محللون سودانيون لـ"العين الإخبارية": خرق الهدنة الجديدة سيؤدي للتدخل الدولي
هدنة جديدة توصل إليها طرفا النزاع في السودان لمدة أسبوع اعتباراً من غد الإثنين.
هذه الهدنة هي الثانية من نوعها التي يقرها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع برعاية سعودية وأمريكية بعد الأولى التي كانت قبل نحو 10 أيام.
وتوصل الجانبان الليلة الماضية لاتفاق بشأن الهدنة فضلا عن استمرار تنفيذ التزامات إنسانية، بعد مباحثات مباشرة تستضيفها مدينة جدة السعودية ضمن محادثات مباشرة منذ 6 مايو/أيار الجاري بهدف وقف اشتباكات بينهما مستمرة منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي.
السؤال الذي يطرح نفسه، مع استمرار الاشتباكات وخرق الهدنة مرة بعد أخرى، هل تعود الأزمة لوضعها أمام طاولة مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار لتنفيذ البند السابع ونشر قوات سلام دولية في السودان؟
خطوة سريعة
وقال الكاتب والمحلل السياسي السوداني أمير بابكر إن "المجتمع الدولي والإقليمي ألقى بثقله في المبادرة الأمريكية السعودية، باعتبار أنها حظيت بالقبول من الطرفين المتحاربين، لكن زيادة الوضع الإنساني سوءا يوما بعد يوم، واستمرار الاشتباكات وخرق التعهدات بالممرات الآمنة للمدنيين يفتح الطريق أمام التدخل الدولي المباشر".
وأضاف بابكر لـ"العين الإخبارية" أنه "ربما تعود الأزمة لتوضع أمام طاولة مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار بشأن تطبيق البند السابع ونشر قوات سلام دولية".
وتابع قائلا إن "المجتمع الدولي مجتمعا في مجلس الأمن أو بعض التحالفات الدولية لن يتوانى في اتخاذ خطوات منفردة إذا تعذر الاتفاق التوصل لقرار بهذا الشأن، فالسودان يمثل بموقعه وموارده بعدا استراتيجيا مهما في المعادلة الدولية، وأي انفراط للأمن فيه والاقتتال طويل الأمد سيدخل المنطقة كلها في دوامة يصعب السيطرة عليها، وسيؤثر ذلك على السلم والأمن الدوليين مما سيجبر المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات أكثر سرعة وحزما".
وقال إن "الفرصة ما زالت أمام الطرفين في اتخاذ قرارات وتنازلات بشأن المفاوضات الجارية في جدة لتفادي هذه الخطوة وتجنيب البلاد هذا المنزلق."
مخرج من مأزق الاشتباكات
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، محمد المختار، إنه "تمثل المفاوضات الجارية مخرجا لطرفي الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع من مأزق الاشتباكات التي وصفها قائد الجيش بأنها عبثية، وقائد الدعم السريع بأن المنتصر فيها مهزوم".
وأضاف المختار في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن "المفاوضات الحالية في جدة هي استجابة للمبادرة الأمريكية السعودية، التي سبقها تلويح بالعصا الأمريكية بفرض عقوبات على أي طرف يعوق إنهاء الأزمة".
وتابع قائلا: "أعتقد أن أمريكا والسعودية لما لهما من تأثير دولي وإقليمي، لديهما القدرة إن لم نقل مساعدة طرفي الصراع على الوصول لاتفاق ينهي الأزمة ويعيد مسار العملية السياسية السلمية إلى مجراها، فلهما القدرة على الضغط على الطرفين لإنهاء الاشتباكات."
وحذر من أنه في حال فشل مساعي المبادرة السعودية الأمريكية فإن كافة الاحتمالات واردة، بما فيها طرح الملف في مجلس الأمن، خاصة وأن إطالة أمد الاشتباكات تهدد الأمن والسلم الدوليين، رغم العقبات التي قد تظهر في مجلس الأمن.
وقال إنه "بلا شك فإن فشل المساعي الجارية الآن في جدة سيفتح الباب واسعا لكل السيناريوهات".
مراقبة دولية
أما الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأسباط، فقال إنه "من المستبعد على المديين القصير والمتوسط، الحديث عن نشر قوات أممية في السودان لعدة أسباب أولها أن المبادرة السعودية الأمريكية تعتمد على أسلوب (خطوة- خطوة)".
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن المفاوضات بدأت بالخطوة الأولى المتمثلة في الإعلان الإنساني، ووفق ترتيباتهم ستكون هناك هدنة مراقبة دوليا يعقبها وقف دائم لإطلاق النار وتحديد مواقع ومسارات لتحرك القوات يعقبها حوار سياسي".
وأشار إلى أنه في حال فشل المسار السعودي الأمريكي، ستلجأ الأطراف إلى المسار الأفريقي وتفعيل مبادرة "إيغاد" التي يبدو واضحا أن الجيش السوداني يرفضها أو تفعيل مبادرة الاتحاد الأفريقي.
وقال إنه "حال فشل هذا المسار سيتم اللجوء إلى الأمم المتحدة، وحتى إذا تم اللجوء إلى الأمم المتحدة ستكون هناك مشكلة أيضا تتمثل في الفيتو الصيني وأي قرار أو مشروع قرار من الدول الغربية ستعترض عليه روسيا حتى لو كان لأسباب إنسانية معلومة لدى روسيا، وربما الصين تعترض أو تمتنع لأن الصين لديها مصالح استراتيجية في السودان."
وأضاف، "بناء على ذلك أرى أن نشر قوات دولية هي أمر بعيد المنال، وإذا نجحت مفاوضات جدة في المرحلة الثانية قد يعقبها وجود قوات عربية أفريقية للرقابة، ربما يتوسع دورها إلى مرحلة فصل القوات وتحديد مساراتها وإعلان وقف لإطلاق النار".
أبرز بنود الهدنة الجديدة
وسبق أن وقع طرفا النزاع في السودان، في 11 مايو/أيار الجاري أول اتفاق بينهما ضمن محادثات جدة، ويشمل 21 التزاما إغاثيا وإنسانيا، بجانب 3 شروط أبرزها "ألا يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي للموقعين عليه، ولا يترتب عليه الانخراط في أي عملية سياسية".
ووفق النص الكامل لاتفاقية الهدنة الجديدة، جاءت أبرز البنود كالتالي:
1- تحقيق وقف لإطلاق النار قصير الأمد وتسهيل الترتيبات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية بإقرار من ممثلي الجيش وقوات الدعم السريع موقعي الاتفاقية في مدينة جدة.
2- اعتماد "إعلان جدة" كمرجع، وإعادة تأكيد جميع الالتزامات الإنسانية الواردة فيه، لا سيما المرتبطة بالإجلاء.
3- تنفيذ الاتفاقية بعد 48 ساعة أي الإثنين (مساء) وتستمر لمدة 7 أيام قابلة لتجديد أو تحديث فتراتها، وتنتهي بعدم تجديدها.
4- تطبق وقف إطلاق النار قصير الأمد في جميع أنحاء السودان.
5- ضمان حرية حركة المدنيين في جميع أنحاء البلاد وعدم استهداف البنية التحتية المدنية أو المراكز السكانية، وعدم محاولة محاولات احتلال مواقع جديدة.
6- الالتزام بعدم نهب أو مصادرة الممتلكات أو الموارد أو الإمدادات الإنسانية أو إعاقة أي رصد أو تحقق لوقف إطلاق النار قصير الأمد.
7- استمرار تأمين وتوفير المرور الحر والوصول إلى الطرق دون عوائق وضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية بحرية وبصفة عاجلة ودون عوائق.
8- إنشاء لجنة لمراقبة وتنسيق وقف إطلاق النار قصير الأمد والمساعدات الإنسانية ، على أن تشكل من 6 أعضاء نصفهم من راعيي الاتفاقية السعودية والولايات المتحدة، والنصف الآخر من طرفي النزاع بالسودان.
9- يحق للجنة المراقبة والتنسيق حال وقوع خرق أو انتهاك لأحكام هذا الاتفاق، اتخذ إجراءات منها: تحديد الطرف الذي ارتكب المخالفة علناً، والمطالبة بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات، لا سيما في الجرائم والتجاوزات الجسيمة.
ومساء السبت، أعلنت السعودية والولايات المتحدة، في بيان مشترك، أن الهدنة "ستدخل حيز التنفيذ مساء يوم غد الإثنين مساءً بتوقيت الخرطوم"، فضلا عن استمرار محادثات طرفي النزاع بجدة، دون تحديد موعد بشأن انطلاقها.
وفي 6 مايو/ أيار الجاري، بدأت المحادثات المباشرة بين الطرفين، بجدة بهدف "الوصول إلى وقف فعال لإطلاق النار"، الذي يشهده السودان منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، بين الجيش وقوات "الدعم السريع" أسفرت عن سقوط مئات القتلى وآلاف المصابين، بالإضافة إلى أوضاع إنسانية صعبة.