أسبوع السودان.. مبادرات لحل الأزمة ولعنة "89" تطارد الإخوان
المبادرات الداخلية توالت في محاولة لاحتواء الخلاف بين أطراف الأزمة السودانية عقب تباين المواقف حول الوساطات الخارجية.
حمل الأسبوع الماضي، بشرى من المجلس العسكري الانتقالي في السودان لأسر المعتقلين على ذمة جرائم حرب، وسيل من المبادرات لاحتواء الأزمة السياسية، فيما طاردت لعنة انقلاب عام 1989 تنظيم الإخوان بانتظار أحكام قضائية تصل للإعدام.
- تحذير أممي من تدفق اللاجئين السودانيين إلى إثيوبيا
- "الحرية والتغيير" بالسودان تتسلم مقترحات الوساطة الإثيوبية
وأمام تصاعد الخلاف بين أطراف الأزمة السودانية توالت المبادرات الداخلية، بجانب الوساطات الخارجية، التي يقودها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مسنوداً بمنظمة "الإيجاد" والاتحاد الأفريقي.
انقلاب 98.. لعنة تقود لنهاية الإخوان
يواجه قادة تنظيم الإخوان الإرهابي بالسودان مصيراً قاتما إثر ملاحقتهم قانونيا بتهم تصل عقوبتها للإعدام والمؤبد، بسبب تقويضهم النظام الدستوري والانقلاب على الحكومة المنتخبة عام 1989.
وخطط ونفذ قادة الحركة الإسلامية السياسية (فرع التنظيم الدولي للإخوان بالسودان) حينها بزعامة حسن الترابي الانقلاب، الذي قاده الرئيس المعزول عمر البشير على الحكومة الشرعية بقيادة رئيس الوزراء الصادق المهدي، في الثلاثين من يونيو/حزيران عام 1989.
وعلى مدى 30 عاما مكثها نظام الإخوان بالسودان مارس خلالها انتهاكات إنسانية وفظائع بحسب رصد منظمات حقوقية محلية ودولية، وقد بدأ النظام انتهاكاته بتشريد الآلاف من العمال والموظفين بالخدمة المدنية، وحل محلهم أصحاب الولاء التنظيمي.
ورغم سقوط النظام الإخواني عقب الإطاحة به بثورة شعبية انحاز لها الجيش في 11 أبريل/نيسان الماضي، إلا أن بقايا النظام البائد تحاول العودة إلى المشهد السياسي مرة أخرى بثوب جديد، لكن الدعوى الجنائية التي يواجهونها يتوقع أن تقطع الطريق أمام عودتهم نهائياً.
وخلال الأسبوع الماضي استمعت لعدد من الشهود في الدعوة المرفوعة ضد قادة التنظيم الإخواني، بتهم تقويض النظام الدستوري وفقاً للقانون الجنائي لسنة 1983.
وأشار المتحدث باسم هيئة الاتهام في الدعوة المرفوعة ضد قادة التنظيم الإخواني المحامي المعز حضرة، لـ"العين الإخبارية"، إن هناك قائمة تحوي عددا كبيرا من الشهود ينتظر أن تستمع إليهم، تمهيداً لتحويل الملف إلى المحكمة خلال الأيام المقبلة.
وأكد حضرة أن المتهمين في الدعوى عدد كبير قد يشمل كل قيادات الجبهة الإسلامية السياسية، موضحا أن "العدد الحقيقي للمتهمين سيظهر عقب انتهاء التحري، وقد تشمل قائمة الاتهام كل من شارك الانقلابيين في الحكم بعد 30 يونيو/حزيران".
ويقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي علي الدالي، لـ"العين الإخبارية"، إن "القضية التي يحاكم فيها قادة انقلاب 1989 من قادة الإخوان يتوقع أن تنتهي بهم إلى حبال المشنقة متى توفر قضاء عادل، وأن الفعل الذي يحاكمون عليه يسجل ضمن الجرائم الخطرة ضد الدولة وعقوبتها تصل إلى الإعدام والمؤبد مع جواز مصادرة جميع أموال المدانين".
اتصالات مع الحركات المسلحة
وبالتزامن مع قرار إطلاق سراح أسرى الحرب الذي وجد ترحيبا واسعا في السودان، شكل المجلس العسكري الانتقالي لجنة عليا للاتصال بالحركات المسلحة، بما يفضي إلى إنهاء الحرب وتحقيق السلام في ربوع البلاد.
وفور صدور القرار بتشكيل اللجنة العليا، رحبت حركتا العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وجيش تحرير السودان، بالتواصل مع المجلس العسكري الانتقالي بما يفضي إلى إنهاء الحرب.
واعتبرت الحركتان أن تشكيل لجنة للتواصل معهم خطوة مهمة تجد كل الترحيب من جانبهم، مؤكدة جاهزية قوى الكفاح المسلح للجلوس مع اللجنة والتفاهم معها في قضايا الحرب والسلام.
ووجد قرار إطلاق سراح أسرى الحرب، الذي أعلنه نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان "حميدتي"، منتصف الأسبوع المنصرم، ترحيباً مماثلاً ليس من قبل الحركات المسلحة فحسب، وإنما وسط الشارع والأسر السودانية، لكونه ينهي معاناة عشرات المعتقلين على ذمة جرائم حرب.
واعتبر مراقبون للشأن السوداني، أن تشكيل لجنة للتواصل مع الحركات المسلحة وإطلاق سراح الأسرى خطوة إيجابية تعكس حسن نوايا المجلس العسكري الانتقالي، وتمهد لإنهاء الحرب في إقليم دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
20 مبادرة وطنية
ووفق نائب رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي الفريق ياسر العطاء، فإن المجلس تسلم أكثر من 20 مبادرة وطنية، لكنهم يفضلون التي توافق عليها قوى إعلان الحرية والتغيير.
ولعل أبرز هذه المبادرات تلك التي تقدم بها حزبا الأمة السودانيين، بقيادة الصادق المهدي رئيس الوزراء الأسبق ومبارك الفاضل، التي تضمنتا رؤية متكاملة للوفاق السياسي، إلى جانب وساطات مماثلة يقودها مثقفون وأساتذة جامعات لحل النزاع.
وفي الوقت الذي أجل فيه الصادق المهدي إعلان مبادرته إلى حين اكتمال جهود الوساطة الإثيوبية، قدم مبارك الفاضل مبادرة تقترح تشكيل مجلس رئاسي من 16 عضواً؛ 7 عسكريين وهم أعضاء المجلس الحاليون و9 مدنيين 4 منهم أعضاء أصليون، و5 آخرون أعضاء بحكم مناصبهم في مجلس الوزراء "رئيس الوزراء، ووزراء المالية، والعدل، والخارجية، والحكم الاتحادي".
ونصت على أن يحتفظ رئيس المجلس العسكري ونائبه، برئاسة ونيابة المجلس الرئاسي، مع تعيين نائب آخر من الأعضاء المدنيين.
ودعت المبادرة الى اعتماد دستور السودان الانتقالي لسنة 2005 لإدارة المرحلة الانتقالية، لكون ذلك يحسم الجدل حول أجهزة الحكم وصلاحياتها.
واقترح حزب الأمة تشكيل لجنة حكماء برئاسة، الإمام الصادق المهدي باعتباره آخر رئيس وزراء منتخب، للتشاور ومتابعة تنفيذ بنود هذه المبادرة، لوضع أسس وتصور خريطة المشاركة في المجلس التشريعي.
وشددت على ضرورة توقيع كافة القوى السياسية التي شاركت وصنعت الثورة والمجلس العسكري الانتقالي على ميثاق الفترة الانتقالية، وتمثيل كل المكونات دون إقصاء.
تفاؤل سوداني بالحل
وسادت حالة من التفاؤل وسط خبراء سودانيين، بنجاح المبادرات الوطنية في تحقيق الوفاق السياسي بين المكونات في البيت الداخلي، شريطة ألا تحمل أية مظاهر لأجندات حزبية ضيقة، وإعلاء قيمة الوطن.
وقال المحلل السياسي السوداني حافظ المصري إن "المبادرات الوطنية ستكون أكثر قبولا للأطراف، شريطة أن تكون أهدافها وطنية خالصة بعيدة عن الأغراض الحزبية الضيقة".
وشدد على "ضرورة توحيد كل المبادرات السودانية المطروحة في مبادرة واحدة، حتى يحالفها النجاح".
ومع تواتر المبادرات الوطنية، ما زالت الجهود الدولية والإقليمية لتسوية النزاع في السودان مستمرة، بعد تجسير الفجوة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير.
وخلال الأسبوع الماضي، زارت الخرطوم وفودا من مجموعة الترويكا الدولية التي تضم "بريطانيا، أمريكا، النرويج"، فضلاً عن وصول المبعوث الأمريكي الخاص السفير دونالد بوث إلى السودان، وإجراء مباحثات مع المجلس العسكري الانتقالي، وأطراف أخرى.
وحثت هذه الوفود إلى ضرورة تسريع وتيرة الانتقال وتشكيل هياكل السلطة من القوى المدنية في السودان.
aXA6IDE4LjExOS4xMjUuNjEg جزيرة ام اند امز