دراسة جديدة ترسم أول خريطة كيميائية لغبار تونس (خاص)
كشفت دراسة علمية حديثة عن أول توصيف تفصيلي للتركيب الكيميائي للغبار المعدني الذي يصل إلى السواحل المتوسطية وسط تونس.
وقدمت الدراسة المنشورة بدورية "أتموسفيرك ريسيرتش"، بهذا الوصف " أول خريطة كيميائية توضح تنوع هذا الغبار ومصادره الجغرافية المختلفة".

واعتمد الباحثون من جامعتي باريس شرق كريتيل وباريس ديدرو، على تحليل 190 عينة يومية من الهباء الجوي جُمعت من محطتين ساحليتين في وسط تونس، إحداهما في مدينة صفاقس ذات الطابع الحضري، والأخرى في أرخبيل قرقنة الذي يمثل بيئة أنظف نسبيًا. واستُخدمت تقنية الفلورة بالأشعة السينية (XRF) لتحديد التركيب العنصري للغبار المعدني بدقة عالية، بعد فصل المكونات غير القشرية ذات الأصل البحري أو البشري.
وأظهرت النتائج أن معظم العينات تعود إلى أحداث غبارية متوسطة الشدة، في حين سُجل عدد أقل من العواصف الشديدة.
ومن خلال دمج بيانات الأقمار الصناعية، ونماذج تتبع مسارات الكتل الهوائية، ومحاكاة انبعاث الغبار، تمكن الفريق من تحديد ثلاث مناطق رئيسية تمثل مصادر هذا الغبار: جنوب شرق تونس وغرب ليبيا، منطقة الحدود التونسية الجزائرية التي تضم منخفض شط الجريد، ثم وسط الجزائر.
وكشفت "البصمة الكيميائية" للغبار عن فروق واضحة بين هذه المناطق، خاصة في نسب عناصر مثل الكالسيوم إلى الألومنيوم، ومجموع المغنيسيوم والكالسيوم إلى الحديد، وهي مؤشرات تسمح بتتبع مصدر الغبار بدقة.
فقد تميز الغبار القادم من جنوب شرق تونس وغرب ليبيا بارتفاع نسبة الكالسيوم، بينما أظهر الغبار المنبعث من منطقة شط الجريد تركيبة مختلفة جعلتها المصدر الأكثر تأثيرا على وسط تونس خلال العواصف الشديدة.

ولتعزيز هذه النتائج، أجرى الباحثون تجارب مخبرية على تربة طبيعية مأخوذة من مناطق المصدر نفسها، وأنتجوا منها غبارا معدنيا اصطناعيا أظهر خصائص كيميائية متطابقة تقريبا مع الغبار المرصود في الجو، ما يؤكد الصلة الوثيقة بين طبيعة التربة وتركيب الغبار المحمول جوا.
وتؤكد الدراسة التي حصلت العين الإخبارية على نسخة منها، أن هذه الخريطة الكيميائية لا تسد فجوة معرفية مهمة في منطقة شمال أفريقيا والبحر المتوسط فحسب، بل توفر أيضا أداة علمية جديدة لتحسين نماذج التنبؤ بالغبار، وفهم تأثيراته المناخية والبيئية والصحية على المستويين الإقليمي والعالمي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز