الجيش السوداني يصدم القوى المدنية بـ«عربة السلطة»
فجرت تصريحات لأحد قادة الجيش السوداني حول تسليم السلطة موجة غضب واسعة وعلامات استفهام عدة بشأن مستقبل البلاد السياسي.
التصريحات التي أثارت هذه الضجة أتت على لسان مساعد القائد العام للجيش السوداني الجنرال ياسر العطا حين قال، خلال خطاب تلفزيوني بقاعدة عسكرية في مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، إن الجيش لن يسلم السلطة إلى قوى سياسية مدنية دون انتخابات.
في المقابل، اعتبر مراقبون وبعض القوى السياسية أن تصريحات ياسر العطا تثير التكهنات بشأن نوايا الجيش لاحتكار السلطة، لا سيما تشديده على أن رأس الدولة خلال فترة الانتقال سيكون قائد القوات المسلحة.
- أزمة السودان.. جبهات قتالية ملتهبة لم تراع «رمضان»
- الحرب تقترب من عتبة العام الثاني.. السودان إلى أين؟
احتكار للسلطة؟
من جانبه، قال رئيس القطاع الإعلامي في حزب التجمع الاتحادي السوداني محمد عبدالحكم، لـ"العين الإخبارية"، إن طريق التحول الديمقراطي هو الذي يضمن "إبعاد العسكر عن السياسة واحتكار السلطة"، ويؤسس لجيش مهني قومي موحد بعقيدة وطنية تلتزم بمهامها الدستورية وتنأى عن الحكم وتنهي حالة تعدد الجيوش وانتشار السلاح التي أورثت البلاد وضعا كارثيا، حسب تعبيره.
وأكد أن محاولات العسكر الاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها لم تنقطع، رغم الحيل والأساليب والمُخططات، وقال إن "هذا الأمر يحتم وحدة قوى الثورة الحريصة على مقاومة أي نظام شمولي ديكتاتوري عسكري".
هيكلة المؤسسة العسكرية
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي الهضيبي ياسين إن حديث ياسر العطا ينطلق من عدة عوامل أساسية، أبرزها أن الحرب التي اندلعت في 15 أبريل/نيسان 2023، وكان سببها الخلاف حول السلطة".
واعتبر ياسين أن هذا الخلاف دفع قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان إلى الانقلاب على شريكه المدني في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، مع اقتراب أجل انتقال السلطة إلى الطرف المدني وقتها وفقا للوثيقة الدستورية.
ورأى ياسين أن الجيش السوداني لن يعود إلى ما قبل 15 أبريل/نيسان الماضي، تاريخ اندلاع الحرب الحالية، وقال إن الجيش "لن يسلم السلطة إلى المدنيين على طبق من ذهب".
وأوضح المحلل السياسي السوداني أن وجود الطرف المدني يعني التأسيس لمشروع سياسي جديد، يضمن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، ما قد يدفع لمزيد من الفوضى بظهور تيار من داخل الجيش نفسه، قد ينقلب على قيادته حال توافقوا مع المدنيين.
ليست مفاجأة
من جهته، أعرب المتحدث الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير جعفر حسن عن عدم تفاجئه بتصريحات الجنرال ياسر العطا، معتبرا أنه قال "الحقيقة المجردة، وقال ما خبأه الآخرون من الأسباب الرئيسية التي من أجلها أضرموا النيران في كل الأرجاء"، حسب تعبيره.
وأضاف حسن لـ"العين الإخبارية" إننا كنا نعلم منذ اللحظة الأولى أن من أهداف هذه الحرب الاستمرار في مقاليد السلطة ولو بأي ثمن".
لا تسليم للسلطة؟
وعلى صعيد متصل، قال الكاتب والمحلل السياسي الطاهر أبوبكر إن قيادة الجيش لن تسلم السلطة للمدنيين خلال الفترة الحالية، حتى استقرار الأوضاع الأمنية، وعودة الهدوء إلى أرجاء البلاد كافة.
وأضاف أبوبكر، لـ"العين الإخبارية"، أن "مطالب القوى المدنية تتمثل في بناء جيش قومي مهني موحد، وتحول مدني ديمقراطي، وهذا ما لن تقبل به قيادة الجيش في الوقت الراهن".
واعتبر المحلل السياسي السوداني أن الجيش يسعى حاليا لإنهاء الحرب عسكريا دون الخوض في تفاصيل العملية السياسية.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي يخوض الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، حربا شارفت على دخول عامها الثاني وتسبب في مقتل قرابة 14 ألف شخص، فضلا عن نحو 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
aXA6IDE4LjIxOS4xNzYuMjE1IA== جزيرة ام اند امز