من الشوارع إلى الحدود.. كيف تصاعد التوتر بين إيران وأذربيجان؟
تصاعد التوتر بين أذربيجان وإيران بسبب تصرفات طهران وإجرائها تدريبات عسكرية حدودية، والتشكيك في وحدة باماكو، فضلا عن الهجوم الأخير على السفارة الأذرية في طهران.
ويوم أمس الجمعة، قتل رئيس جهاز الأمن في سفارة أذربيجان بإيران وأصيب ضابط، في هجوم استهدف مقر التمثيلية الدبلوماسية بطهران.
وكانت إيران حاولت تهدئة الأوضاع، ففي 31 ديسمبر/كانون الأول أجرى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان مكالمة هاتفية مع نظيره الأذري جيهون بيراموف، والتي أكد فيها أن تحسين العلاقات مع الدول المجاورة، بينها أذربيجان، أولوية للسياسة الخارجية لإيران.
ويشير ذلك التصريح، حسب تحليل نشره معهد الشرق الأوسط، مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، إلى رغبة من جانب طهران في تهدئة الوضع الثنائي، بعد استعرض للقوة تقريبا مع أذربيجان في الخريف الماضي.
ومع ذلك، ظلت التوترات مرتفعة بين البلدين، وفقا لتقرير المعهد الأمريكي.
تصاعد التوترات
وكانت العلاقات بين أذربيجان وإيران متوترة منذ انتصار الأولى في حربها مع أرمينيا عام 2020.
ومع ذلك، تفاقم الوضع بشكل كبير خلال الشهور القليلة الماضية، حيث أجرت إيران تدريبات واسعة النطاق قرب الحدود مع أذربيجان، واتهمت باكو طهران بالتواطؤ مع أعدائها والتدخل في شؤونها الداخلية.
وأشار التحليل إلى أن ممر النقل البري زانجيزور، الذي من شأنه ربط مقاطعات أذربيجان الواقعة في الغرب مع مقاطعة ناختشيفان عبر الأراضي الأرمينية الجنوبية، جعل إيران تشعر أيضا بالتهديد.
وتخشى إيران أن ذلك الممر قد يحرمها من الوصول إلى أرمينيا، ويزيد فصلها عن منطقة القوقاز، سوى من خلال أذربيجان.
ووفق التقرير فخلال التدريبات العسكرية في أكتوبر/تشرين الأول تدربت القوات الإيرانية لأول مرة على إقامة جسور عائمة وعبور نهر آراس.
وقال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، حينها "عملت مع ثلاثة رؤساء إيرانيين سابقين، مع الرئيس [محمد] خاتمي، ومع الرئيس [محمود] أحمدي نجاد، والرئيس [حسن] روحاني.. ولم نشهد مطلقا خلال كل تلك السنوات أمرا مشابها لما نراه الآن"، معربا في نوفمبر/تشرين الثاني عن إحباطه من الحكومة الإيرانية الحالية.
الوقوع بالمحظور
وما زاد من غضب باكو أن وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بدأت التشكيك علانية في وحدة أراضي أذربيجان خلال الشهور الأخيرة.
ونظرًا إلى أن الأذريين يشكلون أكبر أقلية عرقية في إيران، كانت إثارة تساؤلات حول الحدود بين أذربيجان وإيران بمثابة "فتح صندوق باندورا" في الماضي.
وبحسب التحليل، أدرك البلدان أن التشكيك في شرعية الحدود يمكن أن ينظر إليه باعتباره تهديداً لسيادة الطرف الآخر وسلامة أراضيه، مع وجود احتمال للتصعيد إلى صراع عسكري.
وكلاء إيران
واستخدمت إيران أيضا تكتيكيات غير متكافئة لممارسة نفوذها على أذربيجان.
وبعد عقود من التجارب يمكن القول إن أسلوب إيران في هذا الشأن بسيط، السماح لوكلائها بالحرس الثوري الإيراني بتحمل عبء القتال ضد أعداء إيران.
ومنذ عام 2012 غيرت إيران استراتيجية الردع الخاصة بها ضد الولايات المتحدة وشركائها الأجانب، من التركيز على عقيدة "الدفاع الفسيفسائي" -التي تؤكد حرب الاستنزاف ضد القوات الغازية- إلى عقيدة "الدفاع الأمامي"، التي تدعو إلى قتال الخصوم خارج حدود إيران لمنع هجمات محتملة على البلاد، وفق التحليل.
وظهرت هذه الاستراتيجية من خلال استخدام وكلاء في العراق وسوريا ولبنان واليمن للتعويض عن عزلة طهران الاستراتيجية.
الطائفية
ومع ذلك، ووفق تحليل معهد الشرق الأوسط يعتبر احتمال حصول الوكلاء المدعومين من إيران على دعم قوي من السكان المحليين في أذربيجان منخفض للغاية، بسبب مجموعة من العوامل، بينها الطبيعة العلمانية للدولة والمجتمع الأذربيجاني.
على سبيل المثال، فشلت القوات التي يقودها الحرس الثوري الإيراني داخل أذربيجان حتى الآن في تقويض الحوار الوطني الأوسع، الذي يعتبر أرمينيا المعتدي على أذربيجان.
ومَثّل ذلك مشكلة بالنسبة إلى إيران، فمن أجل منع صعود أذربيجان بالمنطقة، لطالما أعطت إيران الأولوية لعلاقتها مع أرمينيا، حتى على حساب الوحدة الطائفية مع السكان الشيعة الأذريين.
احتجاجات إيران
ووفق التحليل فلطالما كانت العلاقات بين إيران وأذربيجان مشحونة، لكن أضافت الاحتجاجات في البلد مستوى جديدا من التعقيد للوضع الحالي للعلاقات.
واختار النظام الإيراني، في مواجهة الغضب الشعبي واسع النطاق، الإلقاء باللوم في أزمة الشرعية الداخلية على قوى خارجية.
ويصر النظام الحاكم في إيران على أن هذه الاحتجاجات يتم تنظيمها من الخارج، ووجه أصابع الاتهام إلى أذربيجان باعتبارها أحد الجناة.
aXA6IDE4LjIyNy40OS43MyA= جزيرة ام اند امز