السودان وإسرائيل.. خطوات هادئة نحو السلام
خطوات هادئة يقطعها السودان وإسرائيل في تحركات ترنو لإنهاء القطيعة ومد جسور السلام.
وللمرة الثانية في غضون شهرين، حط وفد إسرائيلي رفيع المستوى رحاله في العاصمة السودانية الخرطوم، وأجرى مباحثات أحيطت مخرجاتها بسياج عالٍ من السرية.
وعزا مراقبون سرية المباحثات إلى الطبيعة الأمنية للزيارة ومناقشتها لملفات حساسة لا ينبغي إطلاع وسائل الإعلام عليها.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ"العين الإخبارية"، فإن الوفد الإسرائيلي الذي زار الخرطوم أمس الإثنين، كان عسكرياً بامتياز بقيادة رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شابات، وانحصرت مباحثاته مع قيادات رفيعة في الجيش والمخابرات السودانية.
ووفق ذات المصادر، فإن المباحثات جرت في إحدى المقرات العسكرية بالخرطوم واستمرت لحوالي خمس ساعات، وناقشت ملفات أمنية عالقة وكيفية التعاون في هذا الجانب، في إطار التأسيس لاتفاقية السلام في محورها الأمني.
وفي تصريحات إعلامية، قال وزير الإعلام السوداني، فيصل محمد صالح، إن "مجلس الوزراء ليس له علم بزيارة الوفد الإسرائيلي ولم يتم إخطاره أو التنسيق معه في هذه الخطوة".
الموقف نفسه أبدته وزارة الخارجية السودانية، وهو ما يدعم حديث المصادر بشأن الطابع الأمني للجولة.
زيارة مهمة
رئيس المبادرة السودانية الشعبية للسلام مع إسرائيل، أبوالقاسم محمد "برطم"، وصف زيارة وفد تل أبيب بـ"المهمة".
وأعرب عن اعتقاده بأن الزيارة حققت اختراقات كبيرة في مسار مساعي الطرفين لإنهاء حالة العداء التاريخي بينهما.
وقال برطم في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن الزيارة "أمنية وليس بغريب أن تأخذ طابع السرية نظراً لحساسية الملفات التي ستناقشها".
ولفت إلى وجود قطيعة ممتدة لمدة 6 عقود، كما أن الكثير من القضايا الأمنية والعسكرية العالقة بحاجة لهذا النوع من التحركات.
واستغرب برطم من تصريحات وزير الإعلام وموقف وزارة الخارجية في السودان بشأن عدم علمهم بزيارة الوفد الإسرائيلي رغم درايتهم بطبيعة وحساسية الملفات الأمنية والعسكرية.
وقال: "هذا أمر غير حميد لأنه يعطي انطباعا سلبيا عن بلادنا في الخارج بأن هناك تباينات داخل السلطة السودانية، فهذا عيب كبير، ويجب أن ينظر مسؤولونا إلى مصلحة السودان في القضايا الكلية، والابتعاد عن المواقف الحزبية الضيقة".
وأعلن برطم، وهو أحد أبرز السياسيين السودانيين الداعمين للسلام مع إسرائيل، أن الوفد الشعبي بقيادته سيزور تل أبيب في ديسمبر/ كانون أول المقبل، دعما لإقامة علاقات وكسر الحاجز النفسي.
تفاؤل
برطم شدد أيضا على أن الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الرسميين والوفود الشعبية ستكلل في نهاية المطاف بتوقيع اتفاق سلام تاريخي بين السودان وإسرائيل، وطي صفحة العداء إلى الأبد تحقيقاً لمصلحة شعبي البلدين.
بدوره، أبدى القيادي في حزب الأمة السوداني، محمد عادل، ذات التفاؤل باكتمال الحوار السوداني الإسرائيلي قريباً، وتتويجه باتفاق سلام يقود إلى مستقبل مشرق في علاقات البلدين واستقرار في المنطقة ومنافع كثيرة متبادلة.
واعتبر عادل، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن زيارة الوفد الإسرائيلي للخرطوم مهمة في مسار حسم الملفات الأمنية بين البلدين.
وأشار إلى أهمية السودان الإستراتيجية، باعتباره بوابة أفريقيا ومنفذها.
وتوقع أن تكون زيارة الوفد الإسرائيلي بحثت أمن البحر الأحمر بشكل عام، وسبل التعاون المستقبلي على أنشطة القرصنة والإرهاب الذي تمارسه إيران والجماعات الإرهابية في المنطقة.
وتوصل السودان وإسرائيل لاتفاق سلام بجهود أمريكية خليجية، وتأتي هذه التحركات في سياق وضع اللمسات الأخيرة للتوقيع.
ويحظى السلام مع إسرائيل بتأييد واسع من مختلف المكونات السودانية التي ترى عدم جدوى المقاطعة وضرورة أن تودع البلاد عزلتها، بينما تناهضه مجموعات قليلة انطلاقاً من مواقف أيديولوجية.