اعتادت دولة الإمارات تحويل المناسبات والأحداث والتواريخ الكبرى إلى مناسبات مهمة تُسهم في صنع مبادرات وإنجازات كبرى تحقق التمكين وتعزز مسارات التنمية وترسخ الاستقرار والازدهار والتنمية.
وفي الإمارات لا تلبث القيادة والمجتمع بجميع شرائحه أن تنتهي من إنجاز كبير إلا وتشرع في آخر لا يقل أهمية عنه، بل بوجه أدق، فإن المجتمع بأسره يسير في فلك مجموعة من الأهداف والإنجازات المتزامنة، تتبعها مجموعة أخرى من الإنجازات الكبرى، في متوالية لا تنتهي، وكأن الطموحات والأهداف العظيمة لا تولِد ولا تُنجب إلا أهدافًا عظيمة مثلها.
وفي اجتماعه الأخير، وهو الأول بعد مبايعة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيسا لدولة الإمارات، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن مجلس الوزراء الموقر طلب من الوزارات والجهات الاتحادية كافة رفع مقترحاتها التطويرية خلال خمسين يومًا، مطالبًا الحكومة الاتحادية بمضاعفة الجهود، وتسريع المشاريع الوطنية الكبرى، ما يعني أن مسيرة الإنجازات ستكون على موعد جديد في دولة الإمارات.
القارئ لآلية التعامل الإماراتي مع مختلف المناسبات المهمة ستدهشه حتما القدرة الدائمة على تطويعها في سياق أهداف استمرار البناء، ودعم جهود التمكين، وتعزيز مسيرة التنمية، ففي الإمارات لا معنى للاحتفالات الوطنية، بل لا مكان لها ما لم يصحبها واحد أو أكثر من المعاني الثلاثة الأكثر إلحاحًا على ذهنية صانع القرار (البناء/التمكين/التنمية).
لم تنتظر الإمارات بلوغ العام الخمسين على تأسيس الاتحاد، من أجل الاستعداد لهذه المناسبة الأهم على مدار نصف قرن من تأسيس الدولة، واستبقتها بسنة كاملة، بالإعلان عن "عام الاستعداد للخمسين"، والذي شهد العديد من المبادرات الوطنية المهمة، قبل أن يأتي عام الخمسين، الذي تخللته احتفالات مهيبة، لكنها جاءت أيضًا، ووفق النموذج الإماراتي في تحقيق المنجز الوطني، مصحوبة ومتبوعة بمشاريع كبرى هي الأضخم خلال مسيرة الدولة، وهي "مشاريع الخمسين".
وجاءت مشاريع الخمسين لترسم مسار الخمسين عامًا المقبلة من خلال تغييرات هيكلية وجذرية في منظومة التنمية، وتشمل تمكين القطاعات الاقتصادية المحلية، والكوادر المواطنة وتطوير واستحداث قوانين وتشريعات ومبادرات وطنية خاصة بتمكين الكفاءات الوطنية والمواهب ورواد الأعمال الإماراتيين، وإطلاق مشاريع لاستقطاب المواهب والمستثمرين لدولة الإمارات، وبناء شراكات اقتصادية عالمية، وغيرها، وهي مشاريع تصل بنا إلى مئوية الإمارات، والتي حُددت لها مستهدفات طموحة، ورؤى واستراتيجيات واضحة لتنفيذها.
وبالعودة إلى استثمار مجلس الوزراء الإماراتي هذا الاجتماع التاريخي لصالح أهداف البناء والتمكين والتنمية، فإن الوطن سيكون على موعد مع حزمة جديدة من الإنجازات التي لا تتوقف، بعد أن تقدم الجهات الاتحادية والوزارات مقترحاتها التطويرية، خلال فترة الخمسين يومًا، لتكون بمثابة تجديد من المجلس لمباركته ومبايعته ومعاهدته على بذل الغالي والنفيس والانتظام خلف رئيس الدولة، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ليقود مرحلة جديدة في تاريخ الإمارات، مباركة ومبايعة ومعاهدة تعزز مسيرة البناء والتمكين والتنمية، التي دأبت القيادة الإماراتية على ترسيخها منذ تأسيس الاتحاد.
ويشكّل تقديم مختلف الجهات الاتحادية والوزارات مقترحاتٍ تطويرية إلى مجلس الوزراء الموقر مرحلة جديدة من مراحل استمرار البناء والتمكين والتنمية، وفق رؤية القيادة الرشيدة، كما يشكل تأكيد مجلس الوزراء في ذات الجلسة أن رؤية رئيس الدولة في بناء رأس المال البشري وترسيخ الاقتصاد الوطني، وتعزيز المكانة الدولية والسياسية، والارتقاء بالبيئة القانونية والتشريعية والرقمية، بمثابة خارطة طريق وأساس لخطط واسترتيجيات المؤسسات الاتحادية كافة، خلال المرحلة المقبلة، وضمانة لاستمرارية هذا النهج وانسجام كل الجهود في بوتقة واحدة ومنظومة مستدامة تنظم جميع مقومات البناء والتمكين والتنمية في دولة الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة