أزمة السودان.. الأسلحة الثقيلة تهدد 800 ألف مدني في الفاشر
معركة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، تمضي من سيئ إلى أسوأ بسبب القتال العنيف بين الجيش وقوات "الدعم السريع".
القتال شهد استخدام المدفعية الثقيلة، ما يفتح الباب أمام ما يفتح الباب أمام سيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات.
واجتاحت قوات "الدعم السريع" 4 عواصم ولايات أخرى في دارفور العام الماضي، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية، في ظل شح الغذاء والدواء والماء.
ومع تصاعد وتيرة الاشتباكات، يواجه نحو مليون مدنيا محصورين داخل الفاشر مصيرا مجهولا لعدم استطاعتهم مغادرة المدينة إلى المناطق الآمنة، في ظل صعوبة الحصول على الغذاء بسبب غلق الطرق ومنع شاحنات المواد الغذائية من دخول المدينة.
وأفادت مصادر عسكرية وطبية لـ"العين الإخبارية"، بأن الاشتباكات المستمرة منذ الجمعة وحتى صباح اليوم الأحد، تسببت في مقتل وإصابة العشرات من المواطنين الأبرياء.
وطبقا للمصادر فإن مستشفى الفاشر يواجه ضغطا كبيرا بسبب وصول أعداد كبيرة من المصابين، في ظل نقص الدواء والكوادر الطبية.
وقال المواطن السوداني آدم يوسف إن "القصف العشوائي أدى إلى انهيار جزئي للمنازل، وموجة نزوح كبيرة إلى المناطق الآمنة".
وأضاف يوسف لـ"العين الإخبارية" أن "الفاشر تعيش أوضاعا صعبة، في ظل نقص الخدمات الضرورية من الكهرباء والمياه، والاتصالات."
من جهتها، قالت المواطنة السودانية هاجر عثمان، إن "الاشتباكات في مدينة الفاشر، هي الأعنف خلال اليومين الماضيين، ونعيش الخوف والهلع بسبب القصف العشوائي على الأحياء المدنية".
وأضافت هاجر لـ"العين الإخبارية" أن "أطفالنا أصابهم الهلع ويرقدون على الأرض تحت الأسرة خوفا من الرصاص العشوائي المتطاير".
وأشارت إلى أن "المدينة تعيش معاناة حقيقية بسبب انقطاع المياه والكهرباء".
قلق أممي
وأعربت مسؤولة في الأمم المتحدة، اليوم الأحد، عن قلقها بشأن استخدام أسلحة ثقيلة في القتال الدائر بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وقالت كليمنتين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، إن مدنيين أصيبوا بجروح نقلوا على إثرها إلى مستشفى الفاشر بينما وجد مدنيون آخرون أنفسهم عالقين وسط معارك عنيفة، بينما كانوا يحاولون الفرار من المدينة الواقعة في إقليم دارفور.
وأضافت أن "استخدام أسلحة ثقيلة وشن هجمات في المناطق المكتظة بالسكان في وسط الفاشر ومحيطها يتسببان في سقوط كثير من الضحايا"، ودعت جميع الأطراف إلى تجنيب المدينة القتال.
وأشارت إلى أن أعمال العنف هذه "تهدّد حياة أكثر من 800 ألف شخص يعيشون في المدينة".
بدورها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، إن "المستشفى الجنوبي الذي تُشرف عليه في الفاشر استقبل، يوم الجمعة الماضي، 160 مصابا، بينهم 31 امرأة و19 طفلاً، نتيجة الاقتتال العنيف".
وأضافت المنظمة أن المرضى مستمرون في التوافد بحالات حرجة وبحاجة ماسة للعلاج.
من ناحية أخرى، قالت "تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر"، التي تضم نشطاء في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، إن اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدم السريع" اندلعت شرقي مدينة الفاشر، ما أدى إلى سقوط قذائف المدفعية الثقيلة بشكل عشوائي على منازل المواطنين، ووقوع إصابات في صفوف المدنيين، نقل بعضهم إلى المستشفى.
تبادل الاتهامات
ومع تصاعد وتيرة العنف في الفاشر، أعلنت قوات "الدعم السريع" في بيان، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، صد هجوم من قوات الجيش السوداني، والحركات المسلحة المتحالفة معه على الفاشر.
وأضاف البيان أن قوات الجيش تسللت إلى مواقع ارتكازات "الدعم السريع" وهاجمتها عبر ثلاثة محاور، ما أدى إلى وقوع إصابات وسط المدنيين في الأحياء السكنية ومعسكرات النازحين وفرار الآلاف إلى خارج المدينة.
وبحسب البيان فقد أعلنت قوات الدعم السريع أنها صدت 22 هجوما خلال الأيام الماضي، شنتها قوات الجيش والمليشيات المتحالفة معها.
بدوره، قال الجيش السوداني في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، إن قوات "الدعم السريع" شنت هجوما غادرا على مواقع قواته شرق المدنية، وتخريب محطة الكهرباء وقصف الأحياء المتاخمة لمنطقة الهجوم بقذائف المدفعية ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين.
وأكد الجيش المضي بقوة في الدفاع عن كل شبر ومرفق ومواطن في البلاد من منطلق مسؤوليته الدستورية والوطنية في حماية الأرض والعرض.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
ودمرت الحرب سبل عيش ملايين السودانيين، وخاصة العاملين في قطاع الزراعة والرعي التي يعمل فيها 80% من القوى العاملة في البلاد، نتيجة لتوسع نطاقها مصحوبا بالهجمات العشوائية على المدنيين.
وفاقمت الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور، خاصة في مخيمات النازحين، إثر تسبب الاشتباكات الناجمة عنها في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
وأُنشئت مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم 2003 بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة.
ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjQuMTc2IA== جزيرة ام اند امز