أزمة السودان.. كيف عرقل الإخوان قمة جيبوتي؟
تأجيل مفاجئ للقاء طال انتظاره بين طرفي الأزمة السودانية، حرك تساؤلات حول الأسباب ومدى تورط الإخوان الإرهابية في إحباط فرص الحل السياسي.
تأجيل اللقاء بين قائدي الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، في العاصمة جيبوتي، أثار جدلا واسعا، ما أدى إلى مخاوف بشأن مصير الحرب في البلاد وتأثيراتها الكارثية.
وأفادت مصادر دبلوماسية "العين الإخبارية" بأن الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" اقترحت موعدا جديدا للقاء المشترك في الثالث من يناير/كانون الثاني المقبل في العاصمة جيبوتي، برعاية رئيس الدولة الحالية للمنظمة إسماعيل عمر قيلة، ومشاركة 3 رؤساء بالمنظمة، من أجل وقف إطلاق النار كشرط أساسي.
ووفق رئيس القطاع الإعلامي في حزب "التجمع الاتحادي" السوداني محمد عبدالحكم، فإن اللقاء بين البرهان وحميدتي "سينعقد بعد إجازة أعياد الميلاد".
وفي حديثه لـ"العين الإخبارية"، قال عبدالحكم: "كل الرؤساء والمسؤولين مشغولون باحتفالات أعياد الكريسماس، خاصة أن الرئيس الأوغندي يوري موسفيني التقى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بمنزله".
عرقلة اللقاء
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي حسن البشاري: "منذ إعلان موافقة قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو على الاجتماع في العاصمة جيبوتي، بدأت تظهر جليا محاولات الإخوان لقطع الطريق أمام اللقاء الذي يمثل بارقة أمل للسودانيين الذين يعانون من ويلات ومآسي الحرب المستمرة منذ 9 أشهر".
وتابع: "كانت أولى هذه المحاولات من قبل الإخوان، الذي عادوا للهيمنة على مفاصل السلطة بعد انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2012، البيان الصادر من وزارة الخارجية السودانية واعتراضها ورفضها البيان الختامي لقمة إيغادن الذي كان يتضمن تأكيد موافقة والتزام البرهان وحميدتي على الحضور".
وأوضح البشاري، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "الإخوان تحركوا في العمل على عدة مسارات لإفشال أي توجه نحو الحوار، خاصة اللقاء بين البرهان وحميدتي، وذلك من خلال التصعيد عسكريا وإعلاميا، عبر الدعوة إلى تسليح المواطنين، وإنشاء ما يُسمى بالمقاومة الشعبية المسلحة، واستغلال مؤسسات الدولة لاتخاذ إجراءات أو قرارات مناهضة للمفاوضات وعرقلتها".
وأضاف: "من جهة أخرى، كثفوا العمل الإعلامي الداعم لدق طبول الحرب وتشجيع خيار الحسم العسكري، وأيضا إرسال رسائل تحمل تهديدات ضمنية لقائد الجيش في حال مضى في طريق الحوار".
وتابع: "الآن يبدو البرهان أمام ورطة حقيقية، إذ يواجه في مقابل الضغوط الداخلية من الإخوان، ضغوطا أخرى إقليمية ودولية كثيفة لوقف الحرب".
ومضى قائلا: "أعتقد أن مساحة المناورة بدأت تضيق، كلما اقترب موعد اللقاء الذي يشكل بارقة أمل للسودانيين، إذ بدأنا نشهد حالة حراك محموم من قبل الإخوان في محاولة مستميتة لإفشال اللقاء، لكن من الصعب الجزم بمآلات هذا الحراك في ظل وجود تيار شعبي متعاظم سئم الحرب وينتظر نهايتها بأي ثمن".
اعتذار إيغاد
وقالت الحكومة السودانية (ليل الأربعاء) إن منظمة "الإيغاد" أبلغتها بتعذر عقد الاجتماع المشترك بين القائد العام للجيش، وقائد قوات الدعم السريع الذي ظهر على نحو مفاجئ في أوغندا برفقة الرئيس يوري موسفيني، مشترطا الاجتماع مع البرهان مشاركة كل رؤساء منظمة إيغاد.
وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان إنها "تلقت اليوم مذكرة من وزارة خارجية جيبوتي، رئيس دورة إيغاد، تفيد بعدم تمكن قائد قوات الدعم السريع من الوصول إلى جيبوتي لعقد اللقاء الذي كان مقررا يوم أمس الخميس، بالعاصمة الجيبوتية مع الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عبدالرحمن رئيس مجلس السيادة".
وبحسب البيان، فإن إيغاد تحدثت عن أسباب فنية تحول دون عقد الاجتماع، على أن يحدد موعد آخر في يناير/كانون الثاني المقبل.
وأشار البيان الى أن "رئيس مجلس السيادة كان مستعدا للمغادرة إلى جيبوتي مساء أمس الأربعاء، حرصا منه للوصول إلى سلام غير أن الاجتماع تم تأجيله".
لقاء أوغندا
وحول لقاء الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، وقائد قوات "الدعم السريع"، رأى الكاتب والمحلل السياسي عباس عبدالرحمن أنه يأتي في إطار التحركات الإقليمية لإنهاء الحرب في السودان، وعودة المسار المدني الديمقراطي.
وتابع عبدالرحمن، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "قائد الدعم السريع يريد طرح رؤيته التفاوضية للرؤساء الأفارقة، من أجل إيقاف الحرب وبناء الدولة وفق مبادئ عادلة لمصلحة كل السودانيين".
وظهر حميدتي للمرة الأولى بشكل علني، ليل الأربعاء، برفقة الرئيس الأوغندي موسيفيني، ما أثار جدلا واسعا في الساحة السياسية السودانية.
وقال حميدتي على حسابه بمنصة إكس (تويتر سابقا): "سعدت اليوم بزيارة جمهورية أوغندا الشقيقة ولقاء الرئيس، ناقشنا خلال اللقاء تطورات الأوضاع في السودان وما ترتب على ذلك من معاناة للشعب السوداني".
وذكر أنه قدم للرئيس موسيفيني "شرحا مفصلا حول أسباب نشوب الحرب التي أشعلها الفلول بمعاونة قياداتهم في القوات المسلحة والجهات التي تعرقل الحل وتدعم استمرار الحرب”.
وأشار قائد الدعم السريع إلى أنه طرح رؤيته للتفاوض ووقف الحرب وبناء الدولة السودانية على "أسس جديدة عادلة".
ونقل حميدتي عن موسيفيني تأكيداته بالدعم الكامل للشعب السوداني والعمل على دفع جهود تحقيق السلام والاستقرار في السودان، وتسخير كافة إمكاناته وعلاقاته لمساعدة السودانيين على تجاوز هذه المرحلة الصعبة.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يشهد السودان حربا بين الجيش و"الدعم السريع" خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.