأمم المتحدة ضحايا هذه الحرب بـ40 ألف قتيل، بينما تحدثت تقارير مستقلة عن 100 ألف ضحية.
وأمام الأساليب المستخدمة من قبل نمور تحرير إيلام تاميل ضد القوات الحكومية، اتجهت 32 دولة إلى تصنيفها كمنظمة إرهابية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وكندا، والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ومع تزايد الهجمات الإرهابية في البلاد، فرضت السلطات في سريلانكا، اليوم، حظراً للتجوال بأثر فوري بعد تفجير ثامن ضرب العاصمة المنكوبة في احتفالاتها بعيد القيامة.
كما دعا رئيس الوزراء في سريلانكا رانيل ويكرمسينغ إلى اجتماع لمجلس الأمن الوطني في مقره في وقت لاحق اليوم.
وفي خضم الأزمة التي مرت بها البلاد، حاول الجيش الهندي التدخل، عبر قوات لحفظ السلام، خلال الفترة من عام 1987 إلى 1990، غير أن الخطوة انتهت بالفشل، إلى أن تم الإعلان عن توقيع اتفاق وقف لإطلاق النار في ديسمبر/كانون الأول 2001، برعاية أممية.
لكن اتفاق وقف إطلاق النار لم يصمد طويلا، ليعود القتال في 2006، ثم تعلن الحكومة بعدها بعامين الانسحاب من الاتفاق الأممي متهمة "التاميل" بانتهاكه 10 آلاف مرة، واستمرت الاشتباكات بين فترة، وأخرى حتى اعترفت قيادة التنظيم بالهزيمة في 17 مايو/أيار 2009.
وأعادت التفجيرات الثمانية في العاصمة كولومبو في عيد القيامة، اليوم الأحد، للأذهان الأحداث العنيفة التي وقعت نتيجة اشتباكات بين متطرفين من الغالبية البوذية والأقلية المسلمة في بلدة جينثوتا الساحلية بجنوب سريلانكا، نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
حينها، أرجعت الشرطة السريلانكية الاشتباكات التي وقعت بين البوذيين والمسلمين إلى شائعات ورسائل كاذبة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مفادها أن مسلمين كانوا على وشك تنفيذ هجوم على معبد بوذي، ما دفع السلطات إلى اعتقال 19 شخصاً بعد إصابة 4 مدنيين.
ويشكل البوذيون نحو 70% من السكان في سريلانكا البالغ عددهم 21 مليون نسمة، بينما يشكل الهندوس 12%، ثم المسلمون نحو 10% فقط، وأخيراً المسيحيون 7%.
وسيطرت مشاعر من الصدمة والحزن على السريلانكيين في احتفالاتهم بعيد القيامة المجيد، الأحد، أظهرتها لحظات بكاء قساوسة ورجال دين مسيحيين عقب سلسلة التفجيرات الإرهابية التي استهدفت كنائس بالعاصمة كولومبو.
ومنذ عام 2017، شهدت الجزيرة عشرات الهجمات التي نفذها بوذيون على مسلمين، تضمنت إحراق شركات خاصة بهم، وهجمات بقنابل بنزين على المساجد، وفي عام 2014 أسفرت أحداث شغب أججتها جماعات بوذية متشددة عن مقتل 3 مسلمين.