والي غرب دارفور لـ"العين الإخبارية": لا تنازل عن تسليم البشير لـ"الجنائية الدولية"
تمسك خميس أبكر رئيس التحالف السوداني ووالي غرب دارفور ، في مقابلة مع "العين الإخبارية"، بتسليم الرئيس المعزول عمر البشير للمحكمة الجنائية الدولية.
ويستند أبكر إلى اتفاقية السلام المبرمة بين فرقاء البلاد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي نصت صراحة على مثول قادة نظام الإخوان الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف، أمام المحكمة الجنائية الدولية، معتبراً الأمر بمثابة "استحقاق لا يقبل التنازل".
وتأتي تصريحات أبكر وسط ترقب في الشارع السوداني لخطوة تسليم الرئيس المعزول ومساعديه عبدالرحيم محمد حسين وأحمد هارون إلى الجنائية الدولية، في أعقاب قرار الحكومة قبل أيام، المضي قدما في إجراءات التسليم.
وبعيدا عن ملف المطلوبين للجنائية الدولية، بين والي غرب دارفور خلال المقابلة، رأيه وأطروحاته حول كثير من القضايا الهامة في الساحة السودانية، خاصة سير تنفيذ اتفاقية السلام وتكوين القوة المشتركة لحفظ الأمن بإقليم دارفور، واستمرار الصراعات القبلية بالولاية، متهماً جهات معينة بتأجيج الفتة فيها. وإلى نص الحوار:
- ما موقفك من تسليم البشير والمطلوبين الآخرين إلى الجنائية الدولية؟
تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية استحقاق لضحايا الحرب في دارفور قبل أن تنص عليه اتفاقية جوبا لسلام السودان التي كنا طرفاً فيها، وبالتالي نحن نؤيد هذه المسألة ولن نذهب لتعديل ما اتفقنا عليه في عاصمة دولة جنوب السودان بخصوص هذا الملف.
لا نتوقع أيضاً انفراد شخص أو أكثر بقرار يحول دون مثول المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية، مثل تأسيس محكمة هجين "مختلطة" أو غيرها من الاقتراحات، ويجب أن نمضي بقوة في الاتجاه الذي رسمته اتفاقية السلام بشأن قضية المتهمين بجرائم الحرب في دارفور. فلماذا نهرب من العدالة طالما هي ركيزة أساسية في الثورة السودانية؟.
- يلاحظ مراقبون استمرار الفجوة الأمنية بدارفور رغم اتفاق السلام، ما علاقة ذلك بتأخر نشر القوات المشتركة؟
بالطبع، القوة المشتركة الهادفة لحماية المدنيين في إقليم دارفور، هي واحدة من أهم بنود اتفاق جوبا للسلام، والذي نص على تكوينها خلال الأسبوع الأول عقب توقيع الوثيقة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن حدث تأخير نسبة لأسباب كثيرة منها اقتصادية مثل ضعف الإمكانات المالية، وأخرى سياسية مثل عدم حدوث توافق سياسي بين الأطراف حولها.
ورغم هذه التحديات، نحن عازمون على تكوين القوات المشتركة لحفظ الأمن ومنع وقوع أي اشتباكات مثلما حدث مؤخراً في منطقة كولقي بولاية شمال دارفور، حيث تعرضت قوات من الحركات الموقعة على اتفاق السلام إلى كمين مسلح.
- هل يعكس حادث كولقي استهدافا ممنهجا للحركات المسلحة كما يعتقد البعض؟
تم تكوين لجنة تحقيق عدلية في حادثة كمين كولقي لستُ عضواً فيها، لذلك من الصعب بمكان أن نفتي في هذه القضية، لكن المعلومات الأولية أشارت إلى أن واقعة الكمين غرضها زعزعة الأمن مجدداً في إقليم دارفور.
- الترتيبات الأمنية لم تر النور رغم تعهدات رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان بالبدء فيها، لماذا؟
الترتيبات الأمنية (دمج قوات الحركات المسلحة) وتشكيل القوات المشتركة لحفظ الأمن بدارفور وقوامها 20 ألف جندي، ملفان لا يقلان أهمية عن بعضهما البعض، وتبرر السلطة تأخيرهما لشح الموارد، لكن في تقديري لا يمكن لدولة بكاملها أن تعجز عن توفير الأموال لتنفيذه هذه البنود المهمة، فهناك جهات لا نريد تسميتها لا ترى أهمية للقوات المشتركة وأيضا الترتيبات الأمنية، بقدر ما نهتم بها نحن أطراف العملية السلمية، إذ نراها ضرورية لسد الفراغ الأمني بدارفور.
وصحيح، البرهان أعلن بدء تنفيذ الترتيبات الأمنية خلال كلمته بحفل تنصيب حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي "مؤخرا"، ولكن هل التزمت الحكومة التنفيذية بتوفير احتياجات هذا البند؟ نحن في الحركات "المسلحة" قواتنا جاهزة وفي انتظار الإمكانات لتجميع القوات في مكان واحد.
- ما تقييمك لعملية تنفيذ اتفاق السلام، هل هناك تباطؤ في هذا الملف؟
نحن السودانيون لدينا مشكلة تاريخية موروثة، وهي أن نبرم اتفاقاً ولا ننفذه، وجرى توقيع كثير من الاتفاقيات والمعاهدات السياسية خلال حكم جعفر نميري والصادق المهدي "في الثمانينيات" وحتى في عهد تنظيم الإخوان المعزول، وكانت تصطدم بعقبة ضعف تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
لكن نعتقد أن الأمر سيكون مختلفاً في ظل حكومة جاءت بثورة شعبية كان شعارها حرية وسلام وعدالة، لذلك يجب أن نتحمل جميعا مسؤولية بطء تنفيذ بعض بنود اتفاق جوبا. ومع ذلك، هناك من يسعى لعرقلة السلام لأن أبناء الهامش السوداني حصلوا على مشاركة كبيرة في مناصب السلطة الانتقالية، رغم انهم سودانيين لهم حقوق مثل الآخرين.
ومن المسائل المهمة في اتفاق السلام التي لم يتم تطبيقها حتى الآن، هي ملف إشراك أبناء المناطق المتأثرة بالحرب في وظائف الخدمة المدنية، فالاتفاق لم ينص على تقلد أبناء المناطق المتأثرة بالحرب مناصب وزارية وولائية فقط
كما أن اتفاق جوبا كان يهدف إلى إيقاف القتل والدم في ربوع السودان، الشيء الذي لم يحدث حتى الآن، ونحن نعمل بجهد لكننا لم نقطع شوطاً بعيداً في هذا الجانب.
- غرب دارفور هي الولاية الأكثر تعرضا للصراعات القبلية، هل توجد خطة لتضميد جراحها؟
ما يحدث في غرب دارفور هو امتداد لاشتباكات حدثت في عام 1995، ولكن لا يوجد مبرر لأن تستمر هذه الاشتباكات القبلية لأن جل الأشخاص الذين نشب القتال الأول بينهم غير موجودين الآن على قيد الحياة، لذلك لا توجد أسباب منطقية لبقاء النزاع القبلي كل هذه السنوات.
في تقديري، هناك جهات تعمل على إشعال الصراعات القبلية في غرب دارفور، إذ توجد قواعد عسكرية لكن لا تتدخل عند نشوب أي قتال إلا بعد مضي ثلاثة أيام فأكثر، ولا يوجد مبرر لهذا الأمر. ويلاحظ أيضا أن الصراع تمدد من القرى والأماكن البعيدة وأصبح داخل المدن الكبرى وعواصم الولايات، وهذه القضية بحاجة إلى تغيير في السياسات.
- غرب دارفور ولاية حدودية تملك حدودا مع دول مضطربة، هل هناك خطة أمنية وقائية؟
في الوقت الحالي لا أستطيع وضع خطة لحماية الحدود فهي طويلة. ومع تشاد وحدها، تصل حدودنا إلى 600 كلم وتنشط فيها مليشيات تقوم بقطع الطرق من أجل الحصول على غنائم.
وعرضت على قيادة الجيش عودة القوات المشتركة التشادية والسودانية للعمل قبل ذهابي لتسلم مهامي والياً لغرب دارفور، وعرضت أيضا عقد اجتماع بالخرطوم بمشاركة القيادتين التشادية والسودانية لتنشيط عمل القوات المشتركة لحماية الحدود.
- ما خطتكم لإعادة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم الأصلية؟
وضعنا خطة مبدئية بشأن اللاجئين والنازحين المنتمين إلى ولاية غرب دارفور والبالغ عددهم 1.5 مليون نازح ولاجئ، حيث يقيم النازحون في أكثر من 18 مخيما و137 مركز إيواء، بينما يقيم اللاجئين في 6 مخيمات.
وهناك زيادة في أعداد النازحين نتيجة للأحداث الأخيرة، ونعمل على معالجة الوضع الإنساني الآن من خلال إخراج هؤلاء من مراكز الإيواء إلى المخيمات.