جنوب السودان 2021.. سلام مهدد وأطراف تشغلها السلطة
رغم حالة التفاؤل الحذر التي كانت قد سادت الشارع في دولة جنوب السودان بعد تكوين الحكومة الانتقالية في العام الماضي
إلا أن جميع التوقعات والآمال المنشودة في السلام والاستقرار لم تتحقق بعد على مدى عام كامل.
وخلال العام 2021، لم تتمكن أطراف اتفاقية السلام في الحكومة والمعارضة بدولة جنوب السودان، من تكملة استحقاقات العملية السلمية في أغلب جوانبها، حيث انحصرت اهتماماتهم بالمشاركة السياسية والمحاصصة.
ولم تهتم الأطراف السياسية بشكل كبير بالقضايا الأساسية التي تمثل ضمانة لصمود الاتفاق نفسه مثل بنود الترتيبات الأمنية وتخريج القوات، بالإضافة إلى المسائل الجوهرية المتعلقة بتحسين أحوال الناس ومعاشهم من خلال الإصلاحات الاقتصادية المنصوص عليها، وتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات التي ارتكبتها الأطراف خلال فترة الحرب.
ففي العام 2021 لم يستشعر المواطن الجنوب سوداني، حسب مراقبين، بقيمة وطعم السلام، بسبب انشغال الحكومة والمعارضة باقتسام كعكة السلطة في المركز والولايات، بعد أن توصلا لتفاهمات حول تكوين الحكومات الولائية والبرلمان القومي ومجلس الولايات.
صراع محتدم وهياكل صورية
اتسم العام 2021 في دولة جنوب السودان بالصراع المحتدم بين أطراف الحكومة الانتقالية فيما يخص المسائل المرتبطة بالتمثيل السياسي في مؤسسات الدولة على مستوى المركز والولايات.
صراع قاد لتعطيل تكوين الحكومات الولائية العشرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى، وقد أفضى ذلك لوقوع حالة من الفراغ السياسي والأمني في الولايات التي ظلت تعاني من عدة مشكلات، أبرزها تقديم الخدمات الضرورية إلى جانب قضايا الاقتتال العشائري الداخلي، وتأثيرات انتشار فيروس كورونا، وبسبب تلك الخلافات بين المجموعات الموقعة على اتفاق السلام تم إرجاء تكوين البرلمان القومي ومجلس الولايات وبقية المجالس الولائية لفترة تقارب الستة أشهر.
وقال كورنيليو كون، رئيس التحالف الوطني للأحزاب المعارضة بدولة جنوب السودان الموقع على اتفاق السلام مع الحكومة، إن بروز تلك الخلافات داخل مجموعة الأحزاب السياسية كان نتيجة لمحاولة الحزب الليبرالي الذي يتزعمه وزير الشؤون الإنسانية بيتر ميان، تقديم قائمة مرشحين غير متفق عليها لشغل المناصب التي خصصتها لنا اتفاقية السلام.
وأضاف: "تلك الخلافات قد أدت لعدم استكمال تشكيل هياكل الحكومة الانتقالية على مستوى المركز والولايات".
ولا تزال تلك الصراعات داخل معسكري الحكومة والمعارضة تعرقل تكملة تكوين البرلمانات الولائية وإعلان المفوضيات الاتحادية المستقلة في وقت تشارف فيه الفترة الانتقالية المقدرة بـ36 شهرا على الانتهاء.
قوانين معلقة واتفاق مهدد
وعلى الرغم من التحذيرات الإقليمية والدولية من أن اتفاق السلام المنشط الموقع بين الحكومة والمعارضة سيكون عرضة للانهيار بسبب عدم تنفيذ العديد من البنود العالقة من اتفاق السلام، إلا أن الطرف الحكومي لايزال يتخذ من مسألة غياب الدعم والتمويل وفرض العقوبات على الحكومة ذريعة للتنصل من استحقاقات العملية السلمية، حيث لايزال البطء يلازم سير العملية السلمية نتيجة لغياب الجدية والإرادة.
وقالت بعثة الأمم المتحدة بدولة جنوب السودان، إن السير البطيء لتنفيذ بنود اتفاق السلام المنشط بدولة جنوب السودان الموقعة بين الحكومة والمعارضة في العام 2018 يجعلها مهددة بالانهيار، كما ناشدت أطراف العملية السلمية بمسارعة الجهود لتنفيذ كافة البنود العالقة.
وقال نيكولاس هايسوم، رئيس بعثة الأمم المتحدة بدولة جنوب السودان، في تصريحات للصحفيين بالعاصمة جوبا: "هناك بطء كبير لازم عملية تنفيذ بنود اتفاق السلام المنشط، وإذا استمرت الأوضاع بذات المنوال فإن الاتفاق سيكون مهددا، لذلك نناشد الأطراف الإسراع في تطبيق البنود العالقة من الاتفاقية بشكل فوري".
ففي وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على الأطراف لتنفيذ بقية بنود اتفاق السلام، إلا أن الأطراف الموقعة على اتفاق السلام قد بدأت تفكر مع اقتراب نهاية أجل الفترة الانتقالية في كيفية إجراء الانتخابات العامة في العام 2023، حيث تصاعد الجدل بصورة كبيرة عن فرص نجاحها من عدمها.
وبدا الرئيس سلفاكير ميارديت متمسكا بضرورة إقامة العملية الانتخابية، بينما يرى زعيم المعارضة ونائبه في الحكومة ريك مشار صعوبة قيامها دون تنفيذ البنود الرئيسية من الاتفاق، محذرا من أنها ستكون غير حرة وغير نزيهة.
مخاوف حقيقية ونفق مظلم
يقول كريستوفر دانيال، كاتب صحفي ومحلل سياسي بدولة جنوب السودان، إن المخاوف التي أثارتها الأطراف الدولية من إمكانية تعرض عملية السلام للانهيار هي مخاوف مشروعة يجب أخذها في الاعتبار بالنظر إلى الطريقة الانتقائية التي تتعامل بها الحكومة والمعارضة مع عملية السلام، فالتركيز على مسائل المشاركة السياسية وإهمال الجوانب الأمنية قد يؤدي إلى خلافات كبيرة بنهاية الفترة الانتقالية.
ويضيف دانيال في تصريحات لـ“العين الإخبارية": "اتفاق السلام يمر بأزمة حقيقية، فالقوات قد غادرت معسكرات التدريب، والقوانين لم تتم إجازتها حتى الآن، مثلما أن الحديث عن إجراء الانتخابات بدون إجازة القوانين سيفاقم من حالة الخلاف بين الحكومة والمعارضة في النهاية، بسبب تباعد المواقف وعدم التوافق على طريقة إدارة الفترة المتبقية من عمر الحكومة الانتقالية".
وفي سبتمبر/أيلول 2018، وقعت الحكومة والمعارضة المسلحة بدولة جنوب السودان اتفاق سلام وتقاسم للسلطة، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، جرى بموجبه تشكيل حكومة انتقالية ممثلة لجميع الأطراف الموقعة، دون استكمال كافة هياكلها على مستوى الولايات.
aXA6IDMuMTQ1LjEwNS4xNDkg جزيرة ام اند امز