قبل «الكارثة».. قيادي سوداني يرسم لـ«العين الإخبارية» خارطة إنقاذ للبلاد
مع دخول الحرب السودانية عامها الثاني، وغرق البلاد في أتون دمار وعنف وفوضى، باتت المخاوف من تمزيق البلد وتفتيته أقرب من أي وقت مضى.
هذا ما أكده بكري الجاك، المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، في مقابلة مع «العين الإخبارية»، دق خلالها جرس الإنذار من «كارثة تقسيم السودان لكانتونات يديرها لوردات حرب» حال استمرار الحرب، وقدم خريطة طريق لحل النزاع سلميا.
- «مبادرة سلام» وحزمة دعم.. «مؤتمر باريس» يشد عضد السودان
- عام على الحرب.. حمدوك: السودان يواجه خطر الانقسام والانهيار الكامل
و"الكانتون" هو عبارة عن تقسيم إداري، صغير نسبيا من حيث المساحة والسكان، مقارنة بالتقسيمات الأخرى مثل المحافظات أو الإدارات أو الأقاليم.
وقال الجاك، لـ«العين الإخبارية»: «إن الحرب إذا استمرت فإنه من المؤكد أن السودان إذا لم يتم تقسيمه بشكل رسمي، فإن محاولة جهات محددة احتكار مناطق بادعاء أنها تشكل دولة، ستؤدي إلى انقسام البلد إلى مجموعة كانتونات وإدارات يديرها لوردات الحرب».
وأضاف أنه: "المؤكد لن تكون هناك دولة وليس هناك شيء اسمه السودان غير أنها مجرد مساحة موجودة في الخريطة، ومن الصعب الحديث عن دولة وهي ليس لديها سيادة على أراضيها أو قدرة على اتخاذ القرارات".
خارطة الحل
وأوضح الجاك قائلا: "رؤيتنا للحل ببساطة، أن الحرب ليس فيها من يستطيع تحقيق انتصار عسكري حاسم، لأن مفهوم الانتصار ليس واضحا".
وأضاف أن "طريق الحل هو حل سياسي متفاوض عليه بمناقشة كل القضايا المتعلقة بالعدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، وإعادة بناء الجيش والدولة".
وبيّن أن "هذه كلها رؤية متكاملة، وجوهرها الأساسي الحل السياسي المتفاوض عليه، وتبدأ بوقف العدائيات ووقف إطلاق نار شامل".
وتابع: "يليها إطلاق عملية سياسية متكاملة تناقش قضايا الانتقال مثل الحكم الانتقالي، ودستور المرحلة الانتقالية، وهل هي فترة طوارئ أم فترة انتقالية، ومن ثم إعادة البناء والإعمار."
واستطرد: "في رؤيتنا طرحنا أن المسألة تسير نحو اتجاهين، حل سياسي متفاوض عليه، أو المضي نحو كارثة التقسيم، لأنه بواقع الأمر هناك سلطتان، حتى لو ليس لديهما صيغة شرعية دستورية، سلطة في بورتسودان وهي ما تسمى بسلطة الأمر الواقع، وسلطة في المناطق التي تسيطر عليها الدعم السريع."
مناطق النفوذ
وتتخذ «حكومة الأمر الواقع» من بورتسودان عاصمة بديلة للخرطوم منذ تفجر النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023.
وأضاف: "5 ولايات في دارفور باستثناء جزء محدود في شمال دارفور وبقية ولايات دارفور وشمال كردفان باستثناء الأبيض، وغرب كردفان، وجنوب كردفان باستثناء بعض المناطق التي تسيطر عليها حركة مسلحة (الحركة الشعبية/ شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو)، باستثناء بعض المناطق، هذا واقع عملي للتقسيم وخطورته يمكن أن يسير في اتجاه محاولة تقسيم البلاد بين إدارتين."
وتابع: "لكن حسب قراءاتنا فإن المسألة لن تقف عند هذا المستوى، بل في تقديرنا إذا استمرت الحرب فإن السيناريو الأقرب للاحتمال هو أن الدعم السريع والجيش سيفقدان السيطرة على قواتهما ، وستتحول القوات إلى مجموعة كانتونات».
وأوضح أن "كل قوة سيكون لديها منطقة تسيطر عليها، وقد تتحول المسألة إلى اقتصاد حرب متكامل مع لوردات الحرب وهذا سيناريو وارد جدا. ونتمنى ألا يحدث، ونتمنى أن يذهب الناس إلى الحل التفاوضي وهذا هو الطريق الصحيح".
منع الاقتتال القبلي
وأوضح الجاك، أن "الطريق الوحيد لمنع الاقتتال القبلي هو نزع فتيل شرارة الحرب، وحال وصول طرفي النزاع إلى وقف عدائيات ووقف إطلاق نار شامل، فإن حالة الاحتقان الأهلي والقبلي ستتوقف".
وأضاف: "إذا وصل الطرفان القوات المسلحة والدعم السريع إلى اتفاق وقف العدائيات ووقف إطلاق نار شامل، فإن جزءا من الاحتقان الأهلي والقبلي الموجود الآن يمكن أن ينخفض إلى حد كبير، وتتم السيطرة عليه".
ولفت إلى أن "حالة الانقسام المجتمعي العميق التي خلقتها الحرب على أساس عرقي وجغرافي ستكون لها تبعات وتأثيرات وامتدادات، لكن إذا تم حصار الجزء الأكبر من المعركة بين الطرفين المتقاتلين ستصبح قضايا يمكن التعامل معها على مستوى جزئي".
وأضاف أن: «خطتنا هي العمل على وقف الحرب والتعامل معها من جذورها، وشحذ الهمة الوطنية لعدم قبول سرديات الحرب التي ليس لديها أي مشروعية أو قداسة، ونؤمن بأن التعايش بين السودانيين ممكن وليس بالضرورة أن يقضي طرف على الآخر لتكون هناك حياة».
وتابع: "خططنا أيضا تتمثل في رفع الوعي ومحاربة فكرة استغلال الأطراف في الحرب، والوصول إلى حالة توافق مجتمعي، وليس هناك حل غير أننا نكون موجودين في الدولة مع بعض ونتعايش".
أسس الحل السلمي
ومضى الجاك قائلا: "نحن جزء من القوى المدنية، صحيح لا نمثل كل القوى المدنية، لكن تنسيقية (تقدم) تمثل جزءا كبيرا من القوى المدنية الديمقراطية دون شك، وهناك أصوات أخرى في المجتمع المدني، وليس لدينا أي اتجاه لعزلها".
وأضاف: "في رؤيتنا للحل طرحنا فوائد أطلقنا عليها اسم فوائد العملية السياسية، وهي دستور المرحلة الانتقالية، والعدالة، والمحاسبة، وقضية تعدد الجيوش، ومدة دستور الفترة الانتقالية وصناعة الدستور الدائم، وهذه من القضايا التي من المفترض أن تطرح في العملية السياسية".
لا مكان لـ«الإخوان»
وشدد على أن "أطراف العملية السياسية في تقديرنا ستكون جزءا كبيرا جدا من القوى المدنية، والطرف الوحيد الذي نتحفظ عليه هو المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم السابق) والحركة الإسلامية وواجهاتها".
واستطرد: "قدمنا حيثيات ومرافعات، ونؤكد أن الحركة الإسلامية لا يمكن التعامل معها في أي عملية سياسية لأنها لم تقدم أي بوادر للتخلي عن الشمولية والتوجه الأحادي".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلفت نحو 13 ألفا و900 قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقاً للأمم المتحدة.
aXA6IDE4LjIyNS45Mi42MCA=
جزيرة ام اند امز