وساطة سلفاكير.. أمل جديد لإنهاء الحرب في السودان
خبراء يتوقعون نجاح سلفاكير في كسر جمود ملف التفاوض بين الخرطوم ومتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال
على نحو مفاجئ، عرض سلفاكير ميادريت رئيس جنوب السودان على حكومة الخرطوم التوسط بينها وبين الحركة الشعبية قطاع الشمال المتمردة، لإنهاء الحرب الدائرة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان المُعرّفة دوليا بـ"المنطقتين".
مبادرة سلفاكير، التي جاءت عقب تطورات في علاقة البلدين ونجاح وساطة الخرطوم في إقناع فرقاء جنوب السودان لتوقيع اتفاق سلام، لاقت موافقة سريعة من الحكومة السودانية، التي تأمل إيقاف الحرب الدائرة مع متمردي الحركة الشعبية بالمنطقتين منذ العام 2012.
وتوقع خبراء لـ"العين الإخبارية" نجاح سلفاكير في كسر جمود ملف التفاوض بين الخرطوم ومتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال، نتيجة لما وصفوه بالعلاقات الوثيقة التي تربطه بالطرفين، فضلا عن أن الجو العام وتطوراته تدعم حدوث تطور بالعملية السلمية.
وتأتي وساطة الرئيس سلفاكير عقب فشل 18 جولة تفاوضية بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، جرت فعالياتها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، والتي كانت بوساطة رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثامبو مبيكي، منذ تفجر الصراع المسلح بالمنطقتين قبل 7 سنوات، وذلك نتيجة تمسك الطرفين بمواقفهما التفاوضية.
تحريك المفاوضات
وحدث نوع من الجمود في ملف مفاوضات المنطقتين عقب خلافات داخل الحركة الشعبية قطاع الشمال، وانقسامها إلى فصيلين العام الماضي؛ الأول: يقوده الجنرال عبد العزيز الحلو، وهو الأقوى لامتلاكه قوات عسكرية على الأرض، أما الفصيل الثاني فيقوده مالك عقار وياسر سعيد عرمان.
والتقى فصيل الحلو مع الحكومة السودانية على مائدة تفاوض رسمية بأديس أبابا في فبراير الماضي، لكنها لم تتوصل لنتائج إيجابية عقب طرح المتمردين مطلب حق "تقرير المصير" لشعب ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ضمن أجندة المحادثات، الأمر الذي واجهته الحكومة برفض قاطع.
وجرت محادثات غير مباشرة بين الحكومة والشعبية في جوهانسبرج، الأسبوع الماضي، برعاية الوسيط الأفريقي ثامبو مبيكي، وانتهت بحسب فيصل حسن إبراهيم مساعد الرئيس السوداني، إلى تفاهمات إيجابية، بجانب تراجع زعيم الحركة المتمردة عن مطلب تقرير المصير، وهو ما يدعم المحادثات الرسمية المنتظرة بين الطرفين في عاصمة إثيوبيا.
وترى أجوك عوض الله الكاتبة الصحفية الجنوب سودانية، أن ذات الأسباب التي أدت لنجاح مبادرة الرئيس السوداني عمر البشير في تسوية النزاع بجنوب السودان، تنطبق على وساطة سلفاكير الساعية لإنهاء الحرب بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وأوضحت في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن سلفاكير بحكم العلاقة التاريخية التي تربطه بالحركة الشعبية قطاع الشمال لكونها كانت حركة واحدة قبل انفصال جنوب السودان، سيتمكن من التأثير عليها وإقناعها بالسلام، كما سيفعل ذات الأمر مع حكومة الخرطوم.
وشددت على أن حكومتي الخرطوم وجوبا اقتنعتا تماما بضرورة التوصل إلى سلام شامل في البلدين، كما شكلت الأزمة الاقتصادية بكلا الدولتين حافزا قويا لإكمال التسوية والعملية السلمية، بينما تواجه الحركات المتمردة ضغوطات دولية وظروفا مالية وتمويلية مماثلة، ما يعجل بالتوصل لاتفاق بالمفاوضات القادمة.
وتأسفت أجوك عوض الله، لتأخر الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت في التدخل لإحلال السلام ببلديهما، في ظل امتلاكهما لمفاتيح الحل بكلا الدولتين، قائلة: "أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، ولكن ما كان لشعبي البلدين أن يتجرعا مرارات تطاول أمد الحرب والموت المجاني".
رغبة في إحلال السلام
ويتفق الهادي أبو زايدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري مع الرأي السابق، حول وجود فرص كبيرة لنجاح وساطة سلفاكير ميارديت في إنهاء الحرب بالمنطقتين، مشددا على أن هناك رغبة في اكتمال اتفاقية السلام ببلاده، ما يشكل أكبر حافز لوقف الحرب بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان المحاذيتين لجنوب السودان.
وأحصى أبو زايدة، خلال تعليق لـ"العين الاخبارية"، عدة عوامل مساعدة على التوصل لاتفاق سلام بالمنطقتين، بينها زيادة القوة العسكرية للحكومة السودانية، مع تراجع الحركة الشعبية المتمردة، بجانب رغبة المجتمعات المحلية في السلام ونبذها للحرب، فضلا عن أن السلام في السودان أصبح مطلبا دوليا، خصوصا من أمريكا، ما يعجل بالتوصل لاتفاق ينهي الحرب.
وقال إن هذه المعطيات ستدفع الأطراف السودانية إلى توقيع اتفاقية سلام تنهي الصراع المسلح في المنطقتين، وأضاف أن: "نجاح الخرطوم في إقناع فرقاء جنوب السودان لإبرام اتفاقية سلام، ساعد بصورة كبيرة في تنقية الأجواء، وزاد من عامل الثقة بين الخرطوم وجوبا، الأمر الذي سيصب إيجابا لصالح محادثات المنطقتين".