الصيام.. حيلة الفقراء لترويض الجوع والفزع في السودان
في ظل أوضاع مأساوية مع اشتداد المعارك في السودان لجأ فقراء في العاصمة الخرطوم إلى الصيام كحيلة لترويض الجوع والفزع.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي، يدور قتال مرير بين الجيش وقوات الدعم السريع في المدن الرئيسية باستخدام الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية.
ورغم نزوح مئات الآلاف من مناطقهم لا يزال ملايين من سكان العاصمة محتجزين جراء القتال الدائر للسيطرة على مواقع استراتيجية في المدن الرئيسية.
وبالنسبة لبلد يعاني أصلا من أزمة اقتصادية حادة وهشاشة البنية التحتية وضعف الخدمات العامة، يواجه السودان أسوأ أزمة في تاريخه جراء الصراع المستعر.
وفي خضم الأزمة لجأت 4 أسر سودانية تضم أطفالا في مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم إلى الصيام القسري، بسبب نفاد المدخرات المالية ونقص حاد في المواد الغذائية.
ويقول خالد يوسف، وهو ناشط أنشأ مبادرة مجتمعية داخل الحي السكني لجمع مبالغ مالية ومواد غذائية لمواجهة مشكلة هؤلاء الأسر، إن الجوع يفتك بهم وبالقطع ثمة مئات غيرهم يواجهون الظرف ذاته".
وأوضح أن "كل أسرة تضم نحو 6 أشخاص تقريبا بينهم أطفال، لجأوا إلى الصيام بسبب انعدام الغذاء.. حتى إنهم يفطرون على البلح والملح".
وتابع: "جمعنا أموالا بسيطة ومواد غذائية وزعناها بالتساوي على تلك الأسر، ولكن الغذاء الذي اشتريناه يكفي لمدة 3 أيام فقط".
وسبق أن حذر برنامج الأغذية العالمي من تعرض حوالي 2.5 مليون سوداني للجوع خلال الأشهر المقبلة نتيجة للمعارك.
وقد يواجه 19 مليون شخص، أي نحو 41% من سكان السودان، صعوبة في الحصول على وجبة في اليوم، مقارنة بـ 15 مليون شخص العام الماضي.
خبز جاف
وفي ظل استمرار المعارك بين الجيش قوات "الدعم السريع"، يتخوف الكثيرون من كارثة اقتصادية ومعيشية مع توقف الرواتب الشهرية للموظفين الحكوميين، وتعطل عجلة الإنتاج وخروج المصانع من الخدمة، وتوقف الاستيراد، واضطرار معظم الأسواق والمتاجر إلى الإغلاق الكامل.
ويقول آدم إسماعيل، الذي يعمل في مهنة التدريس، "لمدة 3 أيام يعيش أبنائي على الخبز الجاف، مع خلطه مع شوربة العدس."
وأشار في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أنه "منذ اندلاع الحرب توقفت الرواتب الشهرية، وإذا استمرت الحرب، يمكن أن يموت أبنائي بسبب الجوع."
وأضاف أن "الأحوال تحسنت مؤخرا، عندما استقبلت حوالة مالية من أحد أقربائي بالخارج، ولكن التحويلات الخارجية لن تدوم، ونتمنى وقف الحرب فورا وعودة الحياة إلى طبيعتها."
وترعى السعودية والولايات المتحدة منذ 6 مايو/ أيار الماضي محادثات في مدينة جدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، انتهت إلى توافق بين الجانبين على الالتزام بحماية المدنيين، وأعلنت أكثر من هدنة هشة لم تصمد أمام الخروقات، ما دفع الرياض وواشنطن لتعليق المفاوضات.
واستؤنفت المباحثات الشهر الجاري وتم التوافق مجددا على هدنة إنسانية لكن نيران المدافع لم تهدأ وسط تبادل الاتهامات بين القوات المتقاتلة.
سياسات اقتصادية
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2020، طبق السودان سياسة رفع الدعم عن المحروقات التي ساهمت في ارتفاع أسعار السلع بصورة كبيرة.
أعقب ذلك، قرار بتوحيد سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) أمام الدولار والنقد الأجنبي في فبراير/ شباط 2021، في محاولة للقضاء على الاختلالات الاقتصادية والنقدية.
وعلى الرغم من امتلاك البلاد موارد اقتصادية، إلا أن الفشل في استغلالها عبر الحكومات المتعاقبة جعل نسب الفقر تتفشى وسط السكان، الذين يعانون من أزمات اقتصادية مستمرة.
وتتضارب الإحصائيات الحكومية والدولية حول نسبة الفقر في السودان، فبينما تقول تقارير الأمم المتحدة إن 46.5 بالمئة من سكان السودان يعيشون دون خط الفقر، وأن 52.4 بالمئة منهم في فقر متعدد، تقول دراسة حكومية أجريت عام 2017 أن الفقر تراجع إلى 36.1 بالمئة.
وما زالت نسب التضخم في البلاد عند مستويات ضمن الأعلى على مستوى العالم، بسبب مشاكل مركبة، مرتبطة بتراجع سعر الجنيه السوداني إلى متوسط 570 جنيها أمام الدولار من 375 جنيها عند تعويم العملة في مارس/آذار 2021.
كما تشهد البلاد تذبذب وفرة النقد الأجنبي، ما يرفع كلفة الاستيراد وتحميل المستهلك النهائي فروقات أسعار الصرف، عدا عن ارتفاع الأسعار عالميا خاصة الوقود والغذاء.
aXA6IDMuMTQ0LjEyMi4yMCA= جزيرة ام اند امز