أزمة السودان تصطدم بخلافات "السيادي" و"يونيتامس".. عتب أم قطيعة؟
مرتضى كوكو - العين الإخبارية
خلافات حادة نشبت بين مجلس السيادة السوداني والبعثة الأممية بالخرطوم "يونيتامس"، لتضع تحديا جديدا أمام حل الأزمة الناشبة في البلاد.
توتراتُ شديدة ربما تعصف بجهود الوساطة التي تقودها البعثة الأممية بمباركة دولية لمعالجة الأزمة السياسية الراهنة في السودان، وفق خبراء ومحللين.
ويقول المحللون إن "يونيتامس" أضحت طرفاً غير محايد في نظر مجلس السيادة الحاكم، الذي يترأسه الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، والذي هاجم يونيتامس مؤخراً، وهدد بطرد رئيسها من البلاد.
إحاطة قصمت ظهر البعير
ويشير مراقبون إلى أن الخلاف بين مجلس السيادة والبعثة الأممية ليس وليد اللحظة، لكن بيان الإحاطة الذي قدمه رئيس يونيتامس الألماني فولكر بيرتس أمام مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي كان بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير"؛ لما حملته من معلومات أغضبت السلطات بالخرطوم لحد بعيد.
وكان فولكر اتهم خلال بيانه حكومة السودان بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تمثل في استخدام العنف ضد المتظاهرين واغتصاب فتيات محتجات، واحتجاز نشطاء سياسيين، محذراً من تدهور الأوضاع بالبلاد، وهو ما اعتبره مجلس السيادة ورئيسه عبدالفتاح البرهان، تدخلاً سافراً في الشأن السوداني.
وجدد مجلس السيادة مجتمعاً مطالبته لـ"يونيتامس" بضرورة الالتزام بحدود تفويضها والتركيز على مهامها الأساسية التي منحت لها، وعلى رأسها دعم تنفيذ اتفاقية جوبا لسلام السودان.
وسبق ذلك، إعلان وزارة الخارجية السودانية أنها شرعت في إجراءات لضبط عمل بعثة الأمم المتحدة "يونيتامس" بما يجعلها تتحرك في نقاط تفويضها والمهام التي منحت لها.
وكان رئيس بعثة يونيتامس فولكر بيرتس، أبدى استعداده لمراجعة أي معلومات غير دقيقة، وردت في تقرير قدمه لمجلس الأمن بشأن الأوضاع بالسودان، وهي مأخوذة من بيانات جمعها مكتبه بالخرطوم، وذلك خلال لقائه رئيس مجلس السيادة في الخرطوم يوم الأحد الماضي.
رياح المشهد العالمي
ويرى المحلل السياسي فيصل ياسين أن هذه التوترات مع التطورات التي شهدتها الساحة الدولية سوف تقلل من نفوذ بعثة الأمم المتحدة "يونيتامس" في السودان وربما تعصف أيضاً بجهود الوساطة التي تقودها لحل الأزمة بالبلاد.
ويقول ياسين، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن "مجلس السيادة ربما يتعلل بعدم حيادية البعثة الأممية في رفض أي نتائج قد تتوصل لها المشاورات الجارية في الوقت الراهن، وذلك من واقع التصريحات الأخيرة للمسؤولين السودانيين بشأن عمل يونيتامس ورئيسها فولكر بيرتس".
ويضيف المحلل أن "تطورات المشهد العالمي والتوازنات الجديدة التي خلفتها الأزمة الروسية الأوكرانية، انعكست على المشهد السوداني فمن الواضح أن السلطة الحاكمة بالخرطوم باتت تستقوي بموسكو تجاه أي حلول يفرضها الغرب والمؤسسات الدولية، الأمم المتحدة ومجلس الأمن".
لكن المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم يرى أن هذه الخلافات لن توقف العملية التشاورية التي تقودها البعثة الأممية والاتحاد الأفريقي، نظراً للدعم القوي الذي تحظى به من المجتمع الدولي وقوى إقليمية مؤثرة.
ويقول عبدالعظيم -في تصريحات لـ"العين الإخبارية"- إن "البرهان وافق على مقابلة رئيس بعثة الأمم المتحدة فولكر بيرتس في مكتبه بالقصر الرئاسي بالخرطوم غداة تهديده بالطرد من البلاد، وهو ما يفسر أن رئيس مجلس السيادة قصد توصيل رسالة فقط ولم يكن جاداً في تنفيذ التهديدات التي حملها خطابه أمام ضباط الجيش".
وشدد على أن الحكومة السودانية لم تنف المعلومات الواردة في بيان الإحاطة الذي قدمه فولكر أمام مجلس الأمن، وإنما اعتبرتها تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد، لافتاً إلى ملف حقوق الإنسان وانتهاكاته ليس بحاجة إلى تفويض.
وتوقع شوقي أن تستمر العملية التشاورية التي تقودها يونيتامس بشكل مشترك مع الاتحاد الأفريقي حتى تبلغ مقصدها بإعادة المسار الدستوري في البلاد، مشيراً الى بيان صادر من مجموعة الترويكا الدولية يجدد الدعم للبعثة ورئيسها فولكر بيرتس.
ودخلت "يونيتامس" السودان مطلع يناير/ كانون الثاني 2021، بقرار من مجلس الأمن الدولي، وذلك استجابة لطلب تقدمت به حكومة الخرطوم للأمم المتحدة، لتعويض بعثة حفظ السلام في دارفور "يوناميد" التي جرى سحبها العام الماضي.
وتتولى البعثة الأممية مهمة دعم الانتقال الديمقراطي في السودان ليكتمل إلى نهاياته، بتنظيم انتخابات حرة، بجانب دعم اتفاق السلام المبرم في جوبا.
وبعد نشوب الأزمة السياسية في السودان عقب قرارات قائد الجيش الصادرة في يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أطلقت "يونيتامس" عملية تشاورية لمعالجة الصراع، لكن المبادرة الأممية التي تنعقد عليها آمال الكثيرين لإنقاذ الانتقال الديمقراطي في هذا البلد، باتت مهددة بفعل خلافات البعثة مع مجلس السيادة الحاكم.