الإمارات تحبط تهريب أسلحة لجيش السودان.. رسائل حازمة من وطن السلام

دلالات عدة ورسائل مهمة حملها إحباط أجهزة الأمن الإماراتية محاولة تمرير أسلحة وعتاد عسكري إلى جيش السودان بطريقة غير مشروعة.
رسائل ودلالات تكشف في مجملها أن الأمن القومي للإمارات خط أحمر، وأن أي محاولة للإضرار بسمعة الدولة مصيرها الفشل، بفضل يقظة رجال الأمن في بلد الأمن والأمان.
أيضا تؤكد الإمارات من خلال إحباط تلك المحاولة دعمها المطلق للشعب السوداني وللحل السلمي للنزاع في السودان، ورفضها دعم أي طرف من الأطراف المتحاربة، بشكل يطيل أمد النزاع ويُفاقم معاناة الشعب، وهو ما يدحض ادعاءات الجيش السوداني بهذا الصدد.
كذلك يكشف الإعلان عن القضية بتفاصيلها وأسماء المتورطين فيها بغض النظر عن جنسياتهم أو مناصبهم والإعلان عن إحالة القضية للمحاكمة بعد استكمال التحقيقات، حرص الإمارات على الشفافية المطلقة وإظهار الحقائق كاملة أمام الرأي العام المحلي والدولي، لدحض أية محاولات مسبقة من المتورطين لإنكار تورطهم في تلك الجريمة.
تفاصيل القضية
وكشف النائب العام الإماراتي د. حمد سيف الشامسي، أن أجهزة الأمن في الإمارات تمكنت من إحباط محاولة تمرير كمية من العتاد العسكري إلى القوات المسلحة السودانية، بعد القبض على أعضاء خلية متورطة في عمليات الوساطة والسمسرة والاتجار غير المشروع في العتاد العسكري، دون الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة.
وبين أنه جرى ضبط المتهمين، أثناء معاينة كمية من الذخائر داخل طائرة خاصة، كانت تحمل نحو 5 ملايين قطعة ذخيرة عيار (62×54.7)، من نوع جيرانوف من العتاد العسكري، في أحد مطارات الدولة، بالإضافة إلى ضبط جزء من متحصلات الصفقة المالية بحوزة اثنين من المتهمين داخل غرفهم الخاصة بأحد الفنادق.
وأوضح النائب العام الإماراتي أن التحقيقات كشفت تورط أعضاء الخلية مع قيادات الجيش السوداني، إذ تضم المدير السابق لجهاز المخابرات السوداني صلاح قوش وضابطا سابقا بالجهاز، ومستشار وزير المالية السابق، وسياسيا مقربا إلى عبدالفتاح البرهان وياسر العطا، وعدداً من رجال الأعمال السودانيين.
وأشار إلى أنهم أتموا صفقة عتاد عسكري شملت أسلحة من نوع (كلاشنكوف)، وذخائر، ومدافع رشاشة، وقنابل، بقيمة تجاوزت ملايين الدولارات، تم تمريرها من الجيش السوداني إلى الشركة المستوردة داخل الدولة، باستخدام طريقة (الحوالة دار) من خلال شركة مملوكة لأحد أعضاء الخلية الهاربين، يعمل لصالح القوات المسلحة السودانية، بالتنسيق مع العقيد عثمان الزبير مسؤول العمليات المالية بالقوات المسلحة السودانية، بعد اصطناع عقود وفواتير تجارية مزورة تثبت -على خلاف الحقيقة - أن الأموال مقابل صفقة استيراد سكر.
وخلصت التحقيقات إلى أن تلك الصفقات تمت بناءً على طلب من لجنة التسليح بالقوات المسلحة السودانية برئاسة عبدالفتاح البرهان، ونائبه ياسر العطا وبعلمها وموافقتها، وبتكليف مباشر لأعضاء الخلية بالتوسط وإتمام الصفقات، بواسطة أحمد ربيع أحمد السيد، السياسي المقرب من القائد العام للجيش السوداني ونائبه ياسر العطا المسؤول عن إصدار الموافقات وشهادات المستخدم النهائي.
وأكدت التحقيقات ضلوع المتهم صلاح قوش، في إدارة عمليات الاتجار بالعتاد العسكري غير المشروع داخل الدولة، بالتعاون مع باقي أعضاء الخلية، حيث تحصلوا على 2.6 مليون دولار كفارق سعر (هامش ربح) عن القيمة الحقيقية للصفقتين، جرى اقتسامها بينهم وبين عدد من معاونيهم.
وتم ضبط حصة المتهم صلاح قوش، من هامش الربح مع المتهم خالد يوسف مختار يوسف، الضابط السابق بجهاز المخابرات السودانية ومدير مكتب صلاح قوش سابقًا.
كما أوضحت التحقيقات أن الشحنة التي تم ضبطها في العملية الأخيرة في أحد مطارات الدولة على متن طائرة خاصة كانت قادمة من دولة أجنبية هبطت للتزود بالوقود، وأعلنت رسمياً أنها تحمل شحنة أدوات طبية، قبل أن يتم ضبط العتاد العسكري تحت إشراف النيابة العامة، وبناءً على أذون قضائية صادرة من النائب العام بالضبط والتفتيش.
وتم ضبط صور العقود الخاصة بالصفقتين، ومستندات الشحن المزورة، والتسجيلات والمراسلات المتبادلة بين أعضاء الخلية.
وكشفت التحقيقات عن وجود عدد من الشركات المملوكة لرجل أعمال سوداني الأصل أوكراني الجنسية، من بينها شركة تعمل داخل الدولة، شاركت في توفير احتياجات الجيش السوداني من أسلحة وذخائر وقنابل وطائرات بدون طيار، بالتعاون مع أعضاء الخلية والمسؤول المالي بالقوات المسلحة السودانية، وهي مدرجة ضمن قوائم العقوبات الأمريكية.
وأكدت التحقيقات الجارية ارتباط مصالح المجموعة المتورطة وما يحققونه من أرباح مالية كبيرة باستمرار حالة الاقتتال الداخلي في السودان.
وأكد النائب العام أن هذه الواقعة تشكل إخلالًا جسيمًا بأمن الدولة، بجعل أراضيها مسرحاً لأنشطة اتجار غير مشروع في العتاد العسكري الموجّه إلى دولة تعاني من اقتتال داخلي، فضلًا عما تنطوي عليه من ارتكاب لجرائم جنائية معاقب عليها قانونًا.
واختتم النائب العام تصريحه بالإشارة إلى أن النيابة العامة تواصل استكمال إجراءات التحقيق مع المتهمين تمهيداً لإحالتهم إلى محاكمة عاجلة، وستعلن النتائج النهائية فور انتهاء التحقيقات.
تفاصيل كاملة عن القضية تحمل رسائل ودلالات هامة من أبرزها:
بلد الأمن والأمان
- ما تم الكشف عنه من تفاصيل القضية برغم النظر من صعوبتها وتعدد الجرائم فيها من تهريب وتزوير يبرز يقظة وكفاءة رجال الأمن في الإمارات، واهتمامهم على مدار الساعة بحفظ أمن الدولة، والبحث والتدقيق الدائمين والمستمرين على أية محاولات للمساس بأمنها، أو جعل أراضيها مسرحاً لأنشطة اتجار غير مشروع في العتاد العسكري الموجّه إلى دولة تشهد اقتتالا داخليا.
- أيضا يكشف نجاح أجهزة الأمن الإماراتية في إحباط محاولة تمرير أسلحة وعتاد عسكري إلى جيش السودان بطريقة غير مشروعة، واتخاذها إجراءات صارمة لمنع تهريب الأسلحة إلى مناطق النزاع، والتزامها بالقرارات الدولية في هذا الصدد.
- كذلك توجه الإمارات رسالة للعالم أجمع بأنها لن تسمح بتاتا باستخدام أراضيها كمعبر لشحنات أسلحة لأي دولة تعاني من اقتتال داخلي بشكل عام، ولأي طرف من أطراف النزاع في السودان بشكل خاص.
نجاحات أمنية تُوجت بتعزيز دولة الإمارات مكانتها كواحدة من أكثر الدول استقراراً وجاذبية للعيش والعمل بعدما احتلت المركز الثاني عالمياً في مؤشر الأمان العالمي وفقاً لتقرير موقع الإحصاءات العالمي "نومبيو" لعام 2025، ما يعكس جهود الدولة في تبنّي الخطط والاستراتيجيات والمبادرات الرائدة أمنيًا.
وسجلت الإمارات درجة أمان بلغت 84.5 من أصل 100 نقطة، ما يعكس جهودها المستمرة في تعزيز الأمن والاستقرار لمواطنيها والمقيمين على أراضيها، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة وترسيخ ريادتها العالمية.
وتفوقت الإمارات على العديد من الدول المتقدمة بفضل سياساتها الفعالة في تطبيق القانون واستخدام أحدث التقنيات في تعزيز الأمن، فضلاً عن الاستثمار في البنية التحتية الذكية التي تساهم في تحقيق بيئة آمنة للجميع.
شفافية وعدالة
- أيضا فإن إعلان النيابة العامة عن استكمال إجراءات التحقيق والإحالة إلى محاكمة عاجلة، يعكس التزام دولة الإمارات بالشفافية والعدالة، ويؤكد حرص دولة الإمارات على تطبيق القانون ومكافحة الجريمة المنظمة، ومحاسبة المتورطين في القضية.
دعم مطلق للشعب السوداني
أيضا تحمل تلك القضية العديد من الرسائل المهمة الأخرى من بينها:
- دولة الإمارات ليست معبراً للإجرام والمجرمين والمتاجرين بدماء شعوبهم ولن تكون منصة لتمرير أي أنشطة غير مشروعة.
- الإمارات تدعم بشكل مطلق الحل السلمي في السودان، ولن تدعم أي طرف من الأطراف المتحاربة، وترفض بشكل قاطع محاولة الإضرار بسمعة الدولة واستغلالها لتنفيذ جرائم تصب المزيد من الزيت على نار حرب مستعرة يدفع ثمنها أهل السودان الأبرياء.
- الكشف عن تورط شخصيات نافذة في المؤسسة العسكرية السودانية بهذه الجريمة، يسلّط الضوء على حجم التواطؤ والفساد، الذي يضرب تلك المؤسسة والعقلية التي تدير البلاد في المرحلة الراهنة وتأثرها بأسلوب جماعة الإخوان الإرهابية المتحالفة معها، وهو ما يستدعي من المجتمع الدولي توحيد جهوده لدعم عملية سياسية تقود إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلة تضمن السلام والاستقرار للشعب السوداني الشقيق.
- تؤكد الإمارات من خلال تلك العملية أنها ستبقى على أهبة الاستعداد للقيام بدورها -كما دأبت دائماً- كشريك يعمل من أجل السلام، وهذا الالتزام جزء من رؤية الإمارات الراسخة لتعزيز الازدهار والتنمية المستدامة في جميع أنحاء أفريقيا والعالم.
- الإمارات ماضية في دعم الشعب السوداني إنسانياً ودبلوماسياً كما هو عهدها على مدار أكثر من 5 عقود، إيماناً منها أن الشعب السوداني يستحق مستقبلاً يقوم على السلم والكرامة، ويستحق حكومة يقودها المدنيون تضع مصالحه وأولوياته في المقام الأول.