على ضفتي النيل بالسودان.. البارود يحرق طيف «الليالي الجميلة»
على ضفتي النيل، حيث تعود المارة ليلا مناجاة التقاء الظلام بصفحة النهر، حرق البارود الورود، ليكتب فصلا جديدا من صراع السودان.
وتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إطلاق النار والقذائف من ضفتي نهر النيل في الخرطوم، الإثنين، حسبما قال سكان في العاصمة لوكالة "فرانس برس"، وذلك في الشهر السابع من حرب دامية في الدولة الأفريقية.
- السودان.. قاعدة «وادي سيدنا» العسكرية في قبضة «الدعم السريع»
- قمة محتملة لرؤساء «إيغاد» لوضع خارطة طريق في السودان
وقال أحد الشهود لوكالة "فرانس برس": "الجيش من أم درمان على الضفة الغربية وقوات الدعم السريع من الخرطوم بحري على الضفة الشرقية" تبادلا إطلاق نيران المدفعية والصواريخ".
وأكّد سكان آخرون هذا الأمر، بينهم ناشطون محليون يؤكدون أن القصف طال بشكل خاص منازل مدنيين في الأسابيع الأخيرة وخلّف عشرات الضحايا.
في الخرطوم أيضا، تبادل قوات الجيش وقوات الدعم السريع، القصف المدفعي بشكلٍ متقطع أمس، حول محيط القيادة العامة للجيش بالعاصمة الخرطوم.
وحلّقت مقاتلات الجيش السوداني في مدينة بحري شمال الخرطوم، مستهدفًا عدة مواقع ومناطق تواجد الدعم السريع بالمدينة، بينما توقفت العمليات العسكرية حول خزان جبل أولياء جنوب العاصمة السودانية.
إلى ذلك، قال الناطق باسم قوات الدعم السريع في بيان، أمس، "في عملية نوعية، هاجمت قواتنا قاعدة وادي سيدنا (في شمال الخرطوم) دمرت فيها طائرة نقل عسكرية من طراز سي 130 ومخزن ذخيرة".
وعلى بعد أكثر من 800 كيلومتر جنوب غرب قاعدة وادي سيدنا، قال شهود إن "الجيش بدأ الانسحاب من حاميته في (مدينة) المجلد القريبة من مناطق إنتاج النفط فيما ينشر الدعم السريع على مواقع التواصل صورًا لأفراد من قواته داخل حامية الجيش في المجلد".
وتحدث آخرون عن "اشتباكات قرب مقر الجيش في مدينة المجلد غرب كردفان بعد أن هاجمت (قوات) الدعم الحامية صباح الإثنين".
"القاتل الصامت"
وعلى هامش صراع البنادق، يحوم قاتل من نوع آخر في ولايات سودانية، يتغذى على الفوضى الطبية والصحية التي خلفها القتال، ويأكل أجساد السودانيين بلا رحمة.
إذ تفشى وباء الكوليرا في مناطق جديدة بولاية البحر الأحمر شرقي السودان، رغم محاولات السُّلطات محاصرته، وفق صحيفة سودان تربيون المحلية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بوزارة الصحة، قوله إن “وباء الكوليرا تفشى في محلية طوكر بولاية البحر الأحمر، حيث سجل 83 حالة منها ثلاث وفيات”.
وتفشى وباء الكوليرا في ولايتي القضارف والخرطوم في سبتمبر/أيلول، قبل أن ينتقل إلى ولايات أخرى منها الجزيرة والبحر الأحمر والنيل الأبيض، حيث يتوقع أن يصيب أكثر من ثلاث ملايين سوداني وفقًا للأمم المتحدة.
ويعيش القطاع الصحي في السودان منذ سنوات في تدهور مستمر، ما جعل استجابته للأوبئة ضعيفة للغاية، وسط مخاوف من أن ينهار جراء الحرب المندلعة بين الجيش والدعم السريع.
ومنذ 15 أبريل/نيسان، يدور نزاع بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وأسفرت الحرب عن سقوط أكثر من عشرة آلاف قتيل وفق تقديرات منظمة "مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها" (أكليد). وتسببت بنزوح نحو ستة ملايين شخص داخل البلاد أو إلى دول مجاورة، بحسب الأمم المتحدة.
ومطلع الشهر الجاري، فشلت جولة جديدة من مفاوضات جدة التي ترعاها الولايات المتحدة والسعودية في تحقيق أي خرق.
ولم تفلح جولات التفاوض المتعددة سوى في إبرام وقف مؤقت للمعارك التي كانت سرعان ما تستأنف بمجرد انتهاء المهل.
ويثير فشل الوساطات الدولية المتعددة مخاوف من أن يفضي استمرار الوضع على حاله لفترة طويلة إلى تقسيم السودان.