البعثة الأممية بالسودان.. طوق نجاة "الانتقال" في مهمة شاقة
بحجم آمال وتطلعات السودانيين المنعقدة على بعثة دعم الانتقال ببلادهم "يونيتامس"، تحيط التحديات والصعاب بهذه البعثة الأممية ومهمتها.
تعقيدات المشهد السوداني وارتباكه وتراجع الاقتصاد، تأتي في مقدمة هذه التحديات وفق مراقبين، فهي أحد أسباب حالة الإحباط عند المكونات المختلفة، خاصة قوى الثورة، والتي تعول الآن، على بعثة يونيتامس لتشكل طوق نجاة للفترة الانتقالية، وكضوء في آخر النفق يثير التفاؤل بعلاج الأزمات الماثلة.
ورغم عظمة التحديات، فإن خبراء تفاءلوا بقدوم البعثة الأممية، متوقعين أن تعيد التوازن بين شركاء المرحلة الانتقالية وتنهي التباينات بينهم، وهو ما يسهم في الاستقرار وصولا للتحول الديمقراطي المنشود.
ومع وصول رئيس بعثة "يونيتامس" الألماني، فولكر بيرتيس، برزت حالة من الارتباك في المشهد السياسي السوداني، تجلت في تباين ملحوظ حول التشكيل الوزاري المرتقب، والقرارات المصيرية والملف الخارجي للبلاد.
كما تزامن قدوم فولكر للخرطوم، مع تراجع غير مسبوق في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في السودان، لدرجة أثارت قلق المهتمين، على مستقبل الفترة الانتقالية.
وشدد السفير السابق بوزارة الخارجية السودانية، الطريفي أحمد كرمنو، على أن "تقييم الأمم المتحدة تجربة بعثة حفظ السلام بدارفور (يوناميد) والتي صاحبتها كثير من الإخفاقات، وذلك بغرض تفاديها في مهمة يونيتامس".
ويقول الطريفي لـ"العين الإخبارية" إنه يتوقع أن تسهم يونيتامس في استقطاب الدعم المالي الدولي للسودان لإنقاذ اقتصاده المتدهور، فالأمم المتحدة تدرك خطورة الوضع الحالي بالخرطوم والارتدادات العكسية التي قد تنجم عنه.
وأضاف أن "منظمة الأمم المتحدة أمام اختبار جديد في السودان، يستلزم على بعثتها مواجهة تحديات الوضع الاقتصادي السيء، وتناقضات الواقع السياسي والحرب بعدد من مناطق البلاد، وكل ذلك يجب تجاوزه والدفع بالخرطوم إيجابا نحو التحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة".
بدوره، يتفاءل المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم بنجاح كبير للبعثة الأممية في تحقيق الاستقرار المطلوب للفترة الانتقالية، حال تم توفير الدعم المالي الدولي اللازم لها.
وأشار عبدالعظيم خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن "الهدف الرئيسي ليونيتامس يتمثل في بناء السلام وتحقيق التنمية في مناطق النزاع لأن المجتمع الدولي يعتقد أن المدخل لحل القضية السودانية هو وقف الحرب".
وتابع: "ستواجه البعثة عقبة انتشار السلاح في كثير من المناطق السودانية، وعدم وجود تنمية في أماكن الصراع فتضطر للبدء من الصفر، فهذا أمر مكلف للغاية".
واعتبر أن "وصول البعثة الجديدة أثار قلق أنصار النظام المعزول، لأن طبيعة عملها تهدف إلى تحقيق الاستقرار وإنهاء الحرب في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهذه المسائل تتعارض مع مخططات فلول الإخوان الرامية لأن تظل الأوضاع ملتهبة".
وأبدى رئيس تجمع شباب السودان، أيوب محمد عباس، تفاؤله بنجاح بعثة يونيتامس، في مهمتها بالبلاد، مؤكدا أنها "وصلت في وقت بالغ الحساسية نظرا للتحديات الماثلة".
ويقول عباس خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" إن "البعثة ستحدث توازنا بين شركاء الفترة الانتقالية بمكونيها العسكري والمدني، وحركات الكفاح المسلح الموقعة على السلام، وهذا من شأنه إنهاء التباينات التي تحدث من وقت لآخر، مما ينعكس إيجابا على إكمال التحول الديمقراطي بالبلاد".
وشدد على أن "المأمول من يونيتامس التي حظيت بترحيب كبير، هو العمل على بناء السلام، وإعادة توطين النازحين واللاجئين، وتقديم الدعم السياسي الفني للحكومة الانتقالية في سن الدستور الدائم والتشريعات المتعلقة بالانتخابات وصولا لإجراء عملية نزيهة وشفافة تضمن الانتقال السلمي للسلطة".
وتختص هذه البعثة التي جرى اعتمادها بموجب القرار الأممي 2524، بمساعدة السودان في عملية التحول للحكم الديمقراطي وبناء السلام، بالاضافة إلى حشد الموارد الدولية لمساعدة البلاد على النمو اقتصاديا.
وجاءت بعثة يونيتامس بطلب من الحكومة السودانية تحت البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة عوضا عن قوات حفظ السلام في دارفور يوناميد والتي انتهت ولايتها في يوم 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي وبدأت في الانسحاب من البلاد، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص.
وحظى وصول رئيس يونيتامس فولكر بيرتيس إلى الخرطوم بترحيب من الحكومة السودانية، وسط تعهد بمساعدته لأداء المهام الموكلة إليه.