عطبرة السودانية.. مدينة الصمود ومهد الثورات
تكنى بمدينة "الحديد والنار"، وعرفت بصمود تاريخي بمواجهة أنظمة الحكم الديكتاتورية، ما جعلها تحصل بجدارة على لقب أيقونة الثورات.
جدار صد بوجه الطغاة، وحصن منيع تنكسر عنده الأنظمة المستبدة، فكانت المدينة الصامدة التي أعطت شارة الانطلاق لـ3 ثورات شعبية.
سقوط الإخوان
عندما زادت قبضة نظام الإخوان بقيادة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، وتردت الأحوال المعيشية بالبلاد، كانت عطبرة على الموعد، لتطلق شرارة ثورة 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، التي وضعت حدا لعهود من الاستبداد، وتكتب تاريخا جديدا بسجلها النضالي.
وبحلول الذكرى الثانية لثورة ديسمبر/ كانون الأول 2018، والتي تصادف اليوم السبت، يستحضر مدير مدرسة عطبرة الصناعية، أحمد محمد الحسن، بفخر، مشاهد خروج طلابه للشارع في مظاهرات حاشدة، وصدورهم عارية أمام قوات أمن "البشير" في شجاعة متناهية، رسمت طريق التخلص من جماعة الإخوان الإرهابية.
لم یكن الحسن الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" يتخيل للحظة أن تتحول مظاهرة طلابه ضد غلاء أسعار الخبز إلى انتفاضة شعبية تنھي أعتى حكم ديكتاتوري في المنطقة، بل كان يعتقد بأنھا ستنھي عند الطریق المجاور حالما تواجھھا قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع.
لم ينس الحسن ملامح الدهشة التي غزت وجهه وجموع السودانيين، لشجاعة هؤلاء الصبية الذين كسروا الطوق الأمني، واقتحموا مقار حزب البشير "المؤتمر الوطني" وأحرقوه.
ولاحقا، انطلقت شرارة الثورة الشعبية في باقي المدن السودانية، لتنهي حكم الإخوان بحلول 11 أبريل/نيسان 2019.
مهد الثورات
وإلى جانب ثورة 19 ديسمبر، شكلت عطبرة نقطة انطلاقة لثورتي أكتوبر عام 1964 ضد نظام الراحل إبراهيم عبود، وأبريل 1985 ضد نظام الرئیس جعفر نمیري.
وتشتهر عطبرة بالقطارات، وتحتضن المقر الرئيسي لنقابة عمال السكة الحديد السودانية، والتي لعبت أدوارا في إنجاح ثورتي أكتوبر وأبريل عن طريق سلاح الإضرابات القوي.
ولعبت المدینة أيضا أدوراً حاسمة في نجاح ثورة ديسمبر 2018 من خلال تغيير مسار حركة الاحتجاجات من مطالب معیشیة إلى سیاسیة، بعد إحراق المحتجين لمقر حزب البشیر، وهو ما شكل رسالة لبقیة المدن السودانیة بأن سقف التظاهرات أصبح إسقاط النظام الحاكم.
وبعد عامين على انطلاقة الثورة، يبدي بشرى الطيب، وهو مهندس زراعي يقيم في عطبرة، حالة من الرضا على ما قدمته مدينته للسودان بالمساهمة الفاعلة في تخليصه من النظام المستبد.
ويقول الطيب لـ"العين الإخبارية": "ستظل عطبرة مدينة الحديد والنار، رائدة النضال في السودان ومنجما خصبا للثورات الشعبية، سنبقى حجر عثر أمام الطغاة إلى الأبد".
وأضاف: "تمتاز عطبرة بالترابط الاجتماعي ووحدة أهلها الذين غالبيتهم من الطبقة العاملة، فضلا عن شجاعتهم التي تدفعهم لتقدم الصفوف في أي حراك جماهيري ضد أنظمة الحكم المستبدة".
aXA6IDMuMjIuNDIuMTg5IA== جزيرة ام اند امز