زخم السلام واجتثاث الإرهاب يتوجان أسبوع السودان
مع زخم السلام الذي سيطر على المشهد حمل الأسبوع المنصرم استجابة كبيرة لتطلعات قوى الثورة السودانية.
كانت أنظار السودانيين تتجه صوب العاصمة جوبا طوال الأسبوع الماضي؛ حيث تجرى مفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة، بغرض وقف الحرب الدائرة في إقليم دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ سنوات.
ومع زخم السلام، الذي سيطر على المشهد، حمل الأسبوع المنصرم استجابة لتطلعات قوى الثورة السودانية، بعدما نفذ رئيس الوزراء عبدالله حمدوك حملة إقالات واسعة لعناصر تنظيم الإخوان من قيادة الخدمة المدنية في البلاد، الشيء الذي وجد ارتياحاً بالشارع المتعطش لاجتثاث هذه الجماعة الإرهابية.
وخلال الأسبوع المنقضي، أعفى حمدوك 5 وكلاء وزارات ينتمون إلى تنظيم الإخوان الإرهابي، شملت وزارات الثقافة والإعلام، والتنمية الاجتماعية، والري والموارد المائية، والصحة، والزراعة والغابات، وتعيين كفاءات وطنية مكانهم.
وشملت الإعفاء عناصر إخوانية من إدارة مراكز بحوث ودراسات استراتيجية وتدريب وأجهزة استثمارية واقتصادية من مناصبهم، وتعيين مناصرين للحراك الثوري بدلاً عنهم.
كما قرر وزير الري السوداني حل وحدة العلاقات البينية بوحدة تنفيذ السدود وتسريح موظفيها البالغ عددهم 31 شخصاً، وهي أضخم بؤرة إخوانية تسيطر عليها عناصر المخابرات الإخوانية.
واعتبر المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم القرارات التي اتخذها رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، أنها تؤكد جدية الحكومة الانتقالية في تصفية عناصر الحركة الإسلامية السياسية من أجهزة الدولة المختلفة تماشياً مع تطلعات قوى الحراك الثوري.
ورغم إشادته بهذه الخطوات، فإن شوقي يرى وجود بطء في الإجراءات الحكومية الخاصة باجتثاث الإخوان الذين كان ينبغي أن تتم إقالتهم بشكل أسرع مثلما فعلوا بخصومهم عندما استولوا على الحكم بانقلاب عسكري عام 1989م.
وقال عبدالعظيم الذي تحدث لـ"العين الإخبارية": "وجود الإخوان في مفاصل المؤسسات السودانية والتساهل في إقالتهم يشكل أكبر خطر على الفترة الانتقالية، مما يتطلب الإسراع في اجتثاثهم".
زخم السلام بجوبا
وسط آمال عريضة، بدأت يوم الإثنين الماضي في عاصمة جنوب السودان جوبا، مفاوضات مباشرة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، بهدف إنهاء الحرب في إقليم دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وحظيت انطلاقة المحادثات اهتماماً دولياً وإقليمياً واسعاً، حيث انعقدت الجلسة بحضور رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان ورئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، والأوغندي يوري موسفيني، والكيني أهيرو كنياتا، ورئيسي الوزراء المصري مصطفى مدبولي، والإثيوبي آبي أحمد، وممثلين دوليين وأفارقة.
وتشارك الحكومة بوفد رفيع من مجلس السيادة برئاسة الفريق أول محمد حمدان "حميدتي"، فيما ينخرط بالتفاوض تحالف الجبهة الثورية، الذي يضم نحو 7 فصائل مسلحة، بجانب الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، التي سيجري معها محادثات في مسار منفصل، لكونها أكبر حركة مسلحة تسيطر على مناطق واسعة بجنوب كردفان.
ويمثل الذين يشاركون في محادثات جوبا الحالية جميع الفصائل المسلحة في السودان، باستثناء حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، التي تخوض حرباً في إقليم دارفور، التي لم تحسم موقفها حتى الآن من العملية السلمية والانخراط في التفاوض من عدمه.
وتجرى المحادثات على مسارين؛ الأول مع تحالف الجبهة الثورية الذي يضم نحو 7 فصائل مسلحة، والثاني مع الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، وهي أكبر حركة تسيطر على مناطق واسعة من ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وبدأت، اليوم الجمعة، أول جلسة محادثات مباشرة بين الحكومة السودانية مع تحالف الجبهة الثورية، بهدف وضع أجندة التفاوض والجداول الزمنية لإنجاز المحادثات الرامية للسلام الشامل.
ومن المنتظر أن تبدأ المحادثات في مسارها الثاني مع حركة عبدالعزيز الحلو، بعد أن تعثرت منتصف الأسبوع الماضي، بسبب مناوشات عسكرية في جنوب كردفان، ولكن تصححت الأوضاع عقب إصدار رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان مرسوماً دستورياً بوقف شامل لإطلاق النار في أنحاء البلاد كافة، تشجيعاً للسلام.
المحادثات التي سادتها حالة تفاؤل واسعة، وتعهدات من الأطراف بشأن وقف الحرب، تأتي إنفاذاً لبنود الوثيقة الدستورية التي نصت على ضرورة تحقيق السلام خلال الستة أشهر الأولى من الفترة الانتقالية.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية عبداللطيف محمد سعيد أن الروح التي أظهرها أطراف التفاوض في العاصمة جوبا تعطي بشريات بأن السلام سيتحقق في السودان.
وقال سعيد خلال حديثه لـ"العين الإخبارية": "هناك رغبة أكيدة للحكومة والحركات المسلحة لتحقيق السلام في البلاد، الشيء الذي سيسهل من مهمة الوسيط الجنوب السوداني في تقريب وجهات نظر الأطراف".
وشدد على أن تخاطب المحادثات جذور المشكلة والأزمة بحيث تضع حلولاً للأسباب التي أدت لاندلاع الحرب في البلاد، وذلك لضمان الوصول إلى سلام مستدام.
إجهاض مخطط الإخوان
وفي خطوة اعتبرت أنها تجهض مخططات الإخوان، دعا تجمع المهنيين السودانيين إلى تسيير مواكب مليونية سلمية يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إحياءً لذكرى انتفاضة "أكتوبر" التي أطاحت بحكم الجنرال إبراهيم عبود عام 1964، للمطالبة باجتثاث الإخوان والفساد والإرهاب.
وأشاد نشطاء سودانيون في مواقع التواصل الاجتماعي بتبني تجمع المهنيين مواكب احتفالية بذكرى "أكتوبر" المجيدة، التي كان تنظيم الإخوان البائد يسعى إلى استغلالها لتنفيذ أجندة تخريبية، مشددين على أن هذه الخطوة ستجهض مخططات الحركة الإخوانية المعزولة.
ومنذ أيام تنشط قيادات إخوانية بارزة في إطلاق دعوات مسمومة للخروج في مواكب مليونية في ذكرى أكتوبر نحو القيادة العامة للجيش بالخرطوم، تحت مسمى "تصحيح مسار الثورة".
وقال تجمع المهنيين السودانيين، منتصف الأسبوع الماضي: "مع تعيين رئيس للقضاء والنيابة العامة والخطوات الحثيثة لتثبيت أقدام الدولة المدنية وتحقيق العدل والسير في طريق أهداف الثورة وإزالة مظاهر التمكين، تطل علينا ذكرى ٢١ أكتوبر عزيزة وغالية في تاريخنا الوطني، ونحن نتذكر فيها أولى الثورات السودانية الحديثة ضد الشموليات والديكتاتورية".
وأضاف: "تتزامن الذكرى هذا العام مع المخاض الثوري المستمر الذي تمر به بلادنا في عقابيل ثورة ديسمبر المجيدة، وهي ترفع شعارها العظيم (حرية، سلام وعدالة) وتتوق لتحقيقه".
ودعا التجمع إلى استلهام ذكرى أكتوبر بمواكب سلمية وفعاليات في الأقاليم ومدن العاصمة الثلاث "الخرطوم، وبحري، وأم درمان"، حيث سيتم الإعلان عن مساراتها ونقاط التقائها لاحقاً، بعد التشاور مع لجان المقاومة والقطاعات الشعبية المختلفة.
وشدد على أن ترفع المواكب السلمية شعارات بحل حزب الرئيس المخلوع عمر البشير "المؤتمر الوطني" وإقالة رموز النظام البائد والوقوف في جبهة موحدة من أجل تصفية الفساد والإرهاب.
aXA6IDE4LjIyNS45NS4yMjkg جزيرة ام اند امز