حرب السودان.. تصعيد الجبهات يستبق محطتي إثيوبيا وسويسرا
في السودان جبهات للقتال وجبهات للجوع، أنتجتها الحرب المستمرة منذ أبريل/نيسان 2023، وسط آمال في أن تطفئ محادثات سويسرا جذوة الأزمة.
ومع اقتراب جولة جديدة من المفاوضات بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، في 14 أغسطس/آب الجاري في سويسرا، تصاعدت وتيرة العنف في العاصمة الخرطوم وأم درمان وولايتي نهر النيل والفاشر.
التصعيد يستبق أيضا الجولة الثانية من الاجتماعات التحضيرية للحوار السوداني-السوداني التي تنطلق غدا في أديس أبابا، برعاية الاتحاد الأفريقي وبمشاركة تنسيقية القوى المدنية "تقدم".
تصعيد قتالي
وأفادت مصادر عسكرية بأن قوات "الدعم السريع" قصفت بالمدفعية الثقيلة مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني.
ووفقا للمصادر العسكرية فإن قوات "الدعم السريع" "استخدمت مؤخرا راجمة تعرف باسم (40 دليل) التي يصل مداها لأكثر من 45 كيلومترا، وتستطيع إطلاق 27 صاروخا في الدقيقة الواحدة".
المصادر قالت أيضا إن قوات "الدعم السريع" استخدمت المنظومة الجديدة "في قصف محلية كرري شمالي مدينة أم درمان (مقر حكومة الخرطوم المؤقتة) ومدن الفاشر وشندي"، وسط مخاوف على المدنيين الذين يقطنون داخل منازلهم في مناطق النزاعات.
ولم يتسن لـ"العين الإخبارية" الحصول على تعليق من الدعم السريع على هذه الاتهامات.
ووفق المصادر العسكرية، فإن الجيش السوداني قصف بالأسلحة المتنوعة عناصر "الدعم السريع" جنوبي العاصمة الخرطوم.
فيما أكدت مصادر عسكرية متطابقة لـ"العين الإخبارية" أن قوات "الدعم السريع" قصفت بالمدفعية منطقة "ود حامد"، التي تقع في الجهة الجنوبية لمحلية "المتمة" غرب مدينة شندي بولاية نهر النيل شمالي البلاد.
الجوع يفتك بالأطفال
ومع تصاعد وتيرة العنف أكد المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في إقليم دارفور آدم رجال وفاة 5 أطفال جوعا في ولاية وسط دارفور.
وتسيطر قوات "الدعم السريع" على الجزء الأكبر من وسط دارفور منذ نهاية العام الماضي، بينما تسيطر حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور على 3 محليات في الولاية الواقعة في منطقة جبل مرة.
وقال آدم رجال، لـ"العين الإخبارية"، إن "المنسقية تلقت تقارير بوفاة 5 أطفال جوعا في معسكرات مكجر بولاية وسط دارفور".
وكشف المتحدث عن تردي الوضع الإنساني وغياب المساعدات الإنسانية لأكثر من عام، باستثناء جزء قليل جداً لا يكفي الحاجة الكبيرة مضاف إليه فشل الإنتاج في الموسم الزراعي الماضي.
وأضاف "لا يزال سوء التغذية الحاد يشكل تحديا صحيا حاسما يتطلب بذل مزيد من الجهود من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لوقف الحرب الدائر بين الجيش والدعم السريع، وبناء استراتيجيات فعالة وتدابير وقائية ضرورية للحد من حدوث تفشي المجاعة وسوء التغذية وإنقاذ أرواح السكان والنازحين والمتضررين من الحرب".
تحذيرات أممية
ووفق أحدث تقرير أصدره الأمن الغذائي في 27 يونيو/حزيران الماضي، فإن 25.6 مليون سوداني يعانون الجوع الشديد، بينهم 755 ألف شخص في مرحلة المجاعة، ويقترب نحو 8.5 مليون شخص آخر من هذه المرحلة.
وخلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، لمناقشة الوضع في السودان، حذر مسؤولان أمميان خلال إحاطتين، من أن الوضع الإنساني في البلاد "ما زال يمثل كارثة مطلقة" وأن الظروف في مختلف أنحاء البلاد "مروعة وتزداد سوءا يوما بعد يوم".
وقالت مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إيديم وسورنو، إن 26 مليون شخص في السودان يعانون من الجوع الحاد.
وتطرقت وسورنو إلى إعلان لجنة مراجعة المجاعة مطلع الشهر الجاري عن تفشي المجاعة في أجزاء من ولاية شمال دارفور السودانية خصوصا مخيم زمزم، قائلة "هذه وصمة عار على ضميرنا الجماعي".
معاناة اللاجئين في إثيوبيا
ومع التدهور الأمني داخل الأراضي الإثيوبية، بدأ اليوم آلاف اللاجئين السودانيين في غابة "أولالا" بإقليم أمهرا في رحلة العودة إلى الأراضي السودانية سيرا على الأقدام.
وقال أحد اللاجئين ويدعى (أ. س) لـ"العين الإخبارية"، "نحو 3 آلاف لاجئ سوداني كانوا يقيمون في غابة "أولالا" الإثيوبية بإقليم أمهرا، بدأوا في رحلة العودة العكسية إلى السودان سيرا على الأقدام بعد ازدياد الهجمات التي تنفذها ضدهم مليشيات إثيوبية مسلحة".
وأوضح أن النازحين قرروا العودة إلى بلادهم في رحلة ربما تستغرق 3 أيام سيرا على الأقدام، وقطع مسافة تزيد على 90 كيلومترا في ظروف إنسانية معقدة.
وأشار إلى أن مفوضية اللاجئين أخفقت في معالجة مشكلتهم، رغم الشكاوى المتكررة، من عنف المليشيات وقسوة الطبيعة، وشح الغذاء والدواء.
وأكد أن النازحين اضطروا خلال الفترة الماضية إلى طهي لحوم التماسيح والحيوانات البرية، لإنقاذ الناس من الموت جوعا.
ويواجه أكثر من 6 آلاف لاجئ سوداني، بينهم نحو 2300 امرأة وطفل، مأساة بالغة التعقيد داخل الغابات الإثيوبية، وتزيد من معاناتهم هجمات المسلحين الإثيوبيين المتكررة خلال الأشهر الماضية، وهطول الأمطار داخل الغابة دون أي مقومات للحماية.
الحرب تدمر سبل العيش
ودمرت الحرب سبل عيش ملايين السودانيين، بمن في ذلك العاملون في قطاع الزراعة والرعي التي يعمل فيها 80% من القوى العاملة في البلاد، نتيجة توسع نطاقها مصحوبا بالهجمات العشوائية على المدنيين.
وفاقمت الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور، خاصة في مخيمات النازحين، إثر تسبب الاشتباكات الناجمة عنها في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
aXA6IDE4LjExNy45OS4xOTIg جزيرة ام اند امز