السودان 2022.. أفق الحل ودعوات التصعيد
يدخل السودان العام الجديد مثقلا بأزمات العام المنصرم، وما شهده من تقلبات هددت المرحلة الانتقالية، والشراكة بين المكون المدني والعسكري.
وفي محاولة لاستشراف العام الجديد، والتطورات المتوقعة في الملفات السياسية، التي امتدّ تأثيرها إلى عام 2022 الجاري، تحاول "العين الإخبارية"، سبر التوقعات لمستقبل الأزمة السودانية في هذا التقرير.
صراع مستمر
ولا يبدو أن العام الجديد مرشح لهدوء الشارع، وتطبيع الحياة السياسية بين المكونين المدني والعسكري، إذ ترك عام 2021 تركة ثقيلة من الأزمة السياسية التي عصفت بالسودان، منذ تعثر المرحلة الانتقالية، بإقالة الحكومة وحل مجلس السيادة في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ومع مطلع العام الجديد أعلنت اللجان الشعبية التي تقود حراك الشارع بكافة مستوياتها في السودان عن تصعيد "الحراك الثوري السلمي" لإسقاط ما وصفته بـ"الانقلاب العسكري"، الذي جرى في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في إشارة إلى إجراءات القائد العام للجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان.
ومع بزوغ فجر العام الجديد تسيطر العتمة على المشهد السياسي السوداني، المرشح للتفاقم، خصوصا مع تلويح رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الذي وقع اتفاقا سياسيا مع الفريق البرهان، بالاستقالة، واستمرار غضب الشارع من إقصاء الجانب المدني من السلطة الحاكمة.
زيادة قوة
يرى القيادي بقوى الحرية والتغيير نور الدين صلاح الدين في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الحراك الثوري في حالة غليان شديد"، وأن "الحركة الجماهيرية الرافضة للانقلاب تزداد قوة ومنعة يومياً ولديها طاقة وإرادة وتصميم يجعلها تمضي بقوة نحو نهاية الشوط"، وفق تعبيره.
وأضاف قائلا إن "المتتبع للشأن العام يدرك أن هناك وعياً وقناعةً تامة بأن سقوط السلطة الانقلابية سيكون أسرع ما يكون، قبل أن يخسر السودانيون مزيداً من مكتسبات التحول المدني الديمقراطي الذي اكتسبوه بعد الإطاحة بتنظيم الإخوان الإرهابي".
مليونيات وقيادة جديدة
توقع نور الدين أن تزداد المليونيات قوة، وتكتسب المزيد من القوة وطاقة الدفع، خصوصاً أن القرارات التي تصدرها السلطة في سبيل الحد والمنع من الحراك الجماهيري تعمل على ضخ المزيد من الحماسة في صدور الشباب، من استخدام للعنف المفرط وقفل الشوارع والجسور بتكتيكات جديدة، وآخرها إعادة السلطات لجهاز المخابرات، وهذا ما يجعل "الثوار" أكثر تصميماً في العمل على إحقاق مطالبهم، حسب قوله.
من جانبه أوضح المتحدث باسم "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض الوليد علي أن لجان الميدان هي التي يناط بها إصدار جداول المواكب والتصعيد، مشيرا إلى شهر يناير 2022، سيشهد زيادة في الجرعة التصعيدية الثورية.
وقال الوليد لـ"العين الإخبارية"، إن حراك الشارع سيستمر من أجل إزالة ما يسميه "السلطة الانقلابية"، بجانب الضغط في سبيل تكوين قيادة حقيقية تفرز من قلب المعركة.
واعتبر أن الضغط الجماهيري على ما أطلق عليها "قوى الانقلاب" في العام الجديد سيكون حاسماً ويقتلع "شجرة الانقلابيين" من جذورها، مردفا أن "السودان موعود بقيادة شبابية في المرحلة المقبلة، لأن العزيمة والإصرار على إحداث التغيير وإجبار مغتصبي السلطة على التنحي مسألة وقت".
وتابع أن العام الجديد سيحمل في طياته المتغيرات التي يتطلع إليها الشارع السوداني.
أما المحلل السياسي السوداني مصطفى سري فقال إن تقديم حمدوك استقالته في حال أقدم على ذلك، سيعقد المشهد السياسي أكثر في العام الجديد.
وأردف قائلا: "سيشهد العام الجديد تغييرا كبيرا نحو تحقيق أهداف الثورة، بمقاومة قرارات 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا سيما بعد التصعيد المتنامي.
تحالفات وانتخابات
وتوقع سري لـ"العين الإخبارية" أن تتشكل الساحة السياسية بتحالفات بين الفرقاء في القوى السياسية.
ومضي قائلا: "ربما ينقسم تحالف قوى الحرية والتغيير إلى أكثر من جسم، وستكون لجان المقاومة واحدة من أقوى المنظومات السياسية، علاوة على دخول الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو في ذلك التحالف الجديد مع لجان المقاومة والحزب الشيوعي، وربما حركة عبدالواحد محمد نور وقوى أخرى، ويتم الإعلان عن ميثاق سياسي جديد.
ورجح أن يسبق الانتخابات إجراءات تهيئة المناخ السياسي، مثل تحقيق السلام الشامل، بجانب تنفيذ الترتيبات الأمنية، فضلا عن إجراء الإحصاء السكاني، وإعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم بعد تحقيق الأمن على الأرض.
وقال سري إن المشهد السياسي السوداني في تعقيداته سيولد تاريخا جديدا مع عام 2022، لا سيما أن تصعيد لجان المقاومة في الأصل مستمر، كما سيذهبون إلى التوقيع على إعلان سياسي في مقبل الأيام، ومن المنتظر أن يتزامن مع ذكرى استقلال البلاد في الأول من يناير/كانون الثاني القادم.
شرط الانفراج
من جانبه، قال المحلل السياسي السوداني عطاف محمد مختار إن الانفراجة في الأزمة الحالية خلال العام الجديد رهينة بوجود تحالف سياسي حقيقي بعيداً عن المشاكسة الدائرة الآن بين الأحزاب السودانية، مشددا على ضرورة الاتفاق على برنامج وطني حقيقي لقيادة البلاد خلال الفترة المقبلة.
وأضاف مختار لـ"العين الإخبارية" قائلا إن الشارع متقدم على القوى السياسية بمطالبته بالحرية والسلام والعدالة، وذلك من خلال مواكبه التي تخرج أسبوعيا.
ويرى مختار أن السياسيين يصفون معاركهم السياسية فيما بينهم عبر التصريحات الإعلامية، لافتاً إلى أن المرحلة الحالية تتطلب توحيد الصف وأن يكونوا على قلب رجل واحد.
تشاكس أم مصالحة؟
وأشار إلى أن أكبر عقبة نحو التحول الديمقراطي والعودة إلى ما قبل قرارات أكتوبر/تشرين الأول، تكمن في المشاكسة السياسية.
واعتبر مختار أن الحديث عن إجراء انتخابات في ظل هذه الأوضاع غير مجد.
بدوره، استبعد الخبير العسكري كمال إسماعيل استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك رغم الضغوط التي يتعرض لها الآن.
وقال إسماعيل لـ"العين الإخبارية" إن هناك انسدادا سياسيا وأزمة حقيقية تواجه الأجواء السياسية في العام الجديد.
ويرى الخبير العسكري أن الحل يكمن في المصلحة الوطنية، وقدرة المعارضة على المقاومة، محذرا من نتائج كارثية لأي انتخابات مبكرة إلا إذا تم الإعداد لها بصورة كبيرة.
لافتا إلى أن الوقت لن يسعف في ضوء الاستحقاقات المطلوب إنجازها قبل الذهاب إلى الاستحقاق الانتخابي وأبرزه المؤتمر الدستوري وتشكيل مفوضية متفقا عليها، فضلا عن إجراء المسح السكاني.