أزمة السودان.. «عربة» الحرب أمام «جسر» الحوار المحطم
حجم الكارثة في السودان يزداد يوما بعد يوم، إثر استمرار المعارك الحربية في نطاق واسع، وتفاقم الأوضاع الإنسانية بسبب موجة النزوح والجوع.
وبات السودان أمام مفترق طرق، إما اللجوء إلى الحوار والسلام، وإما الانهيار الشامل.
وتكررت الدعوات للتفاوض في القاهرة وجدة وغيرهما، للبحث عن فرص التوصل لاتفاق ينهي الحرب والمعاناة الإنسانية الكارثية، دون جدوى.
اختراق ملف التفاوض
وقال الكاتب والمحلل السياسي، عثمان ميرغني، وهو رئيس تحرير صحيفة "التيار" السودانية، إن "الحاجة لوقف الحرب باتت مطلب الطرفين المتقاتلين رغم ارتفاع أصوات بعض المكونات السياسية وتخوين من ينادي بالسلام".
وأضاف ميرغني لـ"العين الإخبارية"، أنه "توجد حاليا هناك عدة مسارات تصب في وعاء واحد، مسار ترعاه مباشرة الجارة مصر وهي تحاول استثمار علاقاتها القوية بكل ألوان الطيف السياسي والمدني والمجتمعي السوداني لتشكيل جبهة قوية للسلام".
وأشار إلى وجود مسار آخر تتولاه أمريكا عبر مبعوثها الخاص توم بيريليو، الذي يقود منذ عدة أشهر مباحثات ثنائية مع كل الأطراف السودانية السياسية والمجتمعية، بالإضافة إلى مسار تقوده السعودية يحاول جذب الأطراف لمتابعة التفاوض الذي نجح في توقيع عدة اتفاقيات.
وتوقع ميرغني حدوث اختراق في ملف التفاوض في أية لحظة إذا استطاعت الأطراف السودانية استلهام قرارها من معاناة مواطنيها في كل أجزاء السودان، مضيفا أنه "في تقديري فإن دور القوى السياسية رئيسي في إيقاف الحرب بل تكاد تمسك هي بزر التحكم في قرار إنهاء الحرب."
صم الآذان عن الحلول
بالنسبة إلى الكاتب والمحلل السياسي السوداني، محمد الأسباط، فإن "الأطراف المتحاربة تصم آذانها عن كل النداءات بضرورة وقف الحرب والذهاب إلى طاولة التفاوض، والبحث عن حل لهذه الأزمة التي طالت".
وقال الأسباط لـ"العين الإخبارية"، إن "هؤلاء لا يتعلمون من دروس هذه الحرب على كثرتها، لكنني أتوقع مع الضغوط الإقليمية والدولية أن يذهب الطرفان إلى التفاوض لأسباب إنسانية التي من المقرر أن تنعقد في جنيف في 10 من شهر يوليو/تموز الجاري."
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني، يوسف حمد، أن المعطيات على الأرض بالنسبة للطرفين، تظهر أن فرص نهاية الحرب منطقية ومطلوبة؛ لكن حتى الآن تنقصها الإرادة السياسية الكافية لجعلها واقعا.
وقال حمد لـ"العين الإخبارية"، إنه "صحيح، هناك مبادرات وأنشطة دبلوماسية في جدة وأخرى في القاهرة يمكن التعويل عليها، لكنها أيضا لم تبلور إرادة سياسية تحمل الأطراف على إنهاء الاقتتال".
أما الكاتب والمحلل السياسي، الهضيبي ياسين، فقال إن التوصل لأي اتفاق ينهي الحرب هو تطلع معظم السودانيين نتيجة لحالة التدهور الإنساني وهشاشة الأوضاع الاقتصادية، لكن أي اتفاق رهين بعدة عوامل سياسية تستوجب توفرها حتى نستطيع توفير فرصة بمعناها الحقيقي لأي استقرار وسلام يكفل الحياة الكريمة لكافة السودانيين.
وأضاف ياسين لـ"العين الإخبارية": "من هذه العوامل؛ اتفاق يعالج جملة التشوهات السياسية والعسكرية، التي صاحبت الفترة الماضية داخليا وخارجيا على مستوى السودان، كذلك جعل منبر التفاوض بغض النظر عن حيثيات المكان والزمان موقعا لحوار شامل لا يستثني قضية دونما الأخرى والبحث عن جذور الأزمة في جميع المعطيات بما فيها الاجتماعية والقانونية (العدالة الاجتماعية) لترسيخ مفهوم جديد لنظام الحكم على مستوى الدولة".
وأكد أن توفير آليات وبرنامج عمل مصحوب بقناعات طرفي النزاع المسلح بأن يتم الاتفاق عليه كفيل بحل أزمة الصراع التي دفعت للمواجهات العسكرية، مع ضرورة قيام المجتمع الدولي والإقليمي بدور أكبر مما هو عليه تجاه قضية السودان متى ما رغب في ذلك.
فرص الحل السياسي
وسبق وأن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/ أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.
وأفلح منبر جدة إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات؛ ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وأمس السبت اتفقت القوى السياسية والمدنية في القاهرة، على ضرورة الوقف الفوري للحرب بما يشمل آليات وسبل ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار ووقف العدائيات، الالتزام بإعلان جدة والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب.
كما اتفق المؤتمرون على دعوة الدول والجهات الداعمة لأطراف الحرب، للتوقف عن إشعال المزيد من نيران الحرب في السودان، الدعوة إلى حماية العاملين في المجال الإنساني وتجنيبهم التعرض للخطر والملاحقة والتعويق من قبل أطراف الحرب وفقا للقانون الدولي والإنساني.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء.
aXA6IDMuMTQ3LjEzLjIyMCA= جزيرة ام اند امز