«فرصة جيوسياسية» تنقذ المسيرة.. كيف تجاوز ستارمر عثراته؟

رغم مصاعبه في الداخل، قفز كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني في قلب الاضطرابات الجيوسياسية، وصاغ استراتيجية سريعة ومتسقة، تضعه في محور التأثير.
وفي الأسابيع التي تلت صدمة دونالد ترامب لحلفائه بموقفه من أوكرانيا، برز رئيس الوزراء البريطاني كلاعب رئيسي في الاستجابة الدولية، بعد أشهر صعبة في الداخل.
وكانت الأشهر السبعة الأولى لستارمر في داونينغ ستريت غير مستقرة على أقل تقدير، حيث كافح لوضع جدول أعمال محلي واضح، وتلقى ضربة موجعة في استطلاعات الرأي.
ومنذ توليه منصبه، تخبط المحامي السابق في التعامل مع فضيحة داخلية، وخسر رئيس موظفيه، وقدم سياسة لا تحظى بشعبية فيما يتعلق استحقاقات المتقاعدين.
ووفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أدى أسلوب ستارمر البيروقراطي المتثاقل إلى إثارة سخط حتى مؤيديه في بعض الأحيان.
ومع ذلك، منذ أن هدد ترامب بإدارة ظهره لأوكرانيا، وبدء المحادثات مع روسيا الشهر الماضي مع تهميش كييف، لعب ستارمر دورًا واضحًا ومضمونًا بشكل متزايد في الدبلوماسية عبر الأطلسي.
ويتساءل الآن كل من المطلعين من داخل حزب العمال والحلفاء الأوروبيين عما إذا كانت لحظته قد حانت.
وعلّق أحد أعضاء البرلمان من حزب العمال الذي ينتمي إليه ستارمر والذي عمل في شؤون الأمن القومي، على هذا التغيير، قائلا: "فجأة، أصبح هناك سبب. هناك هدف محفز".
"لا دراما"
بعد أسابيع من التحضير الدقيق، سارت زيارة ستارمر الأولى إلى البيت الأبيض بسلاسة وتضمنت في الواقع بعض المكاسب، حتى لو ظلت الجائزة الكبرى، وهي الضمانات الأمنية الأمريكية لاتفاق سلام أوكراني، بعيدة المنال.
كما نجح ستارمر حتى الآن في احتضان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ودعاه إلى قمة كبرى لقادة الاتحاد الأوروبي، وكثف الدعم البريطاني لأوكرانيا، دون إثارة غضب الرئيس الأمريكي.
وأشارت قمة قادة الاتحاد الأوروبي التي عقدها ستارمر في لندن في نهاية الأسبوع إلى أن المملكة المتحدة لم يتم الترحيب بها مرة أخرى في الحظيرة الأوروبية، بعد سنوات من الخلاف حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكن يمكن لستارمر أن يدعي بشكل مقنع أنه في قلب التحركات الأوروبية.
ورغم حديث بعض المنتقدين عن أن ستارمر قائد ممل، وأقرب لمدير شؤون بشرية، إلا أن لشخصيته وجه آخر هو الطبيعة غير المتباهية، على النقيض من أسلوب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ربما كانت ميزة في كسب ودّ ترامب، بحسب بوليتيكو.
وقال مسؤول بريطاني رفيع المستوى للمجلة الأمريكية إن الرئيس الأمريكي أعجب على ما يبدو بحقيقة أن ستارمر كان صريحًا بدون ادعاءات، وهو أمر سهّل على رئيس الوزراء إثارة القضايا الصعبة بأقل قدر من المخاطرة.
ما هي استراتيجية ستارمر؟
فيما لخصت كلير أينسلي، مديرة السياسة السابقة لستارمر والتي تعمل الآن في معهد السياسة التقدمية في الولايات المتحدة، مقاربته مع ترامب بأنها ”واضحة ومتسقة“، مع التركيز على المجالات التي يمكن أن يعملا فيها معًا.
وبالمثل، فإن إحدى نقاط الضعف الأخرى المفترضة لدى ستارمر في الداخل - وهي الافتقار إلى القناعة الأيديولوجية - يمكن أن تجعله في نهاية المطاف وسيطًا مناسبًا بين اللاعبين ذوي وجهات نظر مختلفة تمامًا في العالم.
ستارمر اكتسب أيضاً سرعة إيقاع في إطار الظروف الحالية، وقالت أينسلي إنه على الرغم من أن رئيس الوزراء ”لم يكن ليختار الظروف العالمية التي وجدنا فيها“، إلا أن هناك الآن ”إلحاحًا جديدًا“ في تفكيره وتفكير القادة الآخرين بشأن المسائل طويلة الأجل.
وكان هذا الإحساس بالإلحاح حاضرًا في قرار رئيس الوزراء البريطاني الأسبوع الماضي برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2.5 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027.
ووفق "بوليتيكو"، فإن استراتيجية ربط الأمن في الداخل بالقوة الدولية ليست بالأمر الجديد، لكنها الآن تحظى ببعض الزخم المقنع.
كما أن لهذه الاستراتيجية صدى خاصا على الجبهة الداخلية حيث يسعى ستارمر إلى جذب الناخبين الذين قد يغريهم حزب الإصلاح (أقصى اليمين) بزعامة نايجل فاراج.
وفي حين أن ستارمر قد يكون يتمتع بدفعة لحظوظه وزيادة في الشعبية، لا يزال هناك الكثير من المخاطر التي تنتظر رئيس الوزراء البريطاني.
ويجب عليه الآن هو والقادة الأوروبيون الآخرون، محاولة إصلاح الأضرار الناجمة عن مشادة ترامب وزيلينسكي في المكتب البيضاوي، والأكثر إلحاحًا هو تقديم حجة مقنعة لدور الولايات المتحدة في ضمان أمن أوكرانيا.
aXA6IDMuMTQ0LjExLjY5IA== جزيرة ام اند امز