مشهد في دارفور بتوقيع الجيش.. طفل مقسوم نصفين وسماء «تمطر موتا»

بينما تتسع رقعة المعارك في السودان، تتحول غارات الجيش السوداني على دارفور إلى مشاهد «رعب» يومية يدفع المدنيون ثمنها الباهظ.
غارة جوية واحدة كانت كافية لتحوّل سوقاً شعبياً إلى مقبرة مفتوحة، وتُقسم طفلاً إلى نصفين أمام ذهول ذويه، وتُغرق الطفلة عيسى ذات العشرة أعوام في دوامة ألم لا تنتهي.
هذا المشهد، المتكرر في قرى دارفور وحدودها، يلخص انهيار خط التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، ويكشف عن تحوّل الهجمات إلى أدوات عقاب جماعي تضاعف مآسي النازحين واللاجئين.
ومع تزايد أعداد الفارين إلى تشاد، تتحدث منظمات الإغاثة عن أزمة إنسانية تخرج عن السيطرة، وسط غارات لا تميّز بين طفل وخصم، ولا بين سوق ومستودع ذخيرة.
غارات الجيش بعيون المدنيين
«كنا نجلس عندما جاءت الطائرة.. في البداية لم أعرف ما هذا الصوت، كنت أظنه صوت مطر وبعد ذلك سقطت القنبلة»، كانت هذه كلمات الطفلة عيسى عبدالله البالغة من العمر 10 سنوات والتي أصيبت في غارة للجيش السوداني على سوق مزدحم في دارفور قبل 10 أشهر.
وتعد عيسى وعائلتها من بين آخر مجموعة من اللاجئين الذين وصلوا إلى تشاد لتلقي الرعاية الطبية في عيادة تابعة لمنظمة «أطباء بلا حدود»، وفقا لما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في تقرير لها.
وأشارت الصحيفة إلى تقرير أصدرته الأمم المتحدة مؤخرا، جاء فيه أن الجيش السوداني نفذ مؤخرا غارات خلفت عددا كبيرا من القتلى، وفاقمت الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تدفع اللاجئين إلى الهرب للمناطق البعيدة من الحدود.
والد الطفلة عيسى يقول عن تلك الغارات: «في ذلك اليوم جاءت الطائرة وحلقت فوق السوق قبل أن تقصفه»، مضيفًا أن شقيقة زوجته فقدت طفلها الذي شطرته الغارة إلى نصفين، في حين أصابت ابنته.
وعن غارات الجيش، قالت زوجته: «إنهم يهاجمون الناس الفقراء الذين يموتون أكثر من أي أحد آخر».
فيما أضافت الطفلة عيسى: جاء الناس وأخذوني إلى المستشفى لكن لم يكن هناك أي علاج وحتى عندما وصلنا إلى المستشفى جاءت الطائرة وقصفتنا أيضا وقتلت الناس. وقام والد الطفلة بتضميد جراحها لكن إيجاد علاج مناسب شكل تحديا حتى وقتنا هذا.
جراح تنزف
وفي محاولة لمداواة جراح السودانيين، وسعت «أطباء بلا حدود» نطاق خدمات عياداتها المتنقلة لتلبي الاحتياجات المتزايدة للاجئين الذين يصلون إليها.
وفي تصريحات لـ«نيويورك تايمز»، قال أحد مسؤولي المنظمة: «عندما نستقبل أشخاصا في حالات حرجة أو بجروح مفتوحة أو كسور فإننا نقوم بفرزهم والحصول على بياناتهم»، مضيفًا: «هناك بعض الأيام التي استقبلنا فيها إصابات يتجاوز عددها المائة شخص».
وقبل أيام، شن الجيش السوداني غارة في سوق شمال دارفور حيث امتلأ المكان بجثث الناس وبعد الغارة، اتُهم الجيش بشن هجمات عشوائية على مناطق المدنيين، لكنه قال إن أي مزاعم بارتكاب فظائع تجاه المدنيين خاطئة تماما.
وبالنسبة لهؤلاء اللاجئين فبمجرد وصولهم إلى عيادات «أطباء بلا حدود»، فإن كل ما يشغل بالهم هو تلقي العلاج قبل التفكير في الخطوة القادمة.
من دارفور إلى الخرطوم.. المعاناة واحدة
انتهاكات الجيش السوداني، لم تقتصر على دارفور، فتحت «ذرائع واهية»، مثل التعاون مع قوات «الدعم السريع»، أضحى القتل العشوائي واقعًا مريرًا يهدد حياة المدنيين في الخرطوم، ويغذي دوامة العنف في ظل غياب أي احترام لحقوق الإنسان.
وكان نشطاء في غرفة طوارئ جنوبي الخرطوم، قالوا في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، إن عناصر بالجيش السوداني، ارتكبت عمليات قتل عشوائي بحق مواطنين أبرياء خارج دائرة القانون، بتهمة التعاون مع قوات «الدعم السريع» في المنطقة.
واستعاد الجيش السوداني وحلفاؤه أواخر مارس/آذار الماضي، جميع الأحياء والمواقع في الخرطوم وجبل أولياء بعد أن ظلت خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع النزاع في 15 أبريل/نيسان 2023.
وطبقا لنشطاء غرفة الطوارئ، فإن عناصر بالجيش السوداني، «ارتكبت انتهاكات جسيمة بحق المواطنين العالقين في الأحياء السكنية، وأخضعتهم للتحقيق والتعذيب العنيف والحرمان من الغذاء والدواء».
وبحسب النشطاء، فإن حملات التمشيط جنوبي الخرطوم التي نفذها عناصر الجيش «اتسمت بالعشوائية وعدم التخطيط، واعتمدت على الاسترشاد بالمواطنين ما أدى إلى تعرض أبرياء إلى الأذى».
aXA6IDE4LjIyMS4xMTMuMTA4IA== جزيرة ام اند امز