إعلان سياسي وترشيحات وزارية.. انفراجة لـ"عشرية الصدام" بالسودان؟
وسط ظلال كثيفة، خرجت محاولة لشق انفراجة في صخرة السياسة السودانية بعد 10 أشهر من الشد والجذب والمظاهرات المطالبة بالحكم المدني.
ووقعت "قوى الحرية والتغيير - التوافق الوطني"، الثلاثاء الماضي، إعلانا سياسيا للحكم المدني الديمقراطي، بعد فترة من التفاوض استمرت أسابيع.
ووفق تقرير لصحيفة "الراكوبة" السودانية، وقّع على الإعلان كلٌ من قوى الحرية والتغيير- التوافق الوطني، والحركة الشعبية -شمال ب، وحزب المؤتمر الشعبي، والحزب الاتحادي، إلى جانب ممثلين عن لجان المقاومة، والطرق الصوفية، والإدارات الأهلية، ومجلس الكنائس السودانية.
الوثيقة المعنونة بـ”الإعلان السياسي للتحول الديمقراطي“، تنص على مشاركة الجيش في السلطة الانتقالية، مع اعتماد الإعلان الدستوري لعام 2019 كأساس دستوري للحكم.
كما تنص على تشكيل جسم سيادي لإدارة فترة انتقالية تتفق عليه الأطراف، والإبقاء على علاقة متزنة بين المدنيين والعسكريين، وتكوين مجلس تشريعي من 400 عضو، يراعي التنوع الثقافي والعرقي والجغرافي.
الوثيقة تطالب أيضا، بحذف المادة (20) بالإعلان الدستوري، والتي تحظر ترشح شاغلي المناصب الدستورية خلال الفترة الانتقالية، في الانتخابات المقبلة.
وتعليقا على الخطوة، قال رئيس لجنة الاتصال في "قوى الحرية والتغيير - التوافق الوطني"، مني أركو مناوي، إن أهم ما جاء في الإعلان السياسي هو مشاركة المؤسسة العسكرية، السلطة خلال الفترة الانتقالية المقترحة نظرا لتراجع الأوضاع الأمنية في البلاد.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ كشفت تقارير سودانية، الأربعاء، أن مجموعات سياسية رشحت 15 شخصية لتولي منصب رئيس مجلس الوزراء الشاغر منذ يناير/كانون الثاني الماضي، بعد استقالة عبد الله حمدوك.
وذكرت التقارير أن قوى الحرية والتغيير، هي من رشحت هؤلاء الشخصيات للمنصب الشاغر.
اللقاء المرتقب
من جهتها، ذكرت صحيفة ”الانتباهة“ السودانية، أنّ المرشحين لمنصب رئيس الوزراء سيلتقون رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، لإجراء مزيد من المشاورات، قبل الاستقرار على شخصية واحدة لشغل المنصب الرفيع.
وقالت إن تسمية رئيس الوزراء خطوة سابقة لعملية التوافق بين القوى السياسية، لأن الأوضاع لم تعد تحتمل الانتظار في ظلّ الأزمة السياسية الحالية.
ووفق مراقبين، فإن هذا الإعلان السياسي يمكن أن يكون مدخلا لتوافق سياسي في حال تدشين حوار مع باقي القوى السياسية في السودان، خاصة وأنه ترك مسألة "الجسم السيادي" الحاكم وتسمية أعضائه رهنا لتوافق جميع الأطراف.
في المقابل، سارعت قوى سياسية تتصدرها "الحرية والتغيير_ المجلس المركزي" التي ترفض مشاركة العسكريين في السلطة، إلى التقليل من أهمية الإعلان السياسي، قائلة إنه يمنح المكون العسكري فرصة للبقاء في السلطة، ويسمح لقيادات الجيش بالمشاركة في الانتخابات.
وتنقسم قوى الحرية والتغيير؛ المكون المدني في مجلس السيادة الانتقالي، إلى جناحين، هما التوافق الوطني والمجلس المركزي، إذ يؤيد الأول شراكة مع العسكريين في السلطة الانتقالية، فيما يطالب الثاني بحكم مدني خالص.
بيد أن دعوات خرجت في الأيام الأخيرة تطالب بعقد مؤتمر جامع للأطياف السودانية يناقش جميع الإعلانات السياسية والمبادرات، وكيفية إدارة الفترة الانتقالية، وفق تقارير صحفية، ما يمكن أن يحدث انفراجة سياسية.
وكان الجيش أعلن في 4 يوليو/ تموز الماضي، انسحابه من المفاوضات السياسية لترك المجال للقوى المدنية للتوافق على حكومة مدنية، يُحل بعدها مجلس السيادة الانتقالي، ويُشكل مجلس جديد للأمن والدفاع بصلاحيات سيادية واسعة.
ومنذ نحو 10 أشهر يعيش السودان فراغا دستوريا كبيرا، واحتجاجات شبة يومية، على خلفية الإجراءات التي اتخذها القائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي أنهت الشراكة بين الشقين المدني والعسكري وعطلت بنودا جوهرية من الوثيقة الدستورية التي كانت تحكم البلاد منذ أغسطس/آب 2019.
والسودان بلا حكومة تنفيذية منذ نهاية العام الماضي، وذلك بعد استقالة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك.
وتقول دول الترويكا (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) وبلدان الاتحاد الأوروبي إنها لن تدعم أي رئيس وزراء يتم تعيينه في السودان دون توافق المدنيين؛ وطالبت بالعودة للوثيقة الدستورية الموقعة في 2019.
وترى البلدان الأوروبية والولايات المتحدة أن أصحاب المصلحة السودانيين سيحتاجون إلى العمل على أساس الإعلان الدستوري لعام 2019 حول كيفية التغلب على الأزمة السياسية الحالية في البلاد؛ واختيار قيادة مدنية جديدة؛ وتحديد جداول زمنية واضحة وعمليات المهام الانتقالية المتبقية - بما في ذلك إنشاء المؤسسات التشريعية والعدلية.