"سبيلبرج" و"نتفليكس".. حرب على مستقبل السينما
تصريحات نتفليكس للرد على هجوم المخرج الأمريكي ستيفن سبلبيرج تتسبب في إثارة حالة من الجدل والهجوم المضاد من معجبيها على المخرج.
"نحن نحب السينما"، هكذا استجابت شبكة البث الإلكتروني نتفليكس للهجوم الشديد الذي وجهه المخرج الأمريكي ستيفن سبلبيرج، بعد إعلانها عن رغبتها في المنافسة بأفلامها في كل من دور العرض السينمائية العادية وحفل الأوسكار القادم، ليتسبب هذا التصريح في إشعال صراع بين نتفليكس وسبيلبرج.
ويرى الكاتب الأمريكي أوين جليبرمان مان، في مقال بموقع"فارايتي" الأمريكي، أن سبيلبرج، عضو مجلس إدارة أكاديمية الأوسكار، يمتلك سلطة كافية لأخذ خلافه مع نتفليكس إلى مراحل أكثر تعقيدا، إذ هدد نتفليكس بإجرائه اجتماعات مع بقية أعضاء مجلس الإدارة لحثهم على اتخاذ إجراءات رادعة للشبكة تجحم من إمكانية تنافسها في السوق.
ويقول إنه يمكن لأكاديمية الأوسكار، بقيادة "سبيلبيرج" أن تصدر قانونًا يُلزم بوجود ما لا يقل عن 3 شهور بين صدور الفيلم في دور العرض وبثه إلكترونيا، وفي حالة خرق الأفلام لهذا القاعدة، تسقط معها حقوقهم في المشاركة في الأوسكار، لكن هل يعتبر هذا الشرط منصفا بحق نتفليكس، وشبكات البث الإلكتروني الأخرى؟
وأضاف جليبرمان أن الإجابة معقدة بعض الشيء، "فمع تطور التكنولوجيا الواضح، لم يعد الجمهور بحاجة إلى الذهاب للسينما لمشاهدة أفلام عظيمة، لأن تلك الأفلام تتوافر في كل مكان من حوله، وعلى أكثر من منصة، وهذا ليس بحدث جديد، فقديما كان الناس يشاهدون الأفلام على أسطوانات "دي في دي"، وقبلها على "في إتش إس"، وبالتالي فإن مشاهدة فيلم على نتفليكس في المنزل، لم يعد أمرًا كبيرًا".
لكن الأمور ليست بهذه البساطة، فيقول الكاتب الأمريكي: "صحيح أن مشاهدة أفلام نتفليكس في المنزل لا تستحق كل هذه الضجة، إلا أن مشاهدة فيلم في المنزل فور صدوره هو أمر جديد لم يحدث من قبل، من شأنه أن يقوض صناعة السينما في هوليوود، ويوقف ماكينة الأموال التي لا تنضب". وأوضح أنه في حالة صدور الفيلم على نتفليكس في نفس توقيت صدوره بدور العرض، وبتكلفة أقل، سوف تقل بل تنعدم احتمالية انتظار الناس لمشاهدته في دور السينما، إذ ستكتفي الأغلبية بفتح نتفليكس ومشاهدته".
وحذر جليبرمان من أن خطوات نتفليكس الأخيرة من شأنها تدمير صناعة السينما، رغم تبريرها ذلك بحبها للسينما، ودللت على ذلك بفيلم Roma "روما" الفائز بـ 3 جوائز أوسكار، وهو من إخراج ألفونسو كوران، وإنتاج نتفليكس، التي كانت تدفع لدور العرض المستقلة من أموالها الخاصة كي تعرضه في قاعاتها السينمائية، وهي تضحية كبيرة كانت نتفليكس مستعدة لتقديمها من أجل فيلم "روما"، ولكن هذا لا يعني أنه بدون جهودها لم يكن الفيلم ليخرج للنور، إذ إن "كوران" الذي وصف الفيلم بمشروعه الشخصي، لم يكن ليقبل ألا تلقى تحفته السينمائية التقدير الكافي.
وتسببت تصريحات نتفليكس للرد على هجوم سبيلبرج، في إثارة حالة من الجدل والهجوم المضاد من معجبيها على المخرج، إذ ردت الشبكة في بيان قصير قائلة: "نحب السينما، ومن ضمن الأشياء الأخرى التي نحبها الوصول إلى أشخاص لا يملكون ثمن تذكرة السينما، أو يعيشون في بلدان لا تمتلك دور عرض، والسماح لأي شخص في أي مكان بالاستمتاع بعروضنا في نفس توقيت صدورها في السينما، فضلا عن منح صناع الأفلام طرقا أكثر لمشاركة فنونهم".
وأظهر بيان نتفليكس المخرج سبيلبرج وكأنه معارض لمطالب نتفليكس البسيطة، بل كمعارض للتطور التكنولوجي في مجمله، إذ أجادت الشبكة اختيار كلماتها بعناية ليبدو "سبيلبرج" بمثابة الرجل الأبيض العجوز متحجر الرأي الذي يرغب في إدارة الأمور على طريقته فقط، في حين أن وجهة نظره تمتلك كثيرا من الصحة.
وأكد جليبرمان أن حملة "نتفليكس" المضادة على "سبيلبيرج" أثبتت جدواها حتى الآن، إذ جنت كثيرا من ردود الفعل الإيجابية من الجمهور، الذي صدق أن المحرك الرئيسي للشبكة هو حبها للسينما، وليس رغبتها في جمع الأموال مثل أي شركة إنتاج أخرى، أو تغيير صناعة السينما بأكملها، إذ تمتلك نتفليكس محركًا آخر خفيًّا، ففي حالة نجاحها في إقناع العالم بحبها للسينما، سوف تمتلك القدرة والتأييد الجماهيري لتغيير شكل صناعة السينما التقليدي، وهو ما بدأته بالفعل.
وينتهي الكاتب الأمريكي إلى أن هذه الأسباب تجعل معارضة "سبيلبرج" خطوات شبكة نتفليكس الأخيرة مشروعة، إذ إن المخرج لا يحاول إحراج نتفليكس أو الهجوم عليها بقدر سعيه للحفاظ على أبسط أساسيات صناعة السينما.