خبير سوداني لـ«العين الإخبارية»: 3 سيناريوهات لمحاولة «جيش البرهان» تهريب السلاح عبر الإمارات

3 سيناريوهات محتملة لتفسير محاولة تهريب أسلحة لصالح الجيش السوداني عبر الإمارات كشف عنها خبير سوداني في الشؤون الأمنية والعسكرية.
وأزاح الخبير السوداني الذي تحدث إلى "العين الإخبارية" طالبا عدم تعريفه، الكثير من أوجه الغموض التي تكتنف محاولة تمرير أسلحة بطرق غير مشروعة من داخل الإمارات، لصالح القوات المسلحة السودانية.
وقال الخبير الأمني إنه بناءً على معرفته بحيثيات أمنية محددة، واطلاعه العام على أحوال المؤسسة العسكرية في السودان، يرى استحالة أن تخرج الدوافع التي وراء هذه الصفقة "المشبوهة"، عن 3 سيناريوهات هي الأقرب لتفسير المسببات والمتلازمات التي دفعت "المتورطين" في هذه المحاولة للمغامرة بتنفيذها من داخل الإمارات، رغم إدراكهم لخطورة مآلات كشفها من قبل الأجهزة الأمنية الإماراتية.
وأعلنت الإمارات اليوم إحباط أجهزة الأمن محاولة "تمرير أسلحة وعتاد عسكري إلى القوات المسلحة السودانية بطريقة غير مشروعة"، وفق ما أوردته وكالة أنباء الإمارات.
ونقلت الوكالة عن النائب العام في دولة الإمارات، حمد سيف الشامسي، الأربعاء، قوله إن "أجهزة الأمن تمكنت من إحباط محاولة تمرير كمية من العتاد العسكري إلى القوات المسلحة السودانية، بعد القبض على أعضاء خلية متورطة في عمليات الوساطة والسمسرة والاتجار غير المشروع في العتاد العسكري، دون الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة".
دوافع كيدية
الخبير الذي تحدث لـ"العين الإخبارية"، برهن على أن المحاولة لتمرير السلاح من داخل الإمارات، تقف وراءها عناصر "إخوانية" داخل الجيش السوداني، تكن عداءات شديدة تجاه الإمارات، وتسعى لتوريط الإمارات في متون الحرب السودانية، عبر نسج "فبركات" إعلامية، وشهادات ميدانية "مُوجّهة"، تدعي العثور على أسلحة قادمة من الإمارات كانت في طريقها إلى بؤر النزاع الحربي في عدد من المناطق السودانية، لصالح قوات الدعم السريع، وأن الأجهزة الأمنية السودانية قامت بتتبعها وضبطها.
وقال إن "السيناريو الأول هذا، وارد بنسبة 90%، لأن بعضًا من قيادة الجيش السوداني ظلت تبحث عن أدلة واقعية لتعزيز الدعوى المرفوعة ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية".
وأوضح أن "الدعوى لم تلق قبولًا، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، لافتقارها إلى 'البيّنة' المادية، ولهذا يصبح من المحتمل جدًا لجوء قيادات الجيش السوداني المرتبطة بالتنظيم الإخواني إلى مثل هذه 'السيناريوهات' التي تديرها عبر 'شبكة' علاقات دولية مشبوهة، من أجل إدخال سلاح داخل السودان عن طريق الإمارات، ومن ثم كشفه للرأي العام عبر مسرحية 'هزيلة' لتحميل الإمارات وزر الدخول في الحرب السودانية".
واستبعد الخبير الأمني أن تكون حاجة الجيش السوداني لمثل هذا النوع من الأسلحة التي تم ضبطها عن طريق الأمن الإماراتي تمثل دافعًا رئيسيًا للصفقة، طالما أن السلاح المراد تمريره لم يكن من بينه أسلحة نوعية مثل "المُسيّرات" أو أسلحة ثقيلة قد تُحدث فارقًا في ميدان المعركة الحربية مع قوات الدعم السريع، حسبما صنف بيان النائب العام الإماراتي نوعية السلاح المراد تمريره.
سيناريو المحظورات
ورسم الخبير ذاته مشهدًا آخر يبرهن على نهج "المراوغة" الذي ظلت تنتهجه قيادات الجيش السوداني في خطة المواجهة مع المجتمع الدولي، التفافًا على العقوبات الدولية والضغوط الممارسة على قيادات الجيش السوداني بضرورة إنهاء الحرب وتسليم السلطة إلى قيادة مدنية.
وقال إن "قيادة الجيش السوداني لجأت إلى فكرة 'الالتفاف' بهدف الحصول على السلاح من الشركات المحظورة عالميًا، منذ أن صدر قرار العقوبات الأمريكية ضد قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وبعض الأفراد المرتبطين بالمؤسسة العسكرية في السودان".
واستدل الخبير بورود اسم السوداني الأوكراني عبدالله أحمد خلف الله ضمن الأسماء التي تم كشفها في تفاصيل محاولة تمرير السلاح بواسطة الأمن الإماراتي.
وأشار إلى أن هذا الشخص السوداني الأوكراني كان من ضمن الذين أشار إليهم تقرير وزارة الخزانة الأمريكية الصادر في يناير/كانون الثاني من هذا العام، وشملته العقوبات الأمريكية جنبًا إلى جنب مع قائد الجيش السوداني.
وقال إن "عبدالله أحمد، السوداني الأوكراني، هو الوكيل الحصري لقيادات الجيش السوداني، ودرج على شراء السلاح للقوات المسلحة السودانية من أموال خاضعة للحظر أو العقوبات -مثلما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية- عبر شركة 'بورتكس تريد ليميتد'، ومقرها في هونغ كونغ؛ والتي تم إدراجها ضمن قائمة الشركات المحظورة بموجب العقوبات الأمريكية".
وأوضح المصدر الأمني أن الوكيل السوداني الأوكراني يمتاز بشبكة علاقات واسعة في سوق توريد السلاح، وهو الشخص الذي يعتمد عليه الجيش السوداني في إبرام كثير من صفقات توريد السلاح بطرق غير مشروعة.
وكانت تقارير صحفية قد أشارت إلى أن عبدالله أحمد، السوداني الأوكراني، يعتبر من الذين تربطهم علاقات مشبوهة مع تنظيم الإخوان في السودان، وأنه يقوم باستثمار الأموال التي تتبع لمنظومة الصناعات الدفاعية السودانية بعد أن حول كثيرًا من مواردها لصالح شركة "بورتكس ليميتد" التي يملكها عبد الله، إضافة إلى شركة "ماستر تكنولوجي" التي فُرضت عليها عقوبات هي الأخرى وتتبع للجيش السوداني، إلى جانب شركات صغيرة وحسابات مصرفية تتبع للشركتين المعاقبتين في يونيو/حزيران من العام الماضي.
صراع الأجنحة
ومن زوايا أخرى تتصل بمحاولة تمرير السلاح إلى الجيش السوداني، كشف الخبير ذاته عن أن هناك سيناريو ثالثًا يقف وراء حالة "الاندفاع" التي سلكها "سماسرة" الجيش السوداني لتمرير السلاح عبر الإمارات.
وقال إنه "منذ نشوب خلافات بين قيادة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قبل الحرب، وقع قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، أسيرًا في 'فخ' التجاذبات بين مؤسسة الجيش السوداني والعلاقة مع التنظيم الإخواني".
وأشار إلى أن البرهان كان موسومًا عند جماعة التنظيم بـ"صفة التردد" في اتخاذ قرارات حاسمة تصب في مصلحة التنظيم.
ولم يستبعد الخبير السوداني أن التنظيم الإخواني يمارس تهديدًا مباشرًا على البرهان بعزله من قيادة الجيش السوداني، أو بتصفيته، في حال استجابته للنداءات الإقليمية والدولية لإيقاف الحرب عبر عملية سياسية تفاوضية.
وأوضح أن مساعد قائد الجيش، الفريق ياسر العطا، ومن خلفه مدير جهاز الأمن السابق، صلاح قوش، وعدد من العناصر الأمنية والعسكرية، هم من يديرون عملية "إيقاع" البرهان في عداء مكشوف مع دولة الإمارات، خوفًا من أن تتحول الإمارات إلى داعم للبرهان في مقابل التحرر من أجندة التنظيم الإخواني - بحسب زعمهم.
وأكد أن البرهان تحاشى كثيرًا توجيه اتهامات مباشرة للإمارات، إلا أنه فشل في الوقت نفسه في لجم مساعده، ياسر العطا، من الجهر بالإساءة للإمارات، وتوزيع التهم جزافًا ضدها.
ومضى الخبير العسكري في تفسير محاولة تمرير السلاح، بأنها بمثابة تعبير مباشر لصراع الأجنحة داخل مؤسسة الجيش السوداني، بحيث يتم عزل قائد الجيش السوداني عن أي "رافعة" إقليمية تراهن على تحرير الجيش من قبضة التنظيم الإخواني، خصوصًا لو كانت هذه الرافعة الإقليمية دولة مثل الإمارات، ذات ثقل دبلوماسي كبير وتأثير فاعل في المحيط الدولي والإقليمي.