أسمرة تبحث عن حل في الخرطوم بصوت سوداني.. والولاءات في الميزان
استضافت العاصمة الإريترية أسمرة قوى سياسية سودانية لبحث سبل إيقاف المعارك في الخرطوم، لكن ولاءات هؤلاء الساسة قد تعوق التقدم.
ويسعى أعضاء القوى السياسية إلى الإعداد لحوار سوداني - سوداني لوقف دائرة القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع الذي اندلع في أبريل/نيسان الماضي وخلف مأساة إنسانية مخيفة في البلاد.
وطبقا لبيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم القوى السياسية، طه جعفر، وتلقته "العين الإخبارية"، فإن القوى السياسية والمكونات المدنية والمهنيين وشخصيات قومية، وصلت إلى أسمرة في "زيارة تاريخية" في الفترة من 8 – 12 سبتمبر/أيلول الجاري، استجابة لدعوة من الحكومة الإريترية.
وشارك في الزيارة كل من قوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية)، وقوى الحراك الوطني، وحزب الأمة القومي، ومنظمات المجتمع المدني، والمهنيين السودانيين.
وناقش المجتمعون سبل وقف القتال وفق آليات محددة والإعداد لحوار (سوداني- سوداني)، وتعزيز العلاقات الشعبية بين السودان وإريتريا في ظل ظروف الحرب والنزوح لدول الجوار.
مبادرات متعددة
وتأتي خطوة الزيارة إلى العاصمة أسمرة، في إطار مبادرات متعددة لإنهاء الأزمة في السودان وأدت إلى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية.
ومنذ مايو/ أيار الماضي، ترعى السعودية والولايات المتحدة في مدينة جدة محادثات مباشرة بين طرفي القتال، في مسعى للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار تمهيدا للعودة إلى طاولة المفاوضات لحل الخلافات بالحوار.
وإلى جانب الجهود السعودية والأمريكية، طرحت الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) في 12 يونيو/ حزيران الماضي، مبادرة لحل الأزمة السودانية.
وفي 30 مايو/ أيار الماضي، أعلن الاتحاد الأفريقي، عن خارطة الطريق لحل النزاع تشمل 6 بنود بينها أن تعمل آلية شكلها الاتحاد على ضمان تنسيق جميع الجهود الإقليمية والدولية لحل الأزمة.
وتنص خارطة الطريق على ضرورة الوقف الفوري والدائم والشامل للأعمال العدائية والاستجابة الإنسانية الفعالة لتداعيات النزاع، وضرورة حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، والالتزام الكامل بالقانون الدولي الإنساني.
وفي 13 يوليو/ تموز الماضي، استضافت القاهرة قمة دول جوار السودان لبحث تداعيات الأزمة السودانية المندلعة اشتباكاتها المسلحة.
وفي 15 أغسطس/ آب، الماضي، تقدم نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، بمبادرة تتضمن "خريطة طريق" لوقف الصراع الدائر في السودان، تبدأ بإعلان وقف دائم وشامل لإطلاق النار، والانخراط في عملية سياسية تُفضي إلى انتخاباتٍ عامة، تنبثق منها حكومة مدنية، تتولى إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية.
التشاؤم يخيم
من جانبه رأى الكاتب والمحلل السياسي، أشرف عبد العزيز، أن القوى السياسية التي تزور أسمرة حاليا، محسوبة على طرف في الصراع هو الجيش، وبالتالي لن تنجح في إقناع الطرف الآخر (قوات الدعم السريع) في الجلوس معها لإنهاء القتال لأنها في وجهة نظره غير محايدة.
وأشار عبد العزيز في حديثه لـ"العين الإخبارية"، "في المقابل أيضا سترفض قوى سياسية أخرى ذات تأثير ووزن المشاركة، وبالتالي سيكون الحوار السوداني بين القوى المساندة للجيش ونفسها، ولن يسهم في أي حل مقبل."
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأسباط، إن "هذه الزيارة لن تستطيع أن تقدم أي جهد لإيقاف الحرب لعدة أسباب: أولا إريتريا ليست دولة ذات ثقل أو تأثير في الإقليم وتعاني من إشكالات ولديها عداوات متعددة مع دول الإقليم والمنطقة".
وأوضح الأسباط في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "إريتريا أيضا ليس لديها علاقات متوازنة مع الجنرالين عبدالفتاح البرهان قائد الجيش، ومحمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع.
كما أشار أيضا إلى أن "تركيبة الوفد الذي يضم مجموعة من القيادات السياسية والشخصيات التي أيدت البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول وبالتالي"، لافتا إلى أنها "قوى معزولة شعبيا".
وأوضح أن "الزيارة في نهاية المطاف عمل دبلوماسي إعلامي يهدف من ورائه الذين شاركوا فيه الإعلان عن وجودهم في الساحة السياسية، ولكن ليس لها تأثير على الأرض ولن تقدم أي مساهمة في عملية إيقاف القتال، لا سيما أن هذه القوى منذ اندلاع الصراع قبل 5 أشهر لم تقدم أي تصور واضح لإيقافه."
ومنذ منتصف أبريل/نيسان يخوض الجيش و"الدعم السريع" اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.