السودان في أسبوع.. إضراب سياسي وتلميح بفض الاعتصام
الإضراب العام الذي نفذه قادة الاحتجاجات يسيطر على المشهد السياسي في السودان وتصريحات العسكري السوداني حول خطر الاعتصام على أمن البلاد
جاء الإضراب العام الذي نفذه قادة الاحتجاجات على المشهد السياسي في السودان وتصريحات المجلس العسكري الانتقالي حول خطر الاعتصام على أمن البلاد الأحدث والأبرز بالبلاد خلال الأسبوع الماضي.
وقال قائد المنطقة العسكرية المركزية بالخرطوم، اللواء بحر أحمد بحر، إن ميدان الاعتصام أمام قيادة الجيش "أضحى غير آمن ويشكل خطرا على الثورة والثوار ومهددا لتماسك الدولة وأمنها الوطني".
واتهم قائد المنطقة العسكرية المركزية، في بيان، ما أسماها "عناصر منفلتة" بمهاجمة مركبة تابعة لقوات الدعم السريع والاستيلاء عليها قرب موقع الاعتصام، وفق وكالة رويترز.
كما شهد الأسبوع المنصرم 5 زيارات خارجية لرئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، شملت كلا من السعودية والإمارات ومصر وجنوب السودان وإثيوبيا.
وأبدت القيادة في كل هذه البلدان التي زارها البرهان دعمها الكامل للسودان، وخطوات المجلس العسكري لتحقيق الأمن والاستقرار.
دعم استقرار السودان
واستهل رئيس الانتقالي السوداني جولاته الخارجية بمصر، التي وصلها السبت الماضي، والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبحث معه مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
وأكد الرئيس المصري وقوف ودعم بلاده الكامل للسودان، لافتا إلى أن استقرار الخرطوم جزء من استقرار القاهرة.
وأسفرت زيارة البرهان إلى مصر عن توقيعه مع الرئيس السيسي اتفاقية تعاون أمني بين البلدين لضبط الحدود ومكافحة الإرهاب.
وفي ثاني محطاته الخارجية، توجه رئيس المجلس العسكري السوداني، الأحد الماضي، إلى الإمارات في زيارة رسمية استغرقت يوما واحدا.
وخلال اجتماعه مع البرهان بأبوظبي، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، على دعم بلاده للسودان في كل ما يحفظ أمنه واستقراره.
كما أعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن ثقته الكبيرة بقدرة الشعب السوداني الشقيق ومؤسساته على تجاوز المرحلة الحالية والتوجه إلى المستقبل بروح وطنية واحدة.
بدوره، ثمن رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الدعم الذي قدمته الإمارات إلى بلاده بهدف تعزيز اقتصادها.
وتوجه البرهان بالشكر إلى الإمارات والسعودية، لدعمهما السودان في المرحلة الراهنة.
كما توجه بالشكر إلى مصر ودورها الداعم للبلاد، وتعاون الرئيس المصري مع المجلس العسكري الانتقالي، كما شكر الاتحاد الأفريقي على تعاونه أيضاً.
وفي أديس أبابا التي زارها رئيس الانتقالي السوداني الثلاثاء الماضي، بعد جنوب السودان، زرع مع رئيس وزراء اثيوبيا آبي أحمد والبرهان شتلات على ساحة مجلس الوزراء الإثيوبي ضمن مبادرة يقودها رئيس الحكومة الإثيوبية تستهدف زرع 4 مليارات شتلة في مختلف أنحاء البلاد لمواجهة التغير المناخي.
وأكد آبي أحمد، خلال اللقاء بحسب بيان لمكتبه، دعم إثيوبيا ومساندتها للسودان حتى يتجاوز المرحلة الانتقالية، قائلا إن بلاده تدعم انتقالا سلميا للسلطة في السودان، ما يحقق تطلعات وطموحات الشعب السوداني.
وأضاف أن إثيوبيا ستدعم الخرطوم بكل ما يحقق مصلحة السودان مع التزامها بعدم التدخل في شؤونه.
تصعيد متزامن
وبالتزامن مع زيارات البرهان الخارجية كانت الأوضاع في السودان تشهد تصعيدا في المواقف بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، نتيجة تعثر مفاوضات تشكيل السلطة الانتقالية.
ونفذت قطاعات سودانية واسعة يومي الثلاثاء والاربعاء إضرابا عاما عن العمل، استجابة لدعوة قوى الحرية والتغيير ضمن خطوات تصعيدية للضغط على المجلس العسكري، من أجل التوصل إلى اتفاق حول السلطة المدنية.
وأدى الإضراب إلى شلل تام في مرافق حيوية في البلاد، حيث كان القطاع الصحي والمصارف والكهرباء الأكثر استجابة للإضراب السياسي، كما أثر على قطاع السفريات الداخلية، بينما انتظمت حركة الملاحة الجوية في مطار الخرطوم بعد أن ارتبكت لساعات صباح الثلاثاء الماضي.
وجاء التصعيد الذي كان عنواناً بارزاً للمشهد السوداني، طوال الأسبوع المنصرم نتيجة تباعد رؤى الطرفين بشأن تشكيل مجلس السيادة المقترح كـ"رأس دولة" لإدارة فترة انتقالية تم الاتفاق على أن تكون مدتها ثلاث سنوات تعقبها انتخابات حرة ونزيهة.
وتركز الخلاف في نسبة التمثيل ورئاسة مجلس السيادة، حيث يتمسك كل من المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير بأن تكون له أغلبية الأعضاء ورئاسة المجلس المقترح، وهو ما أدى إلى جمود في التفاوض والتصعيد من الطرفين.
باب التفاوض مفتوح
ورغم التصعيد وتوتر الأوضاع فإن المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير أبديا استعدادهما للدخول في محادثات لحسم معضلة مجلس السيادة، لكن مواقف الجانبين بشأن نسبة التمثيل ورأس الدولة ما زالت ثابتة.
وأكد رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي والمتحدث الرسمي الفريق شمس الدين الكباشي التزامهم التام بكل الاتفاقات المبرمة مع قوى الحرية والتغيير، مؤكداً أن التواصل مع قادة الاحتجاجات لم ينقطع، ومستعدون للجلوس في طاولة التفاوض لحسم باقي الملفات.
وتأسف كباشي، خلال مقابلة مع تلفزيون السودان الثلاثاء الماضي، للجوء قوى الحرية والتغيير للإضراب السياسي، لكنه اعتبر أن ما قاموا به يمثل حقا مشروعا.
وفي المقابل، قال القيادي في قوى الحرية والتغيير وجدي صالح إنهم ليس في عداوة مع قادة القوات المسلحة السودانية، ويكنون لهم كثيراً من الاحترام، ويقدرون دوره في إنجاح الثورة الشعبية.
وأضاف، خلال مخاطبة بساحة الاعتصام ليل الأربعاء: "يجب أن نعمل سويا مع القوات المسلحة لاجتثاث دولة الإخوان العميقة ومحاسبة الذين أجرموا بحق الشعب السوداني".
وتابع: "مستعدون لتوقيع اتفاق متى ما استجاب المجلس العسكري لمطالبنا بتشكيل سلطة مدنية كاملة".
الاعتصام خطر على البلاد
قال قائد المنطقة العسكرية المركزية بالخرطوم، اللواء بحر أحمد بحر، إن ميدان الاعتصام أمام قيادة الجيش "أضحى غير آمن ويشكل خطرا على الثورة والثوار ومهددا لتماسك الدولة وأمنها الوطني".
واتهم قائد المنطقة العسكرية المركزية، في بيان، ما أسماها "عناصر منفلتة" بمهاجمة مركبة تابعة لقوات الدعم السريع والاستيلاء عليها قرب موقع الاعتصام، وفق وكالة رويترز.
يأتي ذلك بالتوازي مع إغلاق السلطات السودانية، الخميس، مكتب قناة الجزيرة القطرية بالخرطوم وسحب الترخيص الممنوح لها لمزاولة العمل.
ووفقا لمصادر تحدثت لـ"العين الإخبارية" فإن إدارة الإعلام الخارجي بوزارة الإعلام السودانية أمرت قناة الجزيرة بعدم ممارسة أي نشاط إعلامي بالبلاد.
وطبقا للمصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عن أسمائها، فإن السلطات السودانية لديها تحفظات على الخط غير المهني الذي تسلكه القناة في التعاطي مع مجريات الأحداث في البلاد، لا سيما عمليات البث المباشر من ميدان الاعتصام.
وأشارت المصادر إلى أن الاستخبارات العسكرية ووحدة الإعلام بجهاز الأمن استلموا مكتب الجزيرة بمعداته، وسحبوا مراسلي القناة من ساحة الاعتصام.
وهناك حالة من الشد والجذب تسود العلاقة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات في السودان، لدرجة أدت إلى تباعد المواقف حول تشكيل السلطة الانتقالية.
ومنذ السادس من أبريل/نيسان الماضي يعتصم الآلاف من المحتجين أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم، في تتويج لمظاهرات استمرت نحو 4 شهور داخل الأحياء والأسواق ومواقف المواصلات العامة.
وتسارعت الأحداث منذ 11 أبريل/نيسان الماضي، حيث أعلن الجيش عزل الرئيس عمر البشير واعتقاله في مكان آمن وتعطيل العمل بالدستور، وحل البرلمان والحكومة المركزية وحكومات الولايات، وتشكيل لجنة أمنية لإدارة البلاد لمدة انتقالية.
ورغم عزل البشير، يواصل السودانيون اعتصاماً مفتوحاً أمام مقر القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، مطالبين بتنحي كل تنظيم "الحركة الإسلامية" السياسية وتسليم السلطة إلى قيادة مدنية.
aXA6IDMuMTQ1LjguMTM5IA== جزيرة ام اند امز