هجوم «جبيت» السودانية.. هل تعكر المُسيرات «هدوء سويسرا»؟
بالتزامن مع حروب المدن، جاء استهداف مسيرات انتحارية احتفال الكليات الحربية بمنطقة "جبيت" (شرق) ليلف السودان بمزيد من التعقيد.
وفي وقت سابق اليوم، كشفت مصادر عسكرية سودانية لـ"العين الإخبارية"، عن نجاة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان من محاولة اغتيال خلال احتفال تخريج دفعة جديدة في الكلية الحربية.
فبينما لم تشر القوات المسلحة السودانية لمحاولة الاغتيال أو من يقف وراءها، وقالت في بيان: "تصدت مضاداتنا الأرضية اليوم لمسيرتين معاديتين استهدفتا موقع الاحتفال بتخريج دفعات من الكليات الحربية والجوية والبحرية عقب ختامه بجبيت".
بينما نفى محمد مختار المستشار القانوني لقائد قوات الدعم السريع بالسودان أي علاقة للقوات بالهجوم، قائلا لرويترز: "ليس للدعم السريع أي صلة بالمسيرات التي استهدفت مدينة جبيت بشرق السودان اليوم".
وتزامن الهجوم مع موافقة الخرطوم على المشاركة في اجتماعات جنيف المقررة في 14 أغسطس/آب المقبل، بغرض وقف إطلاق النار في البلاد.
غياب لافت
وتعليقا على هذا التطور، يقول المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي، أمير بابكر، إن "خلو بيان الناطق الرسمي للجيش السوداني من تحديد الجهة التي أطلقت المسيرات، يفتح الباب أمام تساؤلات مفتوحة على غرار ما حدث في عطبرة، خاصة أن منطقة جبيت تقع في موقع محصن طبيعيا".
وأضاف بابكر، في حديث لـ"العين الإخبارية": "كما أن المناسبة تتطلب درجة تأمين أكثر من العادي في ظل وجود القائد العام للقوات المسلحة في الاحتفال".
وتابع "هناك جهات (لم يحددها) بالتأكيد لها مصلحة في أي محاولات لعرقلة خطوات السلام الجارية بقوة هذه الأيام. ولكن لن يؤثر هذا الهجوم في هذه الخطوات، فقد تجاوزت خطوات السلام مرحلة متقدمة، إضافة للوضع الكارثي الذي يعيشه المواطنون في كل أنحاء السودان".
بينما يقول رئيس تحرير صحيفة "التيار"، عثمان ميرغني، إن الهجوم الانتحاري "هو امتداد لهجمات مستمرة منذ شهر رمضان الماضي (أبريل/نيسان 2024) عندما تم استهدف إفطار كتيبة البراء في مدينة عطبرة ثم طالت الهجمات القضارف وشندي ومروي ودنقلا وكوستي وأخيرا جبيت".
وأضاف ميرغني في حديث لـ"العين الإخبارية": "لكن الخطورة هذه المرة هي أنها استهدفت رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش".
وتابع: "هذه الهجمات أدخلت كل جغرافيا السودان في ميدان المعركة، ما يعقّد الحل ويطيل عمر الحرب التي تجردت من الأهداف".
ومضى قائلا "لا أعتقد أن هذه الهجمات تستهدف عملية السلام؛ لكون الهجمات مستمرة منذ فترة بلا ارتباط بتطورات أوضاع المفاوضات. ومع ذلك قد تؤدي لتعزيز حجج الممانعين للذهاب إلى جنيف، كونها عملا عدائيا يناقض الروح التي يجب أن تسود في مفاوضات السلام".
قبل أن يقول: "وفي زاوية مختلفة، قد يعدها أنصار السلام دليلا على الحاجة الماسة إلى إنهاء الحرب التي تمددت ولا تزال قابلة للتمدد أكثر بأسلحة نوعية".
تأثير في التفاوض؟
من جانبه يقول الكاتب والمحلل السياسي، الهضيبي يس، إن "الحادثة سيكون لها تأثير في مسار عملية التفاوض بين طرفي النزاع المسلح في السودان متى ما انتظمت العملية التفاوضية العسكرية-السياسية".
وأضاف يس، في حديث لـ"العين الإخبارية": "من أبرز تلك المؤثرات ازدياد حجم انعدام الثقة بين الأطراف المتنازعة، ما يعقد مسألة التوصل لاتفاق قريب ينهي الحرب الدائرة الآن".
ودلل على ذلك قائلا إن "الاستهداف بات يركز على شخصيات بارزة، ولديها تأثير مباشر في مسار الحرب بالسودان وأود الاستدلال هنا بمحاولة اغتيال رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان بمنطقة جبيت، وكما فعل الجيش قبل أيام بإنهاء حياة قيادات تتبع الدعم السريع بولايات الجزيرة وسنار بوسط البلاد".
يس قال أيضا: "كذلك استخدام المسيرات هو مؤشر أيضا يحمل عدة دلالات ورسائل، منها انتقال طبيعية الحرب لمحطة جديدة، باعتبار أن الحرب باتت تُستخدم فيها طرق جديدة لتحقيق قدر من التموضع العسكري".
وزاد قائلا: "للأسف استهداف المرافق الصحية والتعليمية من قبل العناصر العسكرية لطرفي الصراع سيفاقم حجم الأزمة الإنسانية التي سيكون لها كذلك تأثير في مسار أي تفاوض متوقع خلال مقبل الأيام".
وجاءت واقعة جبيت بعد ساعات من إعلان وزارة الخارجية السودانية موافقتها المشروطة على المشاركة بـ«محادثات السلام» في جنيف.
وقالت وزارة الخارجية السودانية، ليل الثلاثاء، إن الحكومة قبلت بشروط دعوة لحضور محادثات سلام برعاية الولايات المتحدة في جنيف.
ووفق البيان، فإن "السودان طلب عقد اجتماع مع مسؤولين أمريكيين للتحضير لمفاوضات السلام".
وستكون محادثات جنيف أول جهد كبير لجمع الجيش وقوات الدعم السريع معا، منذ أشهر طويلة.
مبادرة أمريكية
والأسبوع الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن أن واشنطن تسعى لإنهاء النزاع، "ودعت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للمشاركة في محادثات بشأن وقف إطلاق النار، بوساطة الولايات المتحدة، تبدأ في 14 أغسطس/آب في سويسرا".
وأضاف أن "المحادثات التي ترعاها أيضا السعودية ستضم الاتحاد الأفريقي ومصر ودولة الإمارات والأمم المتحدة بصفة مراقب".
بلينكن أوضح أن المحادثات "تهدف إلى تحقيق وقف العنف في جميع أنحاء البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها، ووضع آلية مراقبة وتحقق فعالة من أجل ضمان تنفيذ أي اتفاق".
ورحّب قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، عبر منصة "إكس" بدعوة بلينكن قائلا: "أعلن مشاركتنا في محادثات وقف إطلاق النار القادمة في 14 أغسطس/آب 2024 في سويسرا".
aXA6IDMuMTM2LjI1LjI0OSA= جزيرة ام اند امز