سلطة بورتسودان تستعين بمرتزقة أجانب.. حادثة غرب كردفان تكشف الحقيقة
اتهامات متكررة طالت الجيش السوداني بالاستعانة بـ«مرتزقة أجانب» في الحرب الدائرة في البلد الأفريقي، فضحتها وثائق رسمية صادرة عن سلطات بورتسودان.
برقية عزاء صادرة عن سفارة السودان في روسيا، حصلت «العين الإخبارية» على نسخة منها، فضحت الأمر بوضوح، مؤكدة مقتل أربعة مرتزقة بينهم ثلاثة روس وآخر من بيلاروسيا في حادث غرب كرفان، وعبّرت عن تعاطفها مع أسرهم، ما يفتح الباب أمام تساؤلات جدية حول حجم الاعتماد على أجنبيين في النزاع المحلي.
الحادث لم يكن مجرد مأساة فردية، بل كشف عن تكلفة مالية باهظة على الدولة، أُهملت على حساب الشعب السوداني الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
البرقية أشارت إلى استعداد سلطات بورتسودان لصرف التعويضات للضحايا، مع حجب تفاصيل الحادث، في حين بقيت حاجة المواطن السوداني العاجلة للدعم خارج الأولويات، ما يبرز الصدام بين الحسابات السياسية والإنسانية في إدارة الأزمة الراهنة.
فماذا تضمنت البرقية؟
فبحسب البرقية التي اطلعت «العين الإخبارية» على نسخة منه، فإن سفارة جمهورية السودان أعربت عن أسفها لأسر مرتزقة روس عن مقتل ذويهم، في حادث وصفته بـ«المأساوي» غرب كرفان.
وكشفت البرقية عن 4 أسماء، ثلاثة منهم من المرتزقة الروس وهم: كوتياروف دميتري ودونسكخ دميتري، وييغور دميتري، فيما الرابع من بيلاروسيا ويدعى: غريازنوف ألكسندر.
وفيما أحجمت البرقية عن ذكر تفاصيل ظروف الحادث، قالت سفارة سلطات بورتسودان، إنه تجرى في الوقت الحالي، الإجراءات اللازمة لتقديم الدعم للضحايا ولأسرهم.

حادث كلف خزائن البلد الأفريقي كثيرًا من الأموال التي بدلا من أن يتم ضخها للشعب السوداني الذي يعاني إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
فبحسب البرقية، فإن سفارة سلطات بورتسودان، ستصرف المدفوعات المالية حسب الإجراءات المعتمدة، وسيتم الإعلان عنها لاحقاً بعد اعتماد الآليات الخاصة بذلك.
وبدلا من تقديم الدعم للسودانيين، تحدثت البرقية عن مدى الحزن الذي تعيشه سلطات بورتسودان جراء الحادث وكيف أنها تشاطر أسر المرتزقة الأحزان، وأنها ستتخذ جميع التدابير الممكنة لتقديم المساعدة والدعم.
اتهامات لبورتسودان
وكانت قوات الدعم السريع اتهمت الجيش السوداني بالاستعانة بمرتزقة أجانب، للقتال إلى جانبه في الحرب الدائرة بالبلاد، بحسب بيان صادر عن الدعم السريع في مايو/أيار من العام الماضي.
البيان أكد -آنذاك- أن قوات الدعم السريع توفرت لديها "معلومات موثقة" عن وجود قوات من جبهة تحرير تيغراي تقاتل إلى جانب قوات الجيش السوداني، وهم من العناصر غير الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة الإثيوبية، ومتهمة «بارتكاب فظائع وأعمال إجرامية في إثيوبيا».
كما اتهمت الدعم السريع الجيش بالاستعانة «بمليشيات النظام البائد، وكتائبه الجهادية ذات الارتباط المعلوم بمجموعات إرهابية معروفة، فضلا عن استعانته بمرتزقة الحركات المسلحة»، حسب ما جاء في بيانها.
تأتي الاتهامات السابقة اتساقا مع حديث تقارير إعلامية على مدار الفترة الماضية عن مشاركة ما تسمى «كتائب الظل» التابعة لتنظيم الإخوان الدولي في الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى تعقيد الأزمة، ومقتل الآلاف ونزوح الملايين.
و«كتائب الظل»، كما يتعارف عليه بين السودانيين، تطلق على مليشيات إخوانية كانت تقاتل إلى جانب الجيش السوداني في حروبه بجنوب السودان والنيل الأزرق وجنوب كردفان، كما طالتها اتهامات بالمشاركة في "تصفية متظاهرين سلميين" إبان ثورة ديسمبر/كانون الأول 2019.
مرتزقة أفارقة
الأمر نفسه، أكدته الحكومة الإثيوبية قائلة في بيان -آنذاك- إنه قد وصلها عدة معلومات تفيد بوجود قوات من جبهة تحرير تيغراي المتمردة سابقا تقاتل إلى جانب قوات الجيش السوداني.
وأوضحت أن العناصر المقصودة في اتهامات الدعم السريع مجموعة تدعى قوات سامري، متهمة بارتكاب مذبحة في بلدة ماي كادرا قرب الحدود السودانية، وتعتبر أكبر مذبحة وتطهير عرقي للمدنيين الأبرياء نُفذت خلال الحرب الإثيوبية في 9- 10 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء، وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعا.
ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 14 ألف قتيل وملايين النازحين واللاجئين، وفقا للأمم المتحدة.
ولم تفلح وساطات قادها الاتحاد الأفريقي تارة، وكل من السعودية والولايات المتحدة تارة أخرى في إنهاء تلك الحرب، التي دخلت عامها الثاني، لتتواصل مأساة السودانيين.