السودان بأسبوع.. مؤامرات قطرية تركية ومشاورات ترجئ الحكومة

مؤامرات قطر وتركيا المستمرة وإرجاء إعلان الحكومة بغرض التشاور إضافة إلى الاشتباكات القبلية وكارثة السيول تسيطر على المشهد في السودان

أحداث متفرقة فرضت نفسها بقوة على المشهد السياسي في السودان خلال الأسبوع الماضي، من أبرزها استمرار المؤامرات القطرية التركية على البلاد، وإرجاء إعلان الحكومة الانتقالية بغرض التشاور. 

• 62 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار والسيول في السودان
• مصادر سودانية: "قوى التغيير" لم تسلم حمدوك مرشحيها للحكومة

ورغم سيطرة الأحداث السياسية على المشهد السوداني، نالت كارثة السيول والأمطار والاشتباكات القبلية الدامية بشرق السودان اهتماما مماثلا لفظاعتها وعدد ضحاياها.

كما أثار دخول نساء السودان بقوة إلى عالم كرة القدم لعبا وتحكيما اهتمام الرأي العام المحلي والإقليمي خلال الأسبوع الماضي، لكونه بادرة نادرة من نوعها في تاريخ البلاد الحديث.

المؤامرات القطرية التركية

واستمرارا للمؤامرات القطرية التركية؛ بدأ تنظيم الإخوان الإرهابي المهزوم دبلوماسيا والمكروه شعبيا في السودان، الأسبوع الماضي، في حياكة مؤامرة جديدة يسعى من خلالها لإحياء نظام الحركة الإسلامية السياسية، بغرض وأد مكتسبات الثورة السودانية، وفق مراقبين.

وأعلن حزب المؤتمر الوطني المعزول اختيار وزير الخارجية الأسبق إبراهيم غندور رئيسا له، خلفا للرئيس المعزول عمر البشير، وذلك بعد سلسلة اجتماعات سرية رعتها قطر وتركيا.

وتستمر المخططات التركية القطرية الخبيثة بالتزامن مع استشراف السودان مرحلة جديدة من تاريخه واستعداده لطي صفحة تنظيم الإخوان الإرهابي عقب استكمال تشكيل هياكل السلطة الانتقالية.

وعلمت "العين الإخبارية" من مصادر مطلعة أن المؤتمر الوطني التابع للإخوان عقد، خلال الأيام الماضية، سلسلة اجتماعات بعدد من الولايات مع أعضائه للاستعداد للمرحلة المقبلة بتنسيق قطري تركي.

وأكدت المصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عن أسمائها، أن وفدا بقيادة الإخواني جعفر عبدالحكم سافر من الخرطوم إلى ولايات "شمال وجنوب وغرب" كردفان وعقد لقاءات مع أعضاء التنظيم الإرهابي في أماكن مختلفة بعضها بعيد عن المدينة.

وأضافت أن "الوفد المركزي أبلغ أعضائه بالولايات أن الترتيبات تجري حاليا لتسجيل حزب سياسي جديد باسم (حركة الإصلاح للتنمية والعدالة) يكون قوامه قيادات الصفين الثاني والثالث من المؤتمر الوطني".

ويرى مراقبون للمشهد السوداني أن "قطر وتركيا فقدتا البوصلة السياسية فيما يلي التعاطي مع حالة السودان، ما دفعهما لتنويع المخططات، لكنهما ستواجهان فشلا ذريعا في نهاية المطاف".

إرجاء إعلان الحكومة

في الوقت الذي كان يترقب فيه الشارع السوداني تشكيل الحكومية الانتقالية منتصف الأسبوع المنصرم، أعلن مكتب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك تأجيل الأمر لمزيد من التشاور.

وطبقا لمصادر مطلعة تحدثت لـ"العين الإخبارية"، فإن حمدوك تحفظ على عدد من الأسماء المرشحة لتولي حقائب وزارية خاصة وزارة الطاقة والتعدين التي نظم العاملون بها وقفة احتجاجية رافضة لترشيحات قوى الحرية والتغيير لوزارتهم.

ورشحت قوى الحرية والتغيير لوزارة الطاقة والتعدين عمر محمد صالح بادي، وعادل علي إبراهيم، وصالح ميرغني، وعوض باب الخير إبراهيم، في حين يتهم الموظفون بالوزارة بعضهم بالانتماء للنظام السابق.

كما جرى التحفظ، وفق المصادر، على ترشيحات وزارة مجلس الوزراء التي من بينها القيادي بقوى الحرية والتغيير مدني عباس مدني وآخرين، حيث يعترض البعض على ترشيح مدني وهو كان من ضمن وفود التفاوض.

وشملت تحفظات رئيس الوزراء على الأسماء المرشحة للمجلس الأعلى للإعلام والتي ضمت الخبير الإعلامي فيصل محمد صالح، إلى جانب الوليد أحمد علي وزينب عبدالرحمن.

وبناء على هذه المعطيات، أعاد حمدوك، الأربعاء الماضي، قائمة الترشيحات إلى تحالف قوى الحرية والتغيير، طالبا إعادة النظر في بعض الأسماء المقدمة لتولي حقائب وزارية بالفترة الانتقالية.

وأفاد مكتب رئيس الوزراء، في تصريح مقتضب مساء الخميس، بأنه تم "الاتفاق مع قوى إعلان الحرية والتغيير على مراجعة قوائم المرشحين للمناصب الوزارية والمجالس المتخصصة وفق جدول زمني محدد".

وطبقا للجدول الزمني المتفق عليه بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، كان من المقرر إعلان الحكومة الجديدة، الأربعاء 28 أغسطس/آب، على أن ينعقد أول اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء مطلع سبتمبر/أيلول المقبل.

ولا تبدو عملية تأخير إعلان الحكومة الانتقالية أمرا مقلقا بالنسبة لكثير من المراقبين وتحالف قوى الحرية والتغيير، بقدر ما يصب إيجابا في صالح اختيار الكفاءات الحقيقية للوزارات.

وأكد القيادي بتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير نور الدين صلاح الدين أن "التأخير تم بطلب من رئيس الوزراء الذي قال إنه بحاجة لمزيد من الوقت لدراسة قوائم الترشيحات".

وأوضح في تصريح صحفي أن "قوى الحرية والتغيير دفعت بقائمة كبيرة من الكفاءات لشغل المناصب الوزارية خلال المرحلة الانتقالية ومن المهم أن يعكف رئيس الوزراء على دراستها والمفاضلة بينها".

وأضاف: "أعتقد أن رئيس الوزراء أبدى تحفظات على قوائم تتعلق بوزارتين على الأقل، بالإضافة إلى أحد المجالس، وهذا يعني أن تعكف قوى الحرية والتغيير على تقديم مرشحين آخرين أو الاستماع إلى مرشحين من رئيس الوزراء إن كانت له ثمة ترشيحات في هذه المناصب".

ولفت صلاح الدين إلى أن "رئيس الوزراء يريد فريق عمل متجانسا وعلى قدر عالٍ من الكفاءة والقدرة على إدارة الملفات الشاقة التي ستواجه حكومته خلال الفترة المقبلة".

وأشار إلى أن "التأخير في إعلان التشكيل استنادا إلى تلك المعطيات لا يبعث على القلق".

وتابع: "لا أعتقد أن التأخير سيستمر طويلا لأنه لا توجد خلافات بين قوى التغيير ورئيس الوزراء، بل هي فقط عملية بحث عن أفضل ما يمكن تقديمه كحكومة إلى الشعب السوداني".

وتوقعت مصادر مطلعة أن يتم إعلان الحكومة الانتقالية خلال يومي السبت أو الأحد، بعد تنقيح قوائم المرشحين من جانب قوى الحرية والتغيير.

اشتباكات بورتسودان الدامية

وعلى مدى الأسبوع الماضي، عاشت مدينة بورتسودان، شرقي السودان، حالة من الرعب والتدهور الأمني، نتيجة اشتباكات دامية بين قبيلتي بني عامر والنوبة بسبب صراع بين القبيلتين تفجر في مدينة القضارف مايو/أيار الماضي.

وبعد شلالات من الدماء، حيث سقط 37 قتيلا في الأحداث، تمكنت قوات الدعم السريع، الخميس، من احتواء الاشتباكات بين القبيلتين.

ويرى البعض أن التعامل الحاسم لقوات الدعم السريع مع القبيلتين عجّل بحسم الاشتباكات، بخلاف الأجهزة الأمنية التي تساهلت في الأمر نتيجة تعاطف منسوبيهم مع قبائلهم.

السيول تزيد معاناة السودانيين

وزادت السيول والأمطار الغزيرة التي ضربت السودان من معاناة شعبه، حيث أسفرت عن مصرع نحو 62 شخصاً، حسب حصيلة أعلنتها وكالة السودان للأنباء التي أفادت بإصابة 98 آخرين.

ويشهد السودان منذ مطلع يوليو/تموز الماضي تساقط أمطار غزيرة أثّرت على نحو 200 ألف شخص، في 15 ولاية على الأقل، بما فيها العاصمة الخرطوم.

وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الحاجة إلى 150 مليون دولار إضافية من المانحين لمواجهة الفيضانات، إلى جانب 1.1 مليار دولار لتحسين الأوضاع الإنسانية في السودان.

"الكنداكات" يحصدن ثمار التغيير

وبدأت نساء السودان المعروفات بـ"الكنداكات"، الأسبوع الماضي، جني ثمار التغيير السياسي بالبلاد، حيث اقتحمن عالم كرة القدم بقوة لعبا وتحكيما، بعدما كن يعانين من تضييق مفرط من قبل حكومة الإخوان الإرهابية.

وكان لافتا إدارة طاقم تحكيم نسائي سوداني مباراة لكرة القدم الرجالية بمنافسة الدوري المحلي، وسط احتفاء واسع من قبل نشطاء الإنترنت في البلاد.

التطور اللافت في اقتحام نساء السودان لعالم الساحرة المستديرة ربطه البعض بالتغيير السياسي الذي شهدته البلاد وسقوط النظام الإخواني بقيادة عمر البشير الذي كان يمارس تضييقا مفرطا على المرأة وتحركاتها، وفق منظمات معنية.

لكن حكم الوسط في المباراة بين فريقي الزومة والأمير في منافسة "كأس السودان" آلاء عبدالصمد أكدت، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "مسألة إدارة النساء لمباريات كرة قدم رجالية ليست جديدة، حيث يحدث ذلك منذ عشرات السنين، لكنه لم يحظَ بالاهتمام والترويج الإعلامي اللازم".

وأعطت لجنة التحكيم المركزية في السودان الرباعي النسائي آلاء عبدالصمد حكم وسط وماجدة محمد مساعد أول وبتول محجوب حكم ثانٍ، وآية طه حكم رابع، الثقة لإدارة مباراة الأمير والزومة التي جرت فعالياتها في استاد الخرطوم الدولي وسط تفاعل جماهيري لافت، وتغلب فيها الأمير بثلاثة أهداف مقابل هدفين للزومة.

وكنداكات السودان على موعد مع أول بطولة محلية لكرة القدم النسائية والتي ستنطلق خلال شهر سبتمبر/أيلول المقبل، بمشاركة أكثر من 18 فريقا نسائيا.

واحتفت مدافعات عن حقوق المرأة في السودان بوجود آلاء عبدالصمد ورفيقاتها في ملاعب كرة القدم وسط الرجال، واعتبرن ذلك بمثابة ثمرة أولى للتغيير الذي حدث وينبغي أن يستمر.

وتقول رئيسة مركز سيما المعني بالدفاع عن حقوق المرأة والطفل ناهد جبر الله لـ"العين الإخبارية": "نحتفى بأمر عادي، وما حدث ليس منّة بل هو حق تستحقه المرأة السودانية".

وأضافت: "النساء السودانيات الأكثر تأثراً بالتمييز السلبي خلال العقود الثلاثة الماضية، لذلك شاركن بفاعلية في الثورة الساعية لإحداث تغيير سياسي ومفاهيم المجتمع".

وتابعت: "إدارة نساء لمباراة كرة قدم رجالية إنجاز ومكسب يجب أن يتبع بمزيد من التقدم لتمارس المرأة شتى ضروب الرياضة من سباحة ولعب كرة قدم وسلة وغيرها".

وترى ناهد جبر الله أن "انتقاد البعض لوجود النساء في ملاعب كرة القدم يعد ردة عن التقاليد السودانية الحقيقية، حيث شهدت حقبة ستينيات القرن الماضي نشاطا كرويا للمرأة لعبا وتحكيما وتدريبا، وينبغي قيادة معركة للعودة إلى ذلك الزمن الجميل والتقاليد الأصيلة لمجتمع بلدنا".