صراع النفوذ يهز حكومة ستارمر.. الإطاحة بـ«سيدة داونينغ ستريت»
لعبة كبيرة قام بها رئيس الوزراء البريطاني في محاولة للسيطرة على الاضطرابات في فريقه لكنه لم ينجح تماما في النجاة من منطقة الخطر.
في 10 يوليو/تموز الماضي، دخل كير ستارمر داونينغ ستريت وهو في موقف قوة غير عادي بعدما حقق أكبر فوز انتخابي لحزب العمال منذ 1997 لكن الأمر لم يستغرق وقتًا طويلاً حتى بدأت الأزمات في الظهور وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وأشارت "بوليتيكو" إلى ظهور قصص حول تفضيل الحلفاء السياسيين لوظائف الخدمة المدنية، وقبول ستارمر ووزراء آخرين هدايا مجانية من المانحين وجماعات الضغط والاستياء بين المستشارين الخاصين للحكومة.
والأحد الماضي، حاول ستارمر استعادة السيطرة على الموقف بالإعلان عن مغادرة سو جراي، التي كانت صاحبة الدور المحوري في توجيه انتقال السلطة، وإعادة ترتيب المستشارين في فريقه الأعلى.
كانت جراي الأكثر شهرة بين جميع موظفي ستارمر خلف الكواليس، وذلك بعد خدمتها الطويلة كمديرة تنفيذية، والتي شملت قيادة تحقيق في فضيحة "بارتي جيت" التي ساهمت في الإطاحة برئيس الوزراء المحافظ الأسبق بوريس جونسون.
وبصفتها من قدامى المحاربين في الخدمة المدنية، كان من المفترض أن تضمن جراي انتقال حزب العمال السلس إلى الحكومة لكن بدلاً من ذلك، تفاقمت حالة عدم الرضا المتصاعدة إزاء نهجها وأطلع خصومها وسائل الإعلام على معلومات ضدها وسربوا معلومات تكشف عن أنها كانت تتقاضى أجراً أعلى من رئيس الوزراء نفسه قبل أن يعلن داونينغ ستريت مغادرتها لتولي منصب "مبعوثة إلى الدول والمناطق" كترضية.
ولمرة جديدة، أظهرت هذه الخطوة استعداد ستارمر لقطع العلاقات الوثيقة من أجل المضي قدماً لكنها أيضا تتركه مكشوفاً في مرحلة مبكرة من رئاسته للوزراء.
وقال أحد كبار المسؤولين الذي طلب عدم الكشف عن هويته "قبل كل شيء، ما زالوا بحاجة إلى تحديد ما تريده هذه الحكومة بالفعل للبلاد".
وسيحل الخبير الانتخابي مورغان ماكسويني محل جراي بعدما ترددت الأنباء عن خلافات كبيرة بينهما حيث سعت جراي لفرض سيطرتها على جميع الأمور داخل داونينغ ستريت مما أحبط طموحات ماكسويني وهو الأمر الذي نفاه حليف لجراي قائلاً إنها كانت في محادثة مستمرة مع ماكسويني.
لدى ماكسويني تاريخ طويل مع رئيس الوزراء حيث ساعد الرجل ستارمر في استعادة السيطرة على حزب العمال من اليسار الاشتراكي بقيادة جيريمي كوربين.
كما عمل ماكسويني بفاعلية في دعم حسابات الحزب حول الأماكن التي يمكنهم الفوز فيها بالأصوات بشكل كبير، وهو ما اتضح في الفوز الساحق للعمال في الانتخابات العامة في يوليو/تموز الماضي.
وإلى جانب ماكسويني، عزز ستارمر صفوف فريقه بجيمس ليونز، وهو صحفي سياسي مخضرم والذي سيقود الاتصالات الاستراتيجية لداونينغ ستريت.
وأعرب المطلعون على حزب العمال عن ارتياحهم للتعيينات الجديدة واعتبروها علامة على تصميم ستارمر على إدارة سفينة أكثر إحكامًا.
واعتبر نائب جديد من حزب العمال طلب عدم الكشف عن هويته أن التعيينات كانت علامة "إيجابية" على أن الفريق في قمة الحكومة الجديدة قد اتخذ الخطوة الحاسمة وأجرى تغييراً جذرياً، "بدلاً من مجرد البقاء بلا حراك لشهور دون اتخاذ قرار، كما رأينا في الماضي".
وقال أحد حلفاء ماكسويني "كنا بحاجة إلى لحظة حاسمة وكانت هذه هي اللحظة"، بينما أشاد آخر بموهبة الرجل في "بناء فريق قوي ومخلص".
وتوقع آخرون أنه يمكن لماكسويني تحقيق انتصارات سريعة في دوره الجديد من خلال إعادة النظر في أجور المستشارين الخاصين.
وبعد طرد جراي سيتعرض ستارمر الآن لمزيد من الضغوط لإثبات أنه قادر على تحقيق أهدافه وقال أليكس توماس، مدير البرامج في معهد الحكومة "لا أعتقد أن أي شخص كان يتوقع حدوث هذا بهذه الطريقة في هذا الوقت".
والآن، سيحتاج ستارمر إلى إيجاد إجابة عن الانتقادات التي طاردته منذ اليوم الأول، بأنه يفتقر إلى أجندة محلية قوية.
وقال أليستير كامبل، مدير الاتصالات السابق لرئيس الوزراء توني بلير، إن الحكومة تتعلق "بالحوار الدؤوب الذي لا ينتهي حول ما تحاول القيام به"، مضيفًا "كان هذا الجزء مفقودًا إلى حد كبير".
وأشارت مصادر مطلعة داخل حزب العمال إلى أولويات ستارمر للحكومة، والمعروفة باسم "مهامه الخمس"، وتوقعت المصادر أن يتمكن ماكسويني من إعادة صياغة "المهام" غير المتماسكة إلى حد ما على أسس أكثر قوة.
وهناك خيار آخر متاح لستارمر وماكسويني وهو إعادة تشكيل مجلس الوزراء، كما اقترحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية لكن العديد من الأشخاص في الحكومة شككوا في ذلك.
وقال مصدر مطلع لـ"بوليتيكو" إن التأثير الرئيسي لمحادثات التعديل الوزاري هو "جعل الجميع على أهبة الاستعداد".
وقال أحد أعضاء البرلمان الأقدم خدمة إن ماكسويني ليس لديه خبرة في وايت هول "وهو ما قد يعود علينا بالضرر"، وأضاف أن ستارمر "يفتقر إلى المهارات الشخصية، وقد أحاط نفسه بأشخاص يعانون من نفس المشكلة".