التجويع والحرمان.. سياسة حوثية تطارد النازحين اليمنيين
لا تزال مليشيات الحوثي الإرهابية تحاصر ملايين اليمنيين في أماكن سيطرتها لإرغامهم على الالتحاق بهم، بالقتل تارة والتجويع تارة أخرى.
قصص مرعبة يرويها النازحون لـ"العين الإخبارية" عن الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها المليشيات الإرهابية يوميا.
قبل فرارها للخوخة الواقعة جنوبي الحديدة اليمنية، تتذكر عائشة الأيام الصعبة التي قضتها عائلتها في مناطق مليشيا الحوثي، والصعوبات المعيشية التي واجهتها.
من أمام خيمة تقيم فيها عائلتها المكونة من 5 أفراد في مخيم العليلي للنازحين، تشرح الوضع المزري للأسر في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي.
تقول المرأة البالغة من العمر (40 عاما)، ولديها 4 أبناء لـ"العين الإخبارية": إن آلاف الأسر تكتوي بنار الفقر داخل مدينة الحديدة، وأوجد انعدام فرص العمل، أزمة في الحصول على ما يكفي من المال لشراء الغذاء.
تضيف: "الأوضاع المعيشية الصعبة دفعتني للبحث عن فرص أخرى للحياة".
أما "جوهرة" فإن حالة الجوع التي عاشتها وأسرتها داخل مدينة الحديدة، وظروف العيش الصعبة، كانت سببا دفعها للمجيء إلى المناطق المحررة.
تقول المرأة التي تعول 5 أطفال أكبرهم عمره 17 عاما، وفقدت زوجها في ظروف غامضة، لـ"العين الإخبارية": لم يكن في وسعنا سوى الفرار من حالة الفقر الطويلة التي عشناها، واللجوء إلى المناطق المحررة، حيث تحصل الأسر النازحة على مواد غذائية منتظمة.
ويقدر عدد الأسر النازحة في جنوب الحديدة والتي تسكن في مخيمات النزوح بحسب الوحدة التنفيذية للنازحين نحو 23 ألف أسرة أي ما يقارب من 115 ألف نسمة.
غير أن العديد من الأسر النازحة تعيش في منازل لدى أقربائها، فيما بنى آخرون منازل لهم واستقروا في مواطن النزوح كما لو أنهم سكان رسميين ما يجعلهم غير مدرجين ضمن أعداد النازحين.
وفي منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، سجلت أعلى موجة نزوح بنحو ألف أسرة، أي ما يقارب من 6 آلاف شخص بحسب تقديرات منظمة الهجرة الدولية.
يقول مدير الوحدة التنفيذية في الساحل الغربي حميد الخزان لـ"العين الإخبارية": إن البحث عن أماكن آمنة بعيدة عن أجواء الترهيب سبب آخر لنزوح الأسر من مناطق سيطرة مليشيات الحوثي.
يضيف أن الجرائم التي ترتكبها مليشيات الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها في الحديدة تدفع العديد من السكان إلى البحث عن أجواء آمنة.
ويرى نجيب مرعي، وهو أب لأسرة قوامها 7 أشخاص، أن الجوع يمثل أحد مظاهر الحياة السيئة للعديد من سكان محافظة الحديدة، بعدما استأثرت مليشيات الحوثي لنفسها بالحصص الغذائية وفرضت شروطها على من يستحق الحصول عليها.
يضيف مرعي بحسرة لـ"العين الإخبارية"، أن الأشياء الوحيدة التي تقدمها مليشيات الحوثي هناك هي "وجبات الترويع اليومية" والتي تشمل التجنيد الإجباري والاختطاف وإطلاق تهم العمالة على سبيل الابتزاز.
فيما يرى نازح آخر يدعى محمد علي، أن ما يحدث في مدينة الحديدة يفوق التصور، وأن ما ينقل عن المدنيين الذين يعيشون فيما يشبه السجن الكبير لا يمثل سوى نسبه ضئيلة مما يحدث لهم.
ويشير إلى حالات الفقر والجوع المسكوت عنها تفوق التخيل، الأسر التي كانت تشتري احتياجاتها اليومية في نطاق الوجبة الواحدة نظرا لفقرها، مقارنة بأسر في مناطق أخرى كانت تشتري احتياجاتها لشهر كامل، هي الآن تعيش في مجاعة.
ويعتقد أن غياب الإعلام المستقل فضلا عن حالات الخوف التي تمنع السكان من الحديث عن وضعهم المعيشي، هو ما يفاقم الأزمة.
وتابع: "قليل من الأسر استطاعت الفرار إلى هنا، ولو فتحت ممرات إنسانية لشاهدنا فرارا جماعيا لكل السكان من المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي بالحديدة، لكن الظروف المالية الصعبة تحول دون مغادرتها لمدينة الحديدة".
ويروي سائق يعمل في منشأة تجارية داخل الحديدة شهادته حول تفشي الجوع وسط العائلات في مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر والخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي.
يقول لـ"العين الإخبارية"، إنه لم يعد مستغربا أن يطرق عليك جارك الباب للسؤال عما إذا كان لديكم فائضا من وجبة العشاء، مضيفا: "هذه الأشياء تبدو عادية جدا في أحياء الحديدة، فحالات الجوع التي يعيشها السكان مصدر قلق".
وتابع: "استبشر الناس خيرا بأخبار التحرير وظنوا أنهم وصلوا إلى نهاية النفق المظلم خلال الأسبوع الماضي، إذ كانت أخبار المعارك التي تقودها القوات المشتركة تبعث عن سرور، وكانت أنباء الانتصارات هي الخبر السار للسكان التواقين للخلاص من مليشيات الحوثي".
يختم حديثه قائلا: "لا يوجد شيء مخيف مثلما هو خبر الجوع هذه الأيام، عندما تسمع بكاء طفل لا تملك أسرته المثقلة بالديون ثمن الحليب".
وقال علي جعبور وهو صحفي عمل لفترة وجيزة في مشروع إيواء النازحين في مديرية الخوخة الواقعة جنوب الحديدة، إن الأشهر الماضية شهدت تدفق عدد النازحين بشكل كبير وكان الجوع في مناطق سيطرة الحوثي الدافع الرئيس له.
وأضاف جعبور في منشور على "فيسبوك": "بعض الآباء خرج بأولاده من بيته ومضى نحو الساحل المحرر دون أن يكون له أهل يبيت لديهم أو مكان يأوي أسرته، كانت خطواتهم أشبه بمرحلة أخيرة للإنقاذ من شبح الموت جوعا".
وتابع: "عندما لا يكون هناك عمل ولا وظائف ولا دخل.. كل شيء يتوقف، تجمدت الحياة تماما، وعندما تسألهم أين دور المنظمات في مناطق سيطرة الحوثي، يجيب النازحون، الحوثيون يتحكمون في عملها، وطالما لم تكن مقاتلا أو متحوثا أو مقربا منهم، فلن تحصل على شيء".
aXA6IDMuMTQ0LjQ4LjcyIA==
جزيرة ام اند امز