صحوة أوروبية بملف الإخوان.. 7 دول على طريق المكافحة

في قلب أوروبا، تتنامى المخاوف من شبكة عابرة للحدود ترى فيها بعض الحكومات تهديدا صامتا يتسلل إلى عمق المجتمعات.
إنه تنظيم الإخوان الإرهابي الذي نسج خيوطه لعقود في المجتمعات الأوروبية، مستغلا استراتيجيات التغلغل الصامت، والخداع، لتثبيت أقدامه، لكن يبدو أن اللعبة تنقلب عليه في الوقت الحالي.
فسويسرا وألمانيا هما أحدث الدول الأوروبية التي أعرب سياسيون فيها عن مخاوفهم بشأن نفوذ جماعة الإخوان وامتدادها، بعد أن بدأت فرنسا مسار مكافحة ضد الجماعة وأذرعها.
مطالبات في سويسرا
وشهدت الأسابيع الأخيرة مطالبة السياسية السويسرية البارزة جاكلين دي كواترو، بإجراء تحقيق على غرار التحقيق الفرنسي في التهديد الذي تشكله جماعة الإخوان.
فإلى جانب مجموعة واسعة من النواب السويسريين المنتخبين، طالبت جاكلين دي كواترو، بتحقيق رسمي معمق، مماثل للتحقيق الذي أجرته الحكومة الفرنسية مؤخرا، بحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في موقع "التقرير السياسي للاتحاد الأوروبي".
وقالت دي كواترو: "يمثل الإخوان المسلمون تهديدا حقيقيا. إذا أردنا منعهم من ترسيخ وجودهم في بلدنا كما فعلوا في فرنسا، فعلينا التحرك بسرعة”.
وأضافت: "في فرنسا، دأب الإخوان على بناء شبكة قوية لسنوات تهدف إلى تطبيق الشريعة الإسلامية. لقد تسللوا إلى المدارس والأوساط الاجتماعية والإنسانية، وكذلك إلى العالم الثقافي. ويمتد نفوذهم إلى جميع قطاعات الحكومة. يجب ألا يحدث مثل هذا الوضع أبدا في سويسرا".
ويتضمن طلب دي كواترو أن يوثق المجلس الفيدرالي السويسري وجود هذه الشبكات، بالإضافة إلى هيكلها، وتأثيرها الأيديولوجي والاجتماعي، وتوافقها - أو عدم توافقها - مع المبادئ الدستورية السويسرية.
بالنسبة لـ"دي كواترو" وائتلافها من السياسيين السويسريين، من شأن تحقيق موضوعي ومتعمق أن يوفر أساسا قيّما لاعتماد تدابير متماسكة ومتناسبة لمواجهة تهديد الإخوان.
"أخطر من داعش"
وتقف جماعة الإخوان في ألمانيا على شفا ضربة قاصمة جديدة، إذ تستعد الحكومة لتنفيذ واحد من أهم تعهداتها في اتفاق الائتلاف الحاكم، عبر إعداد خطة عمل فيدرالية لمكافحة الإسلام السياسي.
ووفق مصادر تحدّثت لـ"العين الإخبارية"، فإن الحكومة الألمانية تستعد لتدشين دراسة داخلية تتضمّن حوارًا مع أطراف مختلفة، بهدف وضع خطة العمل الفيدرالية لمكافحة الإسلام السياسي.
ومن المنتظر أن تتناول الخطة الجديدة، وفق المصادر، جميع جوانب الظاهرة، من التمويل إلى الدعاية والتجنيد، والشراكات مع المؤسسات الحكومية في قطاعات التعليم والثقافة.
وقبل أيام، عبّر كريستوف دي فريس، وزير الدولة في وزارة الداخلية الاتحادية (BMI)، في تصريحات صحفية، عن أمله في أن تبدأ عملية وضع خطة العمل الفيدرالية في الخريف المقبل.
في السياق ذاته، نقل موقع "ُEU Political Report"، ومقره بروكسل، عن السياسي والخبير الأمني الألماني مصطفى العمار، قوله إن ألمانيا ارتكبت خطأً فادحا بالسماح للجماعات والأيديولوجيات والأحزاب السياسية الإسلامية بالنمو إلى ما وصفه بـ"المستوى الجنوني".
وأشار العمار إلى أن جهاز المخابرات الفيدرالي الألماني خلص إلى أن "جماعة الإخوان أخطر من داعش".
ويرى الخبير الأمني نفسه أن هدف الإخوان في ألمانيا وأوروبا هو "زعزعة استقرار الدولة والتأثير على صنع القرار، وأن هذا مرتبط بأهداف عالمية أخرى تتخذ من أوروبا منصة انطلاق لها".
توافق أوروبي
وخلال هذا الصيف، وُثقت المخاوف الفرنسية بشأن جماعة الإخوان، وتزايدت الإجراءات الحكومية بدءا من نشر تحقيق، وصولا إلى صياغة التشريعات.
وأمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحكومة بوضع مقترحات لمعالجة نفوذ جماعة الإخوان وانتشار الإسلام السياسي في فرنسا.
وجاء هذا الإعلان من الرئاسة الفرنسية بعد أن ترأس ماكرون اجتماعا أمنيا لبحث التحقيق المتعمق الذي أفاد بأن جماعة الإخوان تشكل تهديدا للتماسك الوطني في فرنسا.
وحدد التحقيق "اتحاد مسلمي فرنسا" باعتباره الجهة الفاعلة الرئيسية لجماعة الإخوان في فرنسا، وذكر أنه يسيطر على 139 مكان عبادة. ويدير الاتحاد 280 جمعية رياضية وتعليمية وخيرية، و21 مدرسة.
وفي مواجهة التهديد، أقر مجلس الدفاع الفرنسي إجراءات أبرزها؛ توسيع صلاحية الحل الإداري لتشمل "صناديق التمويل" والجمعيات المموَّلة، وآلية جديدة لإجبار الجمعيات المُنحلة على التنازل عن ممتلكاتها للدولة، وكذلك تجميد أصول الكيانات المتورطة في اختراق مؤسسات الدولة، ومراجعة شاملة لبرامج تعليم اللغات الأجنبية (EILE) وعقود الالتزام الجمهوري.
كما شملت الإجراءات توعية شاملة موجهة للهيئات الأوروبية والمنتخبين والموظفين العموميين حول أساليب التغلغل الإخواني.
وفي هذا الصدد، لفت موقع "التقرير السياسي للاتحاد الأوروبي" إلى أن أجهزة الاستخبارات في جميع أنحاء القارة يبدو أنها تتفق مع الأدلة الواردة في تقرير الحكومة الفرنسية.
إذ فصّل تقرير نشرته جامعة "جورج واشنطن" في الولايات المتحدة مخاوف أجهزة الأمن في سبع دول أوروبية، هي النمسا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وهولندا وإسبانيا والسويد، بشأن عمليات الإخوان في التكتل.
ويخلص إلى أن جميع أجهزة الأمن الأوروبية، دون استثناء، تتبنى نظرة سلبية للغاية تجاه الإخوان في جميع أنحاء القارة.
ومما يثير القلق بشكل خاص "الشبكة الواسعة والمتطورة المرتبطة بالإخوان والتي تعمل سرا في أوروبا، على المستويين الوطني والأوروبي. بحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في موقع "التقرير السياسي للاتحاد الأوروبي".
من النمسا إلى بلجيكا
وكانت النمسا بدأت في 2020، حملة مكثفة ضد الإخوان، عبر مداهمة أمنية لمقرات وشخصيات تدير العديد من الجمعيات النشطة في شبكة الإخوان، فضلا عن تأسيس مركز توثيق الإسلام السياسي الذي يتولى توثيق وفحص أنشطة الجماعة وغيرها من تنظيمات الإسلام السياسي.
وفي بلجيكا، كشفت السلطات مؤخرا، أن جهاز أمن الدولة كان قد وجه تحذيراً مبكراً في عام 2020 إلى فيدرالية والونيا-بروكسل، بشأن ارتباط محتمل بين جماعة الإخوان وجمعية بلجيكية تُدعى «التجمع من أجل الإدماج ومناهضة الإسلاموفوبيا في بلجيكا (CIIB)»، بالتزامن مع طلب الأخيرة الحصول على دعم مالي من الدولة.
جاء الكشف عن ذلك، الشهر الماضي، بعد تسريب تقارير استخباراتية تشير إلى أن الجمعية تمثل «جماعة ضغط ذات توجه إخواني»، وأنها تروّج لأفكار مستوحاة من أيديولوجية الجماعة التي تُصنّفها عدة دول كـ«تنظيم متطرف»، بحسب صحيفة «لا ليبر» البلجيكية.
من جانبه، أبدى النائب عن حزب الحركة الإصلاحية (MR)، دينيس دوكارم، استياءه الشديد من تساهل السلطات، قائلاً: "من غير المقبول أن يتم تمويل جمعية بهذا الحجم رغم التحذيرات الواضحة من الاستخبارات. نحن نتحدث عن 300 ألف يورو من المال العام أُنفقت على كيان مشبوه"، بحسب صحيفة "لا ليبر" البلجيكية.
وطالب دوكارم بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية، معتبرًا أن هذا "ملف يمسّ الأمن القومي والثقة في مؤسسات الدولة".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز