"إخوان المغرب" بعد خسارة الانتخابات.. هزائم متتالية وتآكل شعبية
ما إن يخرج حزب العدالة والتنمية من صفعة شعبية حتى تباغته أخرى تؤكد تقهقر شعبيته وتراجع مصداقيته لدى الشعب المغربي.
الحزب الذي قاد الشأن الحكومي في المغرب لعشرة أعوام متتالية، حمل فيها أوهام التغيير والإصلاح للمغاربة، لم يُحقق منها سوى ثراء قياداته على حساب المغاربة، وفقا لوسائل الإعلام المحلية.
تذيل
فالسنوات العشر العجاف التي عاشها المغاربة في ظل قيادة الحزب الإخواني للشأن الحكومي، انتهت بعقاب ديمقراطي شديد عبر صناديق الاقتراع، التي هوت بالحزب من مقدمة الأحزاب في البرلمان من حيث عدد المقاعد، إلى ذيلها، بعدد لا يستطيع به الحصول حتى على فريق برلماني.
صفعة أخرى تلقاها الحزب، كانت أكثر قساوة من سابقتها، خلال انتخابات سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، حيث فشل حزب العدالة والتنمية في حصد مقعد انتخابي في الانتخابات التكميلية الأخيرة بكل من مدينتي مكناس والحسيمة.
نتائج هذه الانتخابات عمقت هزيمة الحزب الإخواني، خاصة وأنها شهدت جولات كبيرة لقيادات الحزب، وعلى رأسهم عبد الإله ابن كيران، الذي عجز عن المساهمة في حصول مرشحيه ولو على مقعد واحد.
ولم ينجح "أسلوب الشيطنة"، الذي انتهجه عبد الإله ابن كيران تُجاه خصومه السياسيين، خاصة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في إقناع المغاربة بالتصويت للإخوان.
ونهج ابن كيران سياسة التدليس، لخداع الرأي العام بتراجع شعبية الحكومة، والمُدارة على فراغ أطروحة الحزب وانكشاف زيف شعاراته التي خدع بها المغاربة طيلة عشرة أعوام.
حملة مغرضة
لقد كانت هذه الانتخابات بمثابة تحد على كافة المستويات، نظراً لسياقاتها وأيضاً مجموعة من الظروف المحيطة بها، وفقا للأكاديمي والمحلل السياسي المغربي حسن بلوان، لـ"العين الإخبارية".
وأضاف: "من سياقات إجراء هذه الانتخابات وتحدياتها، كونها أول استحقاق بعد نصف عام من اشتغال الحكومة التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار، كما أنها أول استحقاق يخوضه حزب العدالة والتنمية بقيادة عبدالإله ابن كيران، ناهيك عن كونها تأتي في خضم حملة مغرضة تقوم بها جهات ما ضد رئيس الحكومة الحالي وحزبه".
وتابع بلوان: "بالتالي، فإن هذه النتائج تؤكد بالملموس مسألتين، الأولى تتعلق بنجاح الحكومة على الرغم من الظروف الصعبة المتمثلة في التداعيات الاقتصادية السلبية لكورونا، ومخلفات التوتر الروسي الأوكراني، وأيضاً موجة الجفاف غير المسبوقة التي تعرفها البلاد".
كما أن الإقبال الكبير، وغير المسبوق على صناديق الاقتراع، بالقدر الذي يؤكد تشبث المغاربة بالخيار الديمقراطي، يعكس ثقة الناخبين في هذه الحكومة والأحزاب المكونة لها، ومساندتهم لها في هذا الظرف الصعب، وتقديرهم لمجهوداتها للحفاظ على القدرة الشرائية للمغاربة.
غضب
وأكد: "أما المسألة الثانية، فتتمثل في استمرار الغضب الشعبي من حزب العدالة والتنمية وسياساته، وتفّرق المغاربة من حوله، إذ نلمس هذا الأمر في النتائج الكارثية التي حصل عليها على الرغم من نزول قياداته بثقلها كاملاً خلال الحملة الانتخابية".
ويرى بلوان، أن لهذه النتائج دلالة أخرى، تتمثل في انهيار حزب العدالة والتنمية بشكل كامل، وتفكك منظومته الداخلية، ما يلزم ضرورة دخوله في مراجعات صارمة وصريحة.
فالحزب الذي روج للمغاربة أن النتائج الكارثية التي حصل عليها في انتخابات العام الماضي، سببها القيادة السابقة، وأن عبد الإله ابن كيران، هو المُخلص المنتظر للحزب من تقهقره. (هذا الحزب) يجد نفسه اليوم أمام حقيقة مفادها بأن عبدالإله ابن كيران، لم يستطع حتى جلب مقعد برلماني واحد للحزب.
واستطرد الأكاديمي المغربي: "هذا الرجل، الذي نزل بثقله الكامل خلال الحملة الانتخابية، لم يستطع إقناع المواطنين بالتصويت لحزبه، وبالتالي: يمكننا القول إنه فشل في أول اختبار له. وأن الغاية من إرجاعه لقيادة الحزب لم تتحقق، وبالتالي من الواجب تنحيه وفسح المجال لقيادات شابة وجديدة".
شماعة
وكعادته، لا يعترف الحزب الإخواني بهزائمه، وبدلا من ذلك يروج لأباطيل ومزاعم لم تحدث، فعبدالإله ابن كيران، الخارج من هزائم وصفعات ديمقراطية متتالية، سعى لمعالجة تصدعات وفشل حزبه في الانتخابات الأخيرة بتوجيه انتقادات لوزارة الداخلية المغربية، متهماً إياها بالخروج عن الحياد خلال هذه الانتخابات، دون تقديم أي أدلة ملموسة.
ساعات قليلة في أعقاب الادعاءات الواهية لزعيم الإخوان المغربي، جاء الرد المزلزل من وزارة الداخلية المغربية، مؤكدة زيف اتهامات الرجل.
وفي هذا الصدد، نفت وزارة الداخلية المغربية بشكل قاطع، ما قالت إنه “ادعاءات مغرضة وغير مقبولة”، روجت لها قيادة أحد الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات التشريعية الجزئية الأخيرة.
وأورد بيان لوزارة الداخلية، وصلت "العين الإخبارية" نسخة منه، أن "هذا الحزب وفي محاولة منه لضرب مصداقية العملية الانتخابية يروج بأن التصويت كان بتوجيه من بعض رجال السلطة”.
بيان الداخلية المغربية، أوضح أن “قيادة أحد الأحزاب السياسية، التي شاركت في الانتخابات التشريعية الجزئية يوم الخميس 21 يوليو / تموز 2022، عمدت إلى محاولة الضرب في مصداقية هذه العملية الانتخابية من خلال الترويج لمجموعة من المغالطات تدعي من خلالها أن التصويت كان بتوجيه من بعض رجال السلطة".
واعتبرت الداخلية المغربية أن ذلك “ادعاءات مغرضة وغير مقبولة”، تهدف إلى “إفساد هذه المحطة الانتخابية، والتشكيك في مجرياتها بشكل ممنهج ومقصود، على غرار الخط السياسي الذي تبناه الحزب المعني خلال الاستحقاقات الانتخابية ليوم 8 سبتمبر/أيلول 2021”.
وأضاف: "تستغرب وزارة الداخلية من تعليق شماعة الإخفاق على رجال السلطة الذين ساهموا بكل وطنية في إنجاح الاستحقاقات الانتخابية، فإنها تؤكد أن التمادي في ترديد نفس الاتهامات خلال كل استحقاق انتخابي، أمر يحاول بخس المكتسبات الديمقراطية التي تحققها بلادنا، وضربا في العمق لكل الجهود المبذولة من طرف الجميع، من حكومة ومؤسسات دستورية وأحزاب سياسية مسؤولة ووسائل إعلام جادة، بل هو تحقير ورفض لإرادة الناخبين الذين اختاروا بكل حرية ومسؤولية من يمثلهم في تدبير الشأن العام الوطني”.
وأضاف البيان أن "بلادنا قد حرصت على توفير كل الضمانات القانونية والقضائية والسياسية التي تضمن شفافية جميع الاستحقاقات الانتخابية كيفما كانت طبيعتها"، مشددة على "أنه من يرى عكس ذلك، أن يلجأ إلى الهيئات الدستورية المختصة للطعن في النتائج الانتخابية، كممارسة ديمقراطية متجذرة في التجربة الانتخابية المغربية، بدلا من الترويج لاتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة".
aXA6IDMuMTQ1LjEwOC40MyA=
جزيرة ام اند امز