الاسترليني يفقد البوصلة.. من المسؤول عن انهيار الجنيه أمام الدولار؟
دخل الجنيه الاسترليني عام 2022 وقيمته تعادل 1.35 دولار، وبعد مرور نحو 10 أشهر، هبطت العملة البريطانية إلى نحو 1.10 دولار أمريكي.
خسائر الاسترليني تأتي في وقت يعاني فيه الاقتصاد البريطاني من ركود محتمل، وسط سياسات اقتصادية من قبل حكومة رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس لم تحظ بالقبول داخل بريطانيا.
يمر اقتصاد المملكة المتحدة بحالة من عدم اليقين بسبب الميزانية المصغرة لوزير الخزانة الجديد كواسي كوارتنج، والتي أعلن فيها عن مجموعة من التخفيضات الضريبية، وهي بطبيعة الحال ستؤدي إلى زيادة الاقتراض العام بشكل كبير.
انتقادت عديدة تعرضت لها الأجندة الاقتصادية لحكومة ليز تراس لتركيزها على الشركات والأثرياء، حتى أن صندوق النقد الدولي طالب لندن بتغيير هذا المسار، ما لم تكن هناك ضرورة أو تحولات كبرى.
نتيجة لهذه الميزانية المصغرة، شهدت الأسواق في بريطانيا حالة من الاضطرابات، وانهار الاسترليني إلى أدنى مستوياته القياسية، وكان ذلك في 26 سبتمبر/أيلول الماضي، عندما انخفض الجنيه في الأسواق الآسيوية لفترة وجيزة إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 1.0327 دولار قبل أن يرتفع قليلا.
كما أدى تهديد البنك المركزي في إنجلترا برفع أسعار الفائدة لدعم قيمة الجنيه إلى ارتفاع كبير في أسعار الرهن العقاري.
في الوقت نفسه، انهارت أسواق الدين الوطنية تقريبا، وهو ما هدد قدرة صناديق المعاشات التقاعدية على البقاء، ما أجبر بنك إنجلترا على التدخل لتحقيق الاستقرار، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
كيف يقارن الجنيه حاليا بالعملات الرئيسية الأخرى؟
تعتبر قيمة الجنيه مقارنة بالدولار مهمة لأن الدولار هو العملة الأكبر في العالم.
ويعرف الدولار الأمريكي باسم "العملة الاحتياطية الأساسية" في العالم، مما يعني أن كميات كبيرة منه تحتفظ بها البنوك المركزية والمؤسسات المالية الأخرى في جميع أنحاء العالم للمعاملات الدولية.
حتى منتصف القرن العشرين، كان الجنيه الاسترليني هو الاحتياطي الأساسي، ورغم أن الجنيه لا يزال يصنف على أنه عملة احتياطي، إلا أنه يقع خلف اليورو والين من حيث مقدار ما يتم الاحتفاظ به، وبالتالي استخدامه في الخارج.
ونظرا لأن الدولار هو أكبر عملة في العالم، فإنه يستخدم لتحديد أسعار معظم السلع والخدمات الرئيسية المتداولة في السوق الدولية، على سبيل المثال، أسعار الجملة للنفط والغاز يتم تسعيرها بالدولار.
لذلك، إذا انخفضت قيمة الجنيه مقابل الدولار، فهذا يعني أن فواتير الطاقة في بريطانيا وسعر البنزين من المرجح أن يرتفع.
وبالمثل، إذا فقد الجنيه الاسترليني قيمته مقابل اليورو، فدول منطقة اليورو مصدر للعديد من واردات المملكة المتحدة، خاصة المواد الغذائية (التي تعد المملكة المتحدة مستوردا مهما لها)، وبالتالي سترتفع أسعار العديد من المنتجات.
ما هو سعر صرف الجنيه؟
في الوقت الحاضر، سعر صرف الجنيه لا يقدم صورة جيدة، فتراجع الاسترليني أمام عملات الاحتياطيات الرئيسية إشارة من المستثمرين إلى أنهم لا يثقون في الوقت الحالي باقتصاد المملكة المتحدة.
في حين أن الميزانية المصغرة أثارت مخاوف المستثمرين، بالإضافة إلى العديد من العوامل الأخرى التي تلعب دورا في ذلك، بما في ذلك قوة الاقتصاد الأمريكي، وارتفاع التضخم في المملكة المتحدة مقارنة بالدول الأخرى. تعتقد الأسواق أن هذه المشكلة الأخيرة ستزداد سوءا نتيجة التخفيضات الضريبية التي أجراها كواسي كوارتنج.
هناك قضية أخرى وفقا لـ"nationalworld"، وهي قرار بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية.
بحسب الخبراء، جزء من المشكلة التي تواجه الجنيه هو القرار الذي تم اتخاذه بزيادة أسعار الفائدة البريطانية الخميس الماضي، بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 2.25% بدلاً من ثلاثة أرباع.
فخبراء الاقتصاد يرون أن هذا القرار خاطئ، ومن المحتمل أن يضطر البنك إلى رفع أسعار الفائدة بسرعة قبل الاجتماع المقبل المخطط له، ووصفت الخطوة بأنها "أشبه بمكافحة الحرائق أكثر من التخطيط الاقتصادي الاستراتيجي".
الآن، بنك إنجلترا المركزي وهو المسؤول عن الجنيه الاسترليني، ضل الطريق، فمهمته أن يتفاعل بسرعة مع الأحداث من خلال قرارات إيجابية، بدلا من أن يظهر بدور المتحكم،
هل يعيد بنك إنجلترا الاسترليني نحو المسار الطبيعي، أم يساعده في فقدان البوصلة؟
aXA6IDE4LjExNy4xMDYuMjMg جزيرة ام اند امز