السودان بالذكرى الثانية للثورة.. إشراقات سياسية يطفئها الاقتصاد
وسط محاولات للتغلب على إرث 30 عاما من فساد نظام الإخوان البائد، تحل، غدا السبت، الذكرى الثانية لانطلاق شرارة الثورة السودانية.
تأتي الذكرى الثانية للثورة التي أطاحت بحكم الرئيس المعزول عمر البشير، وسط حالة إحباط لدى السودانيين من الأوضاع الاقتصادية دفعتهم إلى الدعوة لمليونية لتصحيح مسار الثورة.
واعتبر خبراء سياسيون، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن الثورة السودانية مرت خلال العامين الماضيين بمراحل صعود وهبوط.
وأكدوا على أن هذه الفترة شهدت إشراقات متعلقة بملف السلام والحريات وبعض الإصلاحات المؤسسية وأخيرا ملف رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
فيما انتقدوا التأخير في بعض الملفات مثل إصلاح الأجهزة الأمنية وإقرار الأمن الداخلي والمنظومة العدلية وبطء محاكمة رموز النظام السابق والتخبط السياسي بين قوى الحكم.
واعتبروا أن الملف الاقتصادي هو السبب الأبرز لإحباط السودانيين وجعلهم يشعرون وكأنهم لم يثوروا من الأساس.
وتتجاوز نسبة التضخم في السودان 200% ويعاني البلد من نقص مزمن في العملات الأجنبية، ما يؤدي إلى طوابير طويلة لشراء الخبز وأخرى أمام محطات الوقود.. فيما تنقطع الكهرباء ست ساعات يوميا على الأقل.
دعوات لمليونية
وتزايدت الدعوات في السودان خلال الأسابيع الأخيرة، لمظاهرة مليونية في 19 ديسمبر الجاري من قبل جهات متعددة، أبرزها الحزب الشيوعي السوداني وبعض لجان المقاومة السودانية.
وطالب البعض بتصحيح مسار الثورة وتحقيق أهدافها، وذلك تزامنا مع ذكرى بداية المظاهرات المليونية في السودان في عام 2018.
والخميس، أصدرت السلطات السودانية توجيهات صارمة لتأمين المظاهرات.
توجيهات أقرها اجتماع مشترك بين النائب العام تاج السر الحبر، ووزير الداخلية والحكم المحلي ووالي الخرطوم، وشملت منع استخدام الرصاص والغاز المسيل للدموع لتفريق مسيرات مقررة السبت في ذكرى الثورة.
وأكد بيان صادر عقب الاجتماع على حق التظاهر السلمي، ومشروعية المواكب، بمقتضى نصوص الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، وعدم استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين مهما كانت الظروف.
أزمة شركاء الحكم
وشهدت العملية السياسية بالسودان في الآونة الأخيرة، أزمة جديدة مع الإعلان عن تشكيل "مجلس شركاء الحكم" ومنحه صلاحياته مختلفة.
ونشبت خلافات حول تشكيل هذا المجلس بين مجلسي الوزراء والسيادة السودانيين من جهة، ومكونات تحالف الحرية والتغيير من جهة أخرى، رغم موافقة أطراف العملية السلمية على تشكيل المجلس واختصاصاته وصلاحياته.
قبل أن يتم إقراره الأربعاء والتأكيد على أن الهدف منه هو دعم مؤسسات السلطة الانتقالية لخدمة مصالح السودان العليا، وحشد الدعم اللازم لضمان نجاح الفترة الانتقالية.
مخاض عسير
الناطق باسم حزب "المؤتمر" السوداني، نور الدين بابكر، قال لـ"العين الإخبارية": بعد مرور عامين من الثورة ما زالت تمر بمخاض عسير، فالتركة الموروثة فوق التصورات.
وأوضح أن الطموح الكبير الذي يصل في بعض الأحيان لعدم الواقعية شكل تحديًا كبيرًا رغم أنه كان مطلوباً وشكل دافعا وحلما بسودان المستقبل إلا أنه في مرات عديدة أصبح عامل إحباط.
وأشار إلى أنه لتقييم العامين بشكل موضوعي نجد الانتقال يمر بمراحل صعود وهبوط رغم إشراقات متعلقة بملف السلام والحريات وبعض الإصلاحات المؤسسية وأخيرا ملف رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ولفت إلى أن الاقتصاد ما زال في حالة تعثر جراء التردد في اتخاذ القرارات من قبل حكومة الفترة الانتقالية حيث مثل ذلك عامل ضعف في هذا الملف.
صعود وهبوط
بدوره، قال عضو مجلس السيادة، محمد الفكي، لـ"العين الإخبارية"، إنه بعد مرور أكثر من عام على تشكيل حكومة الشراكة نجد تقدما ملحوظا في بعض الملفات.
واعتبر أن الانتصار السياسي الأبرز هو رفع اسم السودان من القائمة السوداء للإرهاب ما يؤهلنا للعودة للمجتمع الدولي.
وأوضح أنه حدث تقدم كبير في ملف السلام بعودة الجبهة الثورية والتحاقها بحكومة الشركاء، إضافة إلى الجهد الكبير الذي تقوم به لجنة تفكيك النظام السابق التي أصدرت ما يفوق على ٤٠٠ قرار لتصفية النظام البائد.
فيما انتقد الفكي التأخير في بعض الملفات مثل إصلاح الأجهزة الأمنية وإقرار الأمن الداخلي وإصلاح المنظومة العدلية وبطء محاكمة رموز النظام السابق.
لم تنحرف
من جانبه، قال القيادي بقوى "الحرية والتغيير"، محمد فاروق، إن الثورة لم تنحرف عن مسارها.
وأضاف فاروق لـ"العين الإخبارية": "لكن الانحراف الحقيقي تم عبر تعطيل البناء المؤسسي وعدم القبول بوجود مرجعية سياسية حقيقية".
وأشار إلى أن تمثيلهم أقرب لقيم الثورة في العمل الديمقراطي والشفافية والكفاءة المطلوبة لقيادة مرحلة بهذه الدقة في التاريخ.
تدهور الاقتصاد
وتسعى السلطات الجديدة إلى إعادة بناء اقتصاد البلد الذي يعاني بسبب سنوات من العقوبات الأمريكية وسوء الإدارة والنزاعات المسلحة.
ويعيش قرابة 65% من قرابة 42 مليون سوداني تحت خط الفقر، وفق الأرقام الحكومية.
وتأثر الاقتصاد بشدة كذلك من جراء الفيضانات الكارثية التي اجتاحت جزءا كبيرا من البلاد وكذلك من تداعيات جائحة كورونا.