حرب السودان.. الصراع يحتدم على «السلطنة الزرقاء» والفاشر
رغم فتح نافذة أمل تمضي الحرب في السودان من سيئ إلى أسوأ، وتتساقط المدن واحدة تلو الأخرى في أتون المواجهات العسكرية والكارثة الإنسانية.
إذ أعلنت قوات "الدعم السريع"، ليل الأربعاء، بسط سيطرتها الكاملة على مدينة "السوكي" بولاية سنار، وتكبيد قوات الجيش السوداني خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
وأكدت، في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، "الاستيلاء على 21 عربة بكامل عتادها الحربي، ومدفع "سي فايف"، وحرق 4 عربات، وأسلحة وذخائر متنوعة، ومقتل 150 من عناصر الجيش السوداني، وأسر العشرات وفرار آخرين".
وتسعى قوات "الدعم السريع" للسيطرة على مدينة سنار كآخر المدن المتبقية في الولاية، إذ هاجمت المدينة مرارا وتكرارا لكن دون جدوى في ظل دفاع الجيش السوداني عن المنطقة.
وأفاد شهود عيان "العين الإخبارية" بأن قوات "الدعم السريع" "أحكمت سيطرتها على مدينة السوكي، التي تشهد حاليا عمليات نهب واسعة للبنوك والأسواق والمحلات التجارية".
ووفق الشهود، فإن المدينة شهدت موجة نزوح واسعة للمواطنين هربا من العنف والقتال، إلى مناطق مجهولة مع هطول الأمطار في المنطقة.
وتعد مدينة السوكي، الواقعة في الاتجاه الجنوبي الشرقي لمدينة سنار، نقطة دفاع متقدم عن الأخيرة التي تحاصرها قوات "الدعم السريع" من 3 اتجاهات.
ومؤخرا، سيطرت قوات "الدعم السريع" على محليات سنجة، والدالي والمزموم، وشرق سنار، والدندر، وأبو حجار، والسوكي، وتحاصر حاليا محلية سنار كآخر منطقة، لإحكام سيطرتها بشكل كامل على الولاية.
وكانت سنار لقرون عديدة عاصمة "السلطنة الزرقاء" التي حكمت السودان في القرن السابع عشر وحتى عام 1821، وهي اليوم واحدة من أكبر المراكز التجارية وأبرز نقطة تقاطع خطوط السكك الحديدية في السودان.
ولم تتلق "العين الإخبارية" تعليقا فوريا من الجيش السوداني حول إعلان قوات "الدعم السريع" بسط سيطرتها على مدينة السوكي.
وفي 20 يوليو/تموز الجاري، قُتل قائد عمليات الدعم السريع في سنار وإقليم النيل الأزرق المقدم عبدالرحمن البيشي، إثر غارة جوية نفذها الجيش السوداني على المنطقة.
وتصاعدت العمليات العسكرية في ولاية سنار منذ 24 يونيو/حزيران الماضي، عندما هاجمت قوات "الدعم السريع" مواقع الجيش السوداني في مناطق "جبل مويا"، وسيطرت على الموقع الاستراتيجي الرابط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض.
وفي 29 يونيو/حزيران الماضي، التفت قوات "الدعم السريع" على قوات الجيش السوداني في مدينة سنار وتوغلت إلى عمق أكثر من 60 كيلومترا عبر الطرق الترابية الوعرة لتسيطر على مدينة سنجة.
كما سيطرت قوات "الدعم السريع" على قيادة الفرقة 17 مشاة، رئاسة الجيش بمدينة سنجة، ما أتاح للقوات التمدد شرقا وغربا وجنوبا لتسيطر على مدن الدندر وأبو حجار، وود النيل والدالي والمزموم.
الموقع الجغرافي
وتقع مدينة "السوكي" في ولاية سنار على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق على ارتفاع 428 مترا فوق سطح البحر. وتبعد عن العاصمة الخرطوم نحو 291 كيلومترا، وعن سنار عاصمة الولاية 37 كيلومترا.
ويحترف سكان المدينة الزراعة خاصة زراعة قصب السكر والدخن والبقوليات، وتتنوع الزراعة من زراعة تقليدية إلى الزراعة بالري الصناعي التي يشكل مشروع السوكي الزراعي إحدى دعائمها الرئيسية.
كما تشتهر المنطقة بصيد الأسماك والصناعات اليدوية، من بينها صناعة الطواقي والخزف، ويوجد بالمدينة مصنع لصناعة فلنكات السكة حديد من الخشب كما عرفت المدينة بزراعة الغابات.
ويقع مشروع "السوكي" الزراعي على غرب المدينة، وهو مشروع زراعي يعتمد على الري الصناعي من خلال الطلمبات الرافعة وينتج الفول السوداني والقطن والذرة لإنتاج محاصيل نقدية للمساهمة في الدخل القومي بالسودان.
الأوضاع في الفاشر
إلى الغرب، أعلن الجيش السوداني، ليل الأربعاء، تحقيق انتصارات على قوات "الدعم السريع"، بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وأكد الجيش السوداني، في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، "الاستيلاء على 7 مركبات قتالية وتدمير أخرى مع قتل أعداد كبيرة من عناصر قوات الدعم السريع".
ولم ترد قوات "الدعم السريع" على بيان الجيش السوداني.
ومنذ 10 مايو/أيار الماضي تشهد الفاشر مواجهات عسكرية دامية بين الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة ضد قوات الدعم السريع، ما تسبب في قتل أعداد كبيرة من المدنيين وتشريد أكثر من 500 ألف شخص وفقا للأمم المتحدة.
وتعد الفاشر آخر المواقع في إقليم دارفور غير الخاضعة لسيطرة قوات "الدعم السريع"، التي بسطت منذ نهاية العام الماضي نفوذها على ولايات جنوب ووسط وشرق وغرب دارفور وتمكنت من الاستحواذ على قواعد الجيش في تلك الولايات.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
وقبل أيام، دعت الولايات المتحدة أطراف الحرب في السودان، لمحادثات الشهر المقبل، من أجل وقف القتال لإفساح المجال لإغاثة ملايين السودانيين القابعين في أتون كارثة إنسانية، ما حرك بعض الآمال في نهاية قريبة للصراع.