أزمة محركات فورد وستيلانتيس.. خبير يحذر من فشل استراتيجي في صناعة أوروبا

يرى برنار جوليان الخبير في صناعة السيارات، أن أزمات محركات فورد وستيلانتيس ليست أعطالا تقنية، بل ظهرت نتيجة استعجال تبني تكنولوجيا غير ناضجة تحت ضغط خفض الانبعاثات، ما يعكس إخفاقا في الصناعة الأوروبية يتطلب تدخلا تنظيميا عاجلا.
باتت الأعطال الميكانيكية في السيارات تمثل كابوسا حقيقيا للعديد من السائقين، حيث تحولت القيادة إلى تجربة محفوفة بالمشاكل الكبيرة.
مؤخرا، واجهت شركتان كبيرتان في عالم السيارات، ستيلانتيس وفورد، مشاكل كبيرة تتعلق بالمحركات، مما أثار موجة من الاستياء بين المستخدمين، وطرح تساؤلات حول موثوقية العلامتين المعروفتين، خصوصا بسبب مشاكل في نظام توزيع الحركة (التايمنغ).
مشاكل محركات ستيلانتيس
تواجه شركة ستيلانتيس (التي تضم علامات مثل بيجو، سيتروين، وأوبل) أزمة بسبب أعطال متكررة في محركها الشهير 1.2 PureTech.
ويستخدم هذا المحرك حزام توزيع داخلي مغمور بالزيت، إلا أن هذا التصميم الذي كان من المفترض أن يزيد من كفاءة المحرك، تسبب في تآكل مبكر للحزام، ما أدى إلى أعطال جسيمة ومكلفة.
واستجابت الشركة بسلسلة من الاستدعاءات والإجراءات لتخفيف الأضرار، لكنها لم تنجح في طمأنة الزبائن بالكامل. الكثيرون ما زالوا يخشون حدوث عطل مفاجئ في المحرك أثناء القيادة، وهو ما قد تكون تبعاته خطيرة.
في هذا السياق، قال برنار جوليان الباحث في الاقتصاد بجامعة بوردو، ومتخصص في صناعة السيارات لـ"العين الإخبارية" إن أزمة Stellantis وFord الحالية ليست ببساطة عيبا تقنيا في المحركات، بل هي انعكاس لمشكلات هيكلية أعمق في الاستراتيجية الصناعية الأوروبية.
وأضاف أنه مع الضغط لتنفيذ أهداف خفض الانبعاثات، تم اعتماد تكنولوجيات فعالة من الناحية الاقتصادية مثل أنظمة الحزام المبلل (wet belt) في محركات PureTech وEcoBoost، دون إجراء اختبارات كافية لضمان أدائها في ظروف الاستخدام الفعلية.
ورأى جوليان هذه القفزة التسويقية التي روجت لها كابتكار لتوفير الوقود، أصبحت اليوم تمثل عبئا ماليا برسم التعويضات والتصليح للمستهلكين، ما يطرح تساؤلات حول الاستدامة والجودة بعيدا عن الإمكانيات النظيفة.
مهددات الثقة وتأثيراتها الاقتصادية
يشدد جوليان على أن تآكل الثقة هو الأثر الأخطر لهذه الأزمة، وهو ما يمكن أن يرتد سلبا ليس فقط على Stellantis، بل على السمعة الأوروبية في السوق العالمية، موضحا أنه في ظل تحول متسارع نحو السيارات الكهربائية، تصبح أي خسارة للمصداقية في السيارات التقليدية بمثابة عقبة أمام الانتقال السلس للسوق نحو البدائل النظيفة.
وقد أظهرت بيانات استياء متزايدا بين العملاء، خاصة الحركات الجماعية عبر وسائل التواصل التي تطالب بمحاسبة الشركات، ما يعكس خللاً في الاتصال المؤسسي وخدمة ما بعد البيع. مثل هذه السياسات الغامضة تزيد من مخاوف المستهلك والضغط على العلامات التجارية للحفاظ على مكتسبات العملاء.
الدعوة إلى ضبط وتنظيم الصناعة
من منظور جوليان، فإن أزمة المحركات هذه تمثل فرصة للحكومات الأوروبية لإعادة تقييم دورها في مراجعة شروط الدعم والتصنيع في قطاع السيارات، موضحا أنه من غير المقبول أن تحظى الشركات بدعم مالي عام في الوقت الذي تتجاهل فيه جودة المنتج أو تعرض مستخدميها لمخاطر مالية.
وتابع: "لذا يدعو إلى تطوير سياسات رقابية صارمة تضمن التوافق مع معايير السلامة والموثوقية، وتفرض آليات تعويض إلزامية في حالات الأعطال النمطية المتكررة. وغير ذلك، فإن الصناعة لا تستطيع ترك تنظيمها الداخلي خاضعًا فقط لمفهوم السوق الحر، خاصة في قطاعات استراتيجية مثل النقل والسلامة العامة".
معاناة فورد بدورها
شركة Ford ليست بمنأى عن المتاعب، حيث تواجه مشاكل مشابهة في محركات: 1.0 EcoBoost في موديلات فييستا، فوكوس، بوما، و2.0 EcoBlue في موديلات ترانزيت.
وتكمن المشكلة مجددًا في حزام التوزيع المبلل (wet belt) الذي يتآكل مع الوقت، مما يؤدي إلى انسداد في نظام التزييت وانخفاض ضغط الزيت، وهي أمور قد تفضي إلى انهيار كامل في المحرك.
العديد من السائقين تواصلوا عبر مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي للإبلاغ عن هذه المشاكل وتبادل النصائح. رغم أن فورد أقرت ببعض المشكلات الفنية، إلا أن تعاطيها الإعلامي بقي خجولًا ولم يشمل سوى عدد محدود من حملات الاستدعاء.
ولتقليل المخاطر، قامت فورد مؤخرًا بتقليص فترات تغيير حزام التوزيع، من 240 ألف كم/10 سنوات، إلى 150 ألف كم أو 6 سنوات فقط. كما أوصت باستخدام زيت محدد (WSS-M2C948-B) والالتزام الصارم بجداول الصيانة.
وتشير هذه الحوادث إلى أن محركات "الجيل الجديد" التي توصف بأنها اقتصادية ومبتكرة قد تعاني من مشاكل جدية في الموثوقية. الأعطال غير المتوقعة تكلف أصحاب السيارات مبالغ ضخمة في الإصلاحات، وتضع سمعة الشركات المصنعة على المحك.
النصيحة الذهبية
على كل من يمتلك أو ينوي شراء أحد هذه الطرازات أن يولي اهتمامًا كبيرًا بالصيانة الوقائية، وأن يبقى مطلعًا على تحديثات الشركات وتعليماتها الرسمية. في كثير من الأحيان، قد تمنع الصيانة المنتظمة خسائر كبيرة وتطيل عمر السيارة.