تصاعد دعوات التسليح.. خطط إخوانية لاستنساخ «الحشد الشعبي» بالسودان
مخاوف تتزايد في السودان من جر البلاد للهاوية مع تصاعد دعوات تسليح ما تسمى بـ"المقاومة الشعبية" وسط تأكيدات بأن "مثل هذه الخطط الإخوانية لاستنساخ تجارب خارجية لن تحل الصراع بل ستفاقمه وستخلق كيانات عسكرية موازية".
ووفق خبراء ومراقبين فإن الإمعان في تسليح السودانيين من القوات المسلحة بقيادة عبدالفتاح البرهان أو حتى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" أمر له كثير من المخاطر، التي قد "تدفع بالسودان إلى مرحلة اللاعودة"، مستشهدين في ذلك بحال العراق بعد تشكيل "الحشد الشعبي".
ويرى هؤلاء المراقبون أن "إيران تلوح برأسها وكذلك تنظيم الإخوان الدولي في هذا المخطط، الذي يستهدف خلق مليشيات لن تؤثر على مستقبل السودان وحده بل على كثير من دول المنطقة"، وفق أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية".
فكر ومخطط إخواني
وتعقيبا على ذلك، قال السياسي السوداني شريف محمد عثمان المتحدث باسم "إعلان قوى الحرية والتغيير"، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن عمليات التسليح الأهلي التي تمت تحت مسميات مختلفة منذ بداية الحرب والتي أطلق عليها في البداية عمليات الاستنفار لدعم القوات المسلحة، والآن تم الإعلان عنها باسم المقاومة الشعبية، خطوات تمثل تهديداً كبيراً".
وأضاف أن "السبب الأول في هذا التهديد أن هذه العمليات تمت بواسطة تنظيم الإخوان والمؤتمر الوطني (حزب الرئيس المخلوع عمر البشير)، ما يشير إلى أنها عملية تسليح على أساس سياسي، وثاني الأسباب أن المجموعة التي تدعو إلى عمليات التسليح وهي ذات المجموعة السياسية التي تعمل على أن يكون هؤلاء المسلحون مستقلين عن القوات المسلحة".
واعتبر أن هذا الأمر محاولة لصناعة مليشيات لها أجندة سياسية متطرفة، مشيراً أيضاً إلى أن عمليات التسليح تتم على أساس إثني ومناطقي، وهو ما يشكل تهديداً إضافياً للتهديدات السابقة.
وشدد متحدث إعلان قوى الحرية والتغيير على ضرورة أن تتم قراءة هذه العملية في إطار علاقتها بالتنظيم الدولي للإخوان، حيث إن حرب السودان ليست معزولة عن التنظيم العالمي للإخوان، قائلاً إن "السودان على مدى 3 عقود كان مركزاً للتنظيم من ناحية التدريب والتسليح وحماية العناصر المطلوبة للعدالة في دولهم".
وخضع السودان لحكم ما يسمى بـ"الحركة الإسلامية" التابعة لتنظيم الإخوان الدولي منذ سنة 1989، والذي دأب على توثيق علاقاته بتنظيمات مثل القاعدة، كما وثق علاقاته مع الأنظمة الإيرانية المتعاقبة، حتى إن قطعها في العلن مع طهران عام 2016 في أعقاب اقتحام السفارة السعودية، لكن تم استئناف العلاقات مؤخراً وقد ترجم ذلك بوضوح في زيارة وزير الخارجية السوداني علي الصادق إلى إيران.
"دور إيران"
وبحسب السياسي السوداني فإن "عملية التسليح أو ما يسمى بالمقاومة الشعبية مرتبطة بإعادة العلاقات مع إيران، معتبراً أن هذا الأمر يؤكد أن التنظيم العالمي الذي يتمتع بتحالف استراتيجي مع طهران يخوض هذه الحرب بكل ضراوة في محاولة لإعادة السودان إلى مركز نفوذه".
واستشهد السياسي السوداني ببعض النماذج في المنطقة، والتي قال إنها عديدة مثل العراق، حيث "تمثل الحشد الشعبي إحدى أذرع إيران العسكرية، كما أن الوضع ينطبق كذلك على اليمن من خلال مليشيات الحوثي، وكذلك حزب الله في لبنان"، لافتاً إلى أن "كل هذه التنظيمات هي أذرع لطهران، ولا تشكل تهديداً داخلياً لبلدانهم فقط، وإنما امتدّت تهديداتها إلى دول المنطقة والإقليم".
ولفت إلى أن "تنظيم الإخوان أو ما يعرف بالحركة الإسلامية في السودان يسعى إلى جر البلاد إلى ذات المسار القديم، حيث مثلت شواطئ البحر الأحمر أحدث القواعد العسكرية في المنطقة للإيرانيين، والبوارج العسكرية الإيرانية كانت ترسو في شواطئ السودان"، على حد قوله، معرباً عن اعتقاده بأن "محاولات صناعة مليشيات سياسية مرتبطة بشكل وثيق بهذا التنظيم تمثل تهديداً للسودان والسودانيين من حيث وحدة البلاد واستقرارها، كما تمثل تهديداً لأمن البحر الأحمر ودول الإقليم".
يذكر أن وكالة "بلومبرغ" كانت ذكرت في تقرير سابق أن "طهران تعمل على تزويد قوات الجيش السوداني بأسلحة إيرانية الصنع مثل طائرات "مهاجر 6" المسيرة، وغيرها من الأسلحة، ودائماً ما كانت خطوط الاتصال مفتوحة بين نظام الحكم في السودان وطهران، على نحو سبّب للخرطوم عزلة دولية لفترات طويلة".
هل هو تأييد شعبي؟
لكن ثمة وجهة نظر أخرى، ترى أن الأمر لا يجب أن يفهم هكذا، وأن ما يحدث هو مجرد حالة من الدعم الشعبي للقوات المسلحة السودانية، وهو رأي يتفق معه السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية والخبير في الملف السوداني.
وقال حليمة، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "المواطنين السودانيين لديهم رغبة في الحفاظ على دولتهم ومؤسساتهم، ولهذا ينخرطون في دعم الجيش".
وبحسب حليمة فإن "قوات الجيش لديها الدعم الشعبي الأكبر في البلاد مقارنة بقوات الدعم السريع، وانخراط المواطنين في القتال إلى جانب قوات الجيش السوداني يعتبر أيضاً نوعا من الدعم للقوات المسلحة".
استنساخ للحشد الشعبي
في المقابل، يرى المحلل السياسي العراقي حازم العبيدي عكس الرؤية السابقة للسفير صلاح حليمة، ويتفق إلى حد بعيد مع رؤية السياسي السوداني شريف عثمان، قائلاً، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "النظام الحالي في السودان يستنسخ تجربة الحشد الشعبي في العراق بإيعاز إيراني".
وقال "العبيدي" إن "إيران تستغل أي ظرف لزراعة أذرعها وتقويتها كما فعلت في سوريا ولبنان واليمن، وكانت تريد تمرير نفس الأمر في دول أخرى مثل مصر خلال فترة حكم الإخوان".
واعتبر أن "ما يحدث لن يحل الصراع في السودان بل سيفاقمه وسيخلق كيانات عسكرية موازية موالية لقوى خارجية ستكون هي صاحبة الكلمة وليست الدولة السودانية".
وقال المحلل السياسي العراقي إن "الحشد الشعبي رهن العراق للنظام الإيراني وقضى على فكرة الدولة الوطنية التي تكون فيها السيادة للسلطات الرسمية"، مشدداً على أن تسليح المواطنين أمر سيكون له تأثيره لمدى بعيد، كما أكد أن "هذا الوضع في السودان لن يكون خطراً عليه فقط، وإنما على كل دول المنطقة".
aXA6IDMuMTI4LjMxLjc2IA== جزيرة ام اند امز