"التشريعي السوداني" الغائب المنتظر.. أين وصل التشكيل؟
لا يزال تشكيل المجلس التشريعي بالسودان، محل إلحاح من قادة سياسيّين، مع تباين الرؤية في أسباب تأخير تكوينه من الأطراف المعنية.
وكان مقررا الإعلان عن تشكيل المجلس التشريعي، في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وفقا للوثيقة الدستورية الخاصة بالمرحلة الانتقالية، غير أن الانتظار ما زال سيد الموقف.
ونصت الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير في 17 أغسطس/آب 2019، على أن يتكون المجلس التشريعي من 300 عضو بـ"التعيين"، على ألا تقل نسبة مشاركة النساء عن 40%.
كما نصت على أن يشكل المجلس التشريعي ويباشر مهامه خلال 90 يوما من تاريخ توقيع الوثيقة ذاتها، ويكون التشكيل بواقع 67%، من قوى "إعلان الحرية والتغيير" و33% من القوى الأخرى المشاركة في الثورة على أن يتم تسمية النسبة الأخيرة بالتشاور بين قوى الحرية ومجلس السيادة.
وعقب توقيع اتفاق السلام بين الحكومة والحركات المسلحة في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم تعديل الوثيقة الدستورية لمنح الحركات المسلح الموقعة على الاتفاق 25 % من مجلس الوزراء المكون من 26 عضوا و3 مقاعد في المجلس السيادي و25% من مقاعد البرلمان.
عقبات التشكيل
عدد من قيادات حزب الائتلاف الحاكم (قوى الحرية والتغيير) في السودان يتحدثون عن وجود تحديات حقيقية تواجه تشكيل المجلس التشريعي.
وأرجعت تلك القيادات أسباب التأجيل إلى خلافات في بعض تنسقيات قوى الحرية في الولايات؛ فضلا عن عدم الالتزام بالنسبة المخصصة للنساء (40%).
وانتقد رئيس حزب المؤتمر السوداني المهندس عمر الدقير تأخير تشكيل المجلس التشريعي رغم مرور 8 أشهر على اتفاق جوبا لسلام السودان.
وقال الدقير، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إنه لا يوجد مبرر لهذا التأخير، رغم الاتفاق على التكوين بعد توقيع السلام.
وتوقع رئيس حزب المؤتمر السوداني أن تكون أسباب التأخير عائدة إلى قوى الحرية والتغيير؛ التي لم تستطع تسمية أعضائها المشاركين في المجلس والبالغ عددهم 165 عضوا.
وتحدث السياسي السوداني أيضا عن مشاكل وخلافات في التنسقيات بالولايات، فضلا عن وجود طعون فيها.
وأشار إلى أن الكرة ما زالت في ملعب قوى الحرية والجبهة الثورية، اللتين تجريان مشاورات هذه الأيام حول اللائحة، وعدد اللجان، ورئاسة المجلس.
من جانبه قال عضو مجلس شركاء الحكم جعفر حسن إن 3 عقبات تسببت منذ فترة في تعطيل وتأخير تشكيل المجلس، وتشمل بعض الولايات التي لم تلتزم بمعايير النوع.
وأضاف جعفر، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن تلك الولايات لم تلتزم بنسبة حصة النساء، متحدثا أيضا عن وجود خلافات في ولايتين داخل الأجسام المكونة للممثلين.
وأضاف هناك مسألة حزب الأمة القومي؛ الذي يعتقد أنه يعطي نسبته من التشريعي من يده، وأنه هو الذي يتصرف فيها كما يريد.
هذه الأسباب -يقول جعفر- هي التي عاقت تشكيل المجلس خلال الفترة الماضية، لكن اللجان الآن قطعت شوطا كبيرا في تلك المسائل، وأتوقع في القريب العاجل الوصول إلى صيغة نهائية.
بدوره أوضح القيادي بالجبهة الثورية الدكتور محمد زكريا أن المجلس التشريعي مطلب لجماهير الثورة، قبل أن تطالب به القوى الدولية، وقد نصت على قيامه الوثيقة الدستورية، كما نصت عليه اتفاقية جوبا لسلام السودان، التي حددت 45 يوماً لتكوينه، من تاريخ توقيع الاتفاق، وهذا دليل على حرص الجبهة الثورية على قيام المجلس.
وذكر زكريا، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن لجنة مشتركة من الجبهة الثورية والمجلس المركزي للحرية والتغيير تعكف حاليا على إنجاز مهمة تشكيل التشريعي، وقد قطعت شوطاً كبيراً في مساعيها.
ولفت إلى أن الجبهة الثورية جاهزة للدفع بأسماء مرشحيها وعددهم 75 عضوا متى ما طلب منها ذلك، مشيرا إلى أن قوى الثورة السودانية تعمل على التوافق في شكل اللجان وتحديد طبيعة العلاقة بين المجلس وأجهزة الدولة، بالإضافة إلى ضمان التمثيل الجغرافي والنوعي والمهني والفئوي ومراعاة التنوع.
ووصف زكريا التأخير بـ"غير المبرر"، موضحا أن مرده إلى أن هذه هي التجربة الأولى في فترات الانتقال السياسي في السودان، التي تسعى فيها الأطراف لتأسيس مجلس تشريعي.
ويرى القيادي بالجبهة الثورية أن "تعدد الأطراف والرؤي ساهم نسبياً في استطالة أمد المشاورات التمهيدية، في ظل حرص بالغ على تحقيق أكبر قدر ممكن من الإجماع".
فضلا عن اضطلاع المجلسين السيادي والوزاري مجتمعين، بمهمة التشريع، إلى حين قيام المجلس التشريعي بالوظيفة التشريعية، ولكن لا يقلل ذلك من أهمية قيام المجلس لدوره الرقابي فضلاً عن التشريعي، يختم زكريا حديثه.
aXA6IDE4LjExNy43NS42IA== جزيرة ام اند امز