دارفور عالق بين المجاعة والرصاص.. زحف عسكري وكارثة في الأفق
ليس وحده رصاص المعارك من يفتك بأرواح المدنيين السودانيين، بل هناك ما يقبض على بطونهم ولا يجد سبيلا إليهم
وتمضي الأوضاع في دارفور نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة، إزاء استمرار العنف، ونقص الإمداد الغذائي بسبب نهب شاحنات الإغاثة.
وميدانيا، اجتاحت قوات "الدعم السريع" 4 عواصم ولايات أخرى في دارفور العام الماضي، وتحاصر حاليا مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
هذه التطورات الميدانية، وضعت الإقليم الواقع غربي السودان في قلب الصراع العسكري بين الجيش والدعم السريع، خاصة في مدينة الفاشر، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية، في ظل شح الغذاء والدواء والماء.
وأفاد شهود عيان "العين الإخبارية"، بأن مدينة الفاشر شهدت صباح الإثنين، موجة نزوح جديدة للمواطنين، إلى القرى البعيدة هربا من العنف والقصف العشوائي.
وقال الشهود أيضا، إن المدينة تعاني أوضاعا إنسانية كارثية، بسبب نقص الغذاء والدواء وتدمير كل المرافق الصحية.
تقدم "الدعم"
كما أفادت مصادر عسكرية "العين الإخبارية"، بأن المحور الشرقي، والشمالي الشرقي، والجنوبي الشرقي في الفاشر، شهدت تقدما واضحا لقوات "الدعم السريع"، في مناطق "حجر قدو، والوحدة، والسلام.
وأكد المتحدث الرسمي باسم التنسيقية العامة للنازحين واللاجئين، آدم رجال، أن مخيمات النزوح في دارفور "تعيش كارثة إنسانية حقيقية بسبب الجوع ونقص الغذاء الحاد."
وقال رجال في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "خطر الجوع يهدد النازحين بالموت، بسبب عدم السماح بدخول السلع التموينية أو مصادرتها".
وأضاف: "كبار السن والأطفال يموتون جوعا ولا حياة لمن تنادي.. نرفض سياسة استخدام الطعام كسلاح في دارفور."
إلى ذلك، حذرت منظمات دولية من استخدام الغذاء والدواء سلاحا للتجويع، مع ضرورة فتح المسارات الإنسانية لتوصيل المساعدات الغذائية والدوائية إلى النازحين في دارفور والمناطق المتأثرة بالنزاع في السودان.
نهب شاحنات الغذاء
ومع تصاعد وتيرة العنف، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، مساء الأحد، نهب 3 شاحنات إغاثة في طريقها إلى وسط دارفور.
وقال برنامج الأغذية، في تغريدة على منصة (إكس)، إن "رجالا مسلحون مجهولون هاجموا ثلاث شاحنات تابعة للبرنامج محملة بالمساعدات الغذائية في طريقها إلى وسط دارفور."
وأوضح أن المساعدات الغذائية كانت مخصصة لإطعام الآلاف من الأشخاص، داعيا السلطات المحلية لضمان محاسبة الجناة.
ولم يحدد البرنامج المنطقة التي وقع فيها الحادث، إذ تسيطر قوات الدعم السريع على 6 محليات في ولاية وسط دارفور، فيما تخضع الثلاث المتبقية لسيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور.
وفي 24 يونيو/ حزيران الماضي، قال المعهد الهولندي للعلاقات الدولية، إنه استنادا على تقديرات الحصاد والمخزونات وواردات القمح والمعونة الغذائية الإنسانية يتوقع وفاة 2.5 مليون شخص في دارفور وكردفان ــ 15% من سكان الإقليمين ــ بحلول سبتمبر/أيلول 2024.
وشدد على أن نقطة التحول التي يتحول عندها الجوع على نطاق واسع إلى الموت على نطاق واسع، يحتمل أن أجزاء من السودان وصلت إليها بالفعل في مايو/أيار الماضي.
ومؤخرا، تحدث تصنيف الأمن الغذائي عن ارتفاع أعداد الجوعى السودانيين إلى 25.6 مليون شخص منهم 755 ألف فرد في مرحلة المجاعة.
الهجمات العشوائية
ودمرت الحرب سبل عيش ملايين السودانيين، بمن في ذلك العاملون في قطاع الزراعة والرعي التي يعمل بهما 80% من القوى العاملة في البلاد، نتيجة الهجمات العشوائية على المدنيين.
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء.
بالإضافة إلى ذلك، انهار النظام الصحي بشكل شبه كامل في السودان. وتقدّر الخرطوم الخسائر في هذا القطاع بقرابة 11 مليار دولار.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.