قصة بئر زمزم.. من تحت قدم إسماعيل ظل نقيا طاهراً لآلاف السنين
تعرفوا على قصة بئر زمزم وسر نقاء مائه وصموده منذ إبراهيم عليه السلام وحتى يومنا هذا، ولماذا يسعى المسملون من كل أقطار الأرض إلى مكة للشرب من "خير ماء الأرض"؟
لا يعود حاج أو معتمر من مكة المكرمة إلا وهو يحمل زجاجة بها ماء زمزم، يحرص على توزيعها على الأهل والمقربين، ويتلهف كل مسلم لاقتنائها، ففيها شفاء من الأمراض والدعاء عليها مُستجاب، فما هي قصة بئر زمزم ومياهه الطاهرة؟ وكيف صمد آلاف السنين؟
ما هي قصة بئر زمزم؟
تبدأ قصة بئر زمزم مع قصة سيدنا إسماعيل وأمه هاجر، عندما جاء بهما سيدنا إبراهيم من فلسطين (كنعان) إلى مكة.
حين كانت وادي دون زرع ولا ماء، وكان إسماعيل طفلا رضيعا حملت به هاجر وولدته ليكون غلاما حليما بارا بوالديه ونبيا كريما.
وكانت هاجر جارية سارة زوج إبراهيم عليه السلام، اصطحباها معهما عند خروجهما من مصر للنجاة من فرعون.
واتجه الثلاثة إلى فلسطين واستقرا بها، وعندما مرّ العمر بسارة ورأت أنها لن تتمكن من منح إبراهيم الطفل الذي يتمناه.
قدمت له هاجر التي أنجب منها إسماعيل. يقول الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الصافات:
(رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ)
قصة الصفا والمروة وماء زمزم
كان إسماعيل عليه السلام ما زال طفلا رضيعا، عندما جاء الأمر إلى سيدنا إبراهيم أن يرتحل به وأمه هاجر إلى مكة.
وكانت عبارة عن وادي مقفِر دون زرع ولا ماء ولا بشر، فور أن وصل ترك معهما بعض التمر والماء وترجل عائدا.
حينها سألته هاجر: يا إبراهيم أين ذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنس ولا شئ؟
وكررت السؤال وهي تركض وراءه، بينما إبراهيم لا يتلفت إليها. حينها سألته هاجر: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم؟ قالت: إذا لا يضيعنا، ورجعت للوادي.
وبعد أن تركهما إبراهيم عليه السلام، وبينما هو قلق ولكنه طائع لأمر ربه، استقبل بوجهه مكان البيت الحرام الآن، ودعا ربه بما جاء في سورة إبراهيم:
"رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ
بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ
النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ"
بقيت هاجر أم إسماعيل مع رضيعها، تأكل من التمر وتُرضعه وتشرب من الماء، حتى نفد ما لديها من مخزون.
وإذا بالطفل يبكي عطشان وهي تنظر له ولا حيلة لديها، ولا تدري ما تفعل.
نصائح عند شحن ماء زمزم في الطائرة.. لا تنسى الحجز على "نسك"
قصة السعي بين الصفا والمروة
بينما إسماعيل يبكي وأمه حائرة، تتلفت يمنة ويسارا،حتى وجدت أقرب جبل لها هو الصفا، فتركت الطفل وصعدته تسعى تبحث عن أناسٍ يساعدونها، ولكنها لم تجد أحدا.
فهبطت منه إلى الوادي وظلت تسعى راكضة، حتى وجدت أقرب جبل لها وهو المرة، فصعدته تنادي وتسمع صدى صوتها، ولا أحد يسمعها.
وظلت هكذا تسعى بين الصفا والمروة سبع مرات، وعن ابن عباس رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"ولذلك سعى الناس بينهما".
النبي الذي ظهرت عند قدميه مياه زمزم؟
بعد ان أنهت هاجر سعيها بين الجبلين لسابع مرة، فإذا بها تسمع صوتا لا تعلم من أين؟
لتجد أنه جبريل يفجر ماء زمزم بجناحه تحت قدم سيدنا إسماعيل، فاغترفت منه بيديها وشربت وأرضعت طفلها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم"، أو قال: "لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا".
من هو أول من شرب من ماء زمزم؟
ومنذ بدء قصة بئر زمزم كانت السيدة هاجر هي أول من شرب منه، وهو ما جعلها تصمد وتستقر مع ابنها إسماعيل عليه السلام في مكة.
وبينما إحدى القبائل- يقال قبيلة جُرهُم، تمر على الوادي، فترى طيورا تلحق فوقه وتستنتج أن هناك ماءا، فأقبلوا على الوادي.
استاذن أهل القبيلة أم إسماعيل: تأذنين لنا أن ننزل عندك؟ فقالت: نعم، ولكن لا حق لكم في الماء، فوافقوا واستقروا جوارها واختلط بهم إسماعيل وتزوج منهم.
وبذلك صار الوادي وجهة القبائل، وعلى بُعد عدة أمتار منه بُنيت الكعبة ورفع إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل قواعد البيت.
سبب تسمية بئر زمزم بهذا الاسم
تحمل قصة بئر زمزم دلالات كثيرة عن الرضا بقضاء الله والانصياع لأمره بالطاعة والقبول، فأمره كله خير.
غير أنه من أقدم الآبار وأطولها عمرا، بما يتخطى 5 آلاف عام في بعض التقديرات، ويحمل ماؤه طُهرا وقداسة منذ أن أذن إبراهيم للناس بالحج كما أمره الله تعالى.
ما سبب تسمية زمزم بهذا الاسم؟
ويعود تسمية بئر زمزم بهذا الاسم إلى أكثر من مصدر، كما ذُكر في كتاب "بحوث ومسائل"، من بينهم:
- ما لفظت به هاجر فور أن رأت الماء ينفجر تحت قدمي إسماعيل، قائلة: زمي زمي.
- ويقال إن السبب هو أن هاجر زمت بالتراب حول الماء حتى لا يخرج ويسيح في الوادي.
- ومن الممكن أن يكون الماء وفير وكثرته، فيقال زمزم وزمازم وزمزوم.
- أو لزمزمة جبريل رضي الله عنه وكلامه.
- وقد تأتي من الزمزمة، وهو الصوت الذي يخرج من الفرس عندما تشرب من الماء.
أسماء بئر زمزم ومواصفاته
ولدى بئر زمزم تسميات أخرى، منها: بَرَّة، بركة مباركة، بُشرى، حَرًّمية (نسبة إلى الحرم)، وطأة جبريل، سقاية الحاج، شفاء سقم، شراب الأبرار، طيبة، مضنونة، حفيرة عبد المطلب.
وتبعد بئر زمزم عن البيت الحرام 21 مترا تجاه الشرق، بعمق 30 مترا، وتغذيه عيون قديمة بقدم البئر نفسه تضح ما بين 11 إلى 18.5 لترا من الماء في الثانية، وتأتي من ثلاث جهات: شمال الغرب، والشرق، والجنوب.
ولا زالت قصة بئر زمزم مثالا للإعجاز، فماؤها الطيب الشافي لم يتغير محتفظا بطيبه ونقائه بعد مرور آلاف السنين.
"شؤون الحرمين"تكشف تقاصيل تنقية مياه زمزم آليا لحمايتها من التلوث
من هو الصحابي الذي حفر بئر زمزم؟
خلال إحدى الفترات قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعقود طويلة، تعرضت بئر زمزم للردم.
وفي أحد المرات بينما جد رسول الله عبد المطلب بن هاشم نائما في الحجر، رأى في منامه مَنْ يقول له: احفر طيبة، قال: وما طيبة؟ فذهب عنه، ومرة أخرى يأتيه آتٍ في المنام، قال له: احفر بَرَّة، قال عبد المطلب: وما برة؟ فذهب عنه.
وجاءه في مضجعه مرة أخرى، قال: احفر المضنونة، سأل عبد المطلب: وما المضنونة؟ ثم ذهب عنه، فأتاه مرة أخرى.
وقال له: احفر زمزم، قال عبد المطلب: وما زمزم؟ فقال، كما ذُكر في كتابة البداية والنهاية لابن كثير:
"لا تنزف أبدا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل"
ولما عرف عبد المطلب مكانها سعى معه ابنه الحارث بن عبد المطلب، ولم يكن له ولد غيره حينها، وعندما أرادت قريش أن تشاركه رفض.
وبينما هو يحفر والعطش يكاد يفتك به، إذا الماء تنفجر ثانية تحت راحلته، وصارت السقاية والرفادة في آل عبد المطلب.
قصة زمزم في صحيح البخاري
من ما روي في الأحاديث النبوية عن قصة بئر زمزم ما قاله عبد الله بن عباس- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى اللخ عليه وسلم قال:
"خيرُ ماءٍ على وجهِ الأرضِ ماءُ زمزمَ فيه طعامُ الطُّعمِ
وشفاءُ السُّقمِ وشرُّ ماءٍ على وجهِ الأرضِ ماءٌ بوادي
بَرَهُوتَ بقُبَّةٍ بحضرَمَوْتَ كرِجلِ الجرادِ تُصبِحُ تتدفَّقُ وتُمسي لا بَلالَ فيها"
قصة بئر زمزم للاطفال
في الفيديو السابق، يتم شرح قصة بئر زمزم للأطفال من خلال قصة سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل، عبر الفيديوهات التي تتناول قصص الأنبياء ومعجزاتهم.
قصة الصفا والمروة للأطفال
يمكن تعريف الأطفال قصة بئر زمزم من خلال الفيديوهات التي تشرح سعي السيدة هاجر بين الصفا والمروة بصورة مبسطة،
وما نتج عنه من تفجير للماء تحت قدم سيدنا إسماعيل.
ماء زمزم طاهر ونقي، قاله عنه رسول الله "خير ماء الأرض"،
يحمل بركة وشفاءا يسعى له مليارات المسلمين كل عام.
وحج بيت الله وزيارة الكعبة ثم السعي بين الصفا والمروة من الشعائر
الطيبة التي تبارك روح المسلم وتطهره، وبالتعرف على قصة بئر زمزم
وجبر الله لخاطر هاجر وأن تكون وابنها إساعيل سببا في تدفق ماء البئر، تزكية للنفس.