جيش السودان يرفض التفاوض.. «حلقة مفقودة» في صراع مفتوح
بلاد أرض النيلين غارقة في أتون القتال وتمضي نحو المجهول دون حل يلوح في الأفق لتخفيف وطأة أزمة دخلت عامها الثاني دون بوادر انفراجة.
ورغم الدعوات الإقليمية والدولية لإنهاء الصراع الدائر في السودان، والجلوس إلى طاولة التفاوض لتخفيف وطأة المُعاناة التي يعيشها ملايين النازحين، فإن العقبات تتراكم على طريق سلام يبدو بعيد المنال.
عقبات تتزايد في ظل رفض قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، التفاوض "طالما الحرب مستمرة مع قوات الدعم السريع".
وقال البرهان أمام حشد من الجنود والضباط بمنطقة أم درمان العسكرية، إن "القوات المسلحة ليست لها مشكلة مع التفاوض، ولكن كيف تتم العملية وبأي صورة".
وأضاف: "طالما الحرب مستمرة لن نتفاوض، وطالما هناك احتلال لمنازل المدنيين، ومدن الجنينة ونيالا وزالنجي والخرطوم والضعين ومدن الجزيرة فلن نتفاوض".
وتابع: "إذا رغب المتمردون في الحوار فعليهم أولا إخراج قواتهم خارج المدن وتجميعها بمناطق محددة"، في إشارة لقوات "الدعم السريع".
وأسفرت محادثات برعاية سعودية أمريكية، جرت في 11 مايو/ أيار الماضي، بين الجيش وقوات "الدعم السريع" عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقع خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتصارعين، ما دفع الرياض وواشنطن لتعليق المفاوضات.
مقتضيات التفاوض
يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني الهضيبي ياسين، أن البرهان يريد "إنهاء الحرب وفقا لمقتضيات التفاوض".
واستدرك، في حديث لـ"العين الإخبارية": "لكن هو (البرهان) أيضا واقع تحت تأثير عدة عوامل داخلية أبرزها المواطن السوداني (أنصار الجيش) الذي قد ينقلب على الجيش حال مضى في تفاوض لإنهاء الحرب دون تحقيق مكاسب ملموسة على الأرض".
وبالنسبة لـ"ياسين"، فإن "الحرب في السودان دخلت في تطورات جديدة بعد مرور عام من اندلاعها، تتمثل في وجود أطراف خارجية باتت تشكل جزءا من فرضية قرار استمرار الحرب"، دون تفاصيل أكثر حول الجزئية الأخيرة.
وأشار إلى أن "الجيش نفسه هو أحد العوامل الأساسية التي قد تحول، على أقل تقدير خلال الفترة المقبلة، دون التوصل لاتفاق بين طرفي النزاع المسلح".
ووفق الخبير، فإن "هناك رأيا شبه سائد (بصفوف الجيش) بمواصلة الدفع بعجلة الحرب للتخلص من عناصر الدعم السريع، ما يعني أنه ربما تأتي خطوة التفاوض مستقبلا عقب تحقيق انتصارات عسكرية ترجح كفة الجيش".
وقف إطلاق النار
من جهته، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني الطاهر أبوبكر، أن "تحقيق انتصار عسكري كاسح لأي من طرفي النزاع يبدو مستحيلا"، لافتا إلى أن "الاستمرار في القتال والعنف سيؤدي إلى تفكيك البلاد وتقسيمها".
ويقول أبوبكر في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن "أفضل الخيارات لحل الأزمة يتمثل في وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب ومعالجة تداعياتها الكارثية عبر التفاوض بين الطرفين، وإكمال الحل السياسي بالتوافق لرسم خارطة طريق مستقبل الدولة".
أما الكاتب والمحلل السياسي، مصعب الشريف، فيرى من جانبه أن "الحروب في العالم توقفت عن طريق جمع طرفي النزاع للجلوس للتفاوض وصولا إلى الحل السلمي".
وأشار الشريف في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "السودان ليس بمعزل عن العالم، لذلك أعتقد أن حديث البرهان منقوص وغير واضح بشكل كافٍ، إذ لم يوضح كيف تنتهي الحرب، ولذلك عليه أن يشرح للناس كيفية وقف الحرب دون تفاوض".
وبحسب الأمم المتحدة، فإن السودان الذي يُعتبر أحد أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء.
وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعا، في أزمات يشعر العاملون في المجال الإغاثي بالعجز حيالها بسبب رفض منحهم تأشيرات دخول وفرض رسوم جمركية باهظة على المواد الغذائية، إضافة إلى نهب المخازن وصعوبة الوصول إلى العالقين قرب جبهات القتال.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا خلّفت حوالي 13 ألفا و900 قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
aXA6IDUyLjE0LjIwOS4xMDAg
جزيرة ام اند امز